أعلن الجولاني يوم أمس فك ارتباط جبهة النصرة مع
تنظيم القاعدة، وحل الجبهة والعمل تحت مسمى جديد "جبهة فتح الشام"، وذلك
استجابة لدعوات كثيرة من أجل هذه الخطوة لأن علاقة النصرة بالقاعدة كانت ذريعة
للأمريكان من أجل منع وصول الدعم للثورة السورية، ولأن الروس يتذرعون بمحاربة جبهة
النصرة.
ولا استبعد الدور القطري في إقناع جبهة النصرة
بهذه الخطوة بحكم العلاقة بين الطرفين، والسؤال الجوهري هو ستحل هذه الخطوة مشكلة
الثورة السورية؟
الخطوة متأخرة جدًا لكن جيدة وفي الاتجاه الصحيح
ولا أتوقع أن يكون لها تأثير حقيقي إلا إذا ترافقت معها عدة أمور:
أولًا:
الأمريكان والروس اعتبروا أن الخطوة لم تغير في شيء وأنها مجرد تغيير أسماء وهذا
متوقع نظرًا لطريقة إعلان فك الارتباط وتوقيته المتأخر جدًا، وأيضًا لأن مصالحهما
تقتضي أن لا يعترفا بأن هنالك تغيير.
ربما ستحاول قطر تسويق هذا التغيير لكن هذا مشروط
بتغيرات كثيرة سواء في تصرفات النصرة أو سيطرة الثوار السوريين على الأرض، فكلما
تراجعوا أمام النظام سيزداد تشبث الأمريكان والروس بشيطنة النصرة والثورة السورية.
ثانيًا: الأمر
الأكثر أهمية هو أن تفك جبهة النصرة ارتباطها الفكري مع القاعدة وليس فقط
التنظيمي، هذا الفكر الذي دفع النصرة لتدمير 11 فصيلًا من الجيش الحر، وإثارة
الفتن الداخلية في صفوف الثورة السورية.
ثالثًا: قدرة
هذا الإعلان على إحداث تغيير في عقلية كوادر ومؤيدي جبهة النصرة والقاعدة والسلفية
الجهادية هي أمر مفصلي، من حيث التخلي عن عقلية المزايدات الصبيانية التي أرهقت
الثورة السورية.
وقد تؤدي هذه الخطوة إلى إخراج العقارب التكفيرية
من جحورها والانشقاق عن جبهة النصرة وهذا شيء جيد في حال تمكنت النصرة من تهميش
هذه العناصر المنشقة والغاضبة لأنه وقتها ستميل النصرة إلى الاعتدال ولو بشكل
بسيط.
لكن المشكلة إن استطاعت هذه العقارب التكفيرية
الانقلاب على الجولاني وتهميشه كما فعلت داعش سابقًا مع الظواهري فوقتها سنعود
لنقطة الصفر.
رابعًا: علاقة
النصرة مع الفصائل الداعشية وبالتحديد تنظيم جند الأقصى الداعشي الذي يعمل على بث
الفتنة في أدلب من خلال سياسة الاغتيالات بحق قادة في الفصائل المختلفة بما فيه
فصائل إسلامية عريقة مثل أحرار الشام وفيلق الشام.
خامسًا: هنالك
جملة ملغومة في كلام الجولاني عن دعوته للتوحد مع جبهة فتح الشام، فهل يقصد العمل
المشترك؟ أم أنه يطلب من الفصائل الأخرى الالتحاق بجبهته؟
إن كانت الثانية فهذا مؤشر سلبي للغاية وفيه
استحضار لتجربة الزرقاوي في العراق ومجلس شورى المجاهدين الذي تحول لاحقًا لداعش
بعد أن قضى على جميع فصائل المقاومة العراقية.
إذن التأثير على الخارج سيكون بسيطًا ما لم تحصل
تغيرات جوهرية لكن التأثير الأهم على الداخل وهذا مشروط بأن تفك جبهة النصرة
ارتباطتها مع فكرة القاعدة الذي خلق الفتنة داخل صفوف الثورة السورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق