السبت، 31 يناير 2015

فهم حركة التاريخ وتزييف الوعي




من أخطر أشكال تزييف الوعي التي أخشاها هو نسبة أي تغيير قادم في المنطقة العربية إلى قوى خفية تدير المشهد من وراء ستار.

فقد قرأت كلامًا كثيرًا في الأيام الأخيرة بعضه تكهنات لا أصل لها، وبعضه هراء محض؛ مثل الكلام عن تغيير قادم مع الملك السعودي الجديد، ولا أدري على أي أساس سوى تمنيات البعض، ومثل أن "أمريكا قررت إعادة الإخوان إلى المشهد".

هنالك مؤشرات لكنها ما زالت أولية على هجمة مضادة تقوم بها الثورات ضد الثورات المضادة، مع التأكيد مرة أخرى أنها ما زالت أولية وربما نكتشف أن بعضها كان مجرد أملًا كاذبًا.

فالانطلاقة الثورية الجديدة في مصر، والانعطافة نحو المقاومة الشعبية المسلحة، وبدء الأمور بالانقلاب ضد الحوثيين في اليمن، وعودة الثوار إلى تحقيق الانتصارات في سوريا، وبوادر انتفاضة خجولة في الضفة، كلها مؤشرات على تغيير قادم، بشرط الاستمرار والتطور في الأيام والأسابيع القادمة.

لكن من الخطيئة الكبرى أن ننسب هذه التغيرات إلى أيادٍ خفية "تعيد ترتيب المنطقة"، لأنها ليست كذلك ولا تسير الأمور في الواقع هكذا، وهذه من طوام التي جلبها علينا صحفيو وكتاب البلاط، الذين يظنون أن الحياة لا تحركها إلا القوى العظمى "أحجار على رقعة الشطرنج".

هنالك أناس يتحركون ويضحون بحياتهم على الأرض ليحققوا أهدافًا يؤمنون بها، وهم بالآلاف وعشرات الآلاف، وينتمون لتيارات وأفكار شتى، ويشتغلون تحت لافتات شتى، وكل يعمل وكل يحصد بقدر ما يعمل، وهذه حقيقة لا يدركها إلا من عاش بالميدان، ولهذا كانت أفضل الكتابات في علم السياسة لمن مارسها قبل أن يكتب مثل ابن خلدون وميكافيللي.

لذا فتحول هذه المؤشرات إلى تغيير حقيقي على الأرض وهجوم مضاد ناجح ملقى على عاتق من يعمل في الميدان، لا من يحلم وينتظر تغيرات تقوم بها أيد خفية.

الجمعة، 30 يناير 2015

ما زرعه الجيش المصري يحصده


أماكن مهاجمة القوات المصرية في العريش


ما زرعه الجيش المصري في الشيخ زويد ورفح المصرية حصده بالأمس في العريش.

فهو تحرك طبيعي من أهل سيناء بعد حرب الإبادة، وإن كان تخوفي من تصدر تنظيمات تابعة للقاعدة للحراك المسلح في سيناء هو سياستها تجاه التنظيمات والأحزاب الثورية المختلفة وتجاه عامة الناس، فهل يتعلم أنصار بيت المقدس من دروس القاعدة أم يكررون نفس الأخطاء؟

التغير في سياسة الإخوان والدفع باتجاه التصعيد الثوري نحو المقاومة الشعبية المسلحة في باقي مصر مؤشر خير، سيجنب مصر من الوقوع في براثن الحروب العبثية للقاعدة، آمل أن يتسع نطاقها بشكل أكبر.

ربما كان من الأفضل تكتيكيًا الانتظار حتى يستنزف النظام في معارك المقاومة الشعبية، قبل توسيع الهجمات في سيناء، لكن في واقع ثوري غير منظم يصعب ضبط هذه الأمور.

الاثنين، 26 يناير 2015

لولا تعزية حماس بالملك عبد الله لانتصرت الثورة السعودية




مشكلة الإعلام العربي في الفترة الأخيرة، وبشكل أكبر في مواقع التواصل الاجتماعي، هي الاهتمام المبالغ به في الرمزيات والشكليات والإغراق بنقاشها، وترك الجوهر وهجره وكأنه لا وجود له.

وأحد الطوام التي صدرها لنا التيار السلفي بكافة تنويعاته، هو النقاش العبثي حول جواز التعزية أو جواز التهنئة، بحيث لا يمر حادث إلا ويفتح معه نقاش طويل وعقيم بين مؤيد ومعارض، ويعاد نفس الكلام بشكل ممجوج وممل.

وكأن التهنئة أو التعزية ليست بعرف اجتماعي وسياسي سائد، قد لا تعجبنا الكلمات أو بعض العبارات، لكن في النهاية هي مجرد مجاملات وشكليات، لا تبعات سياسية أو ميدانية لها!

بيانات التهنئة والتعزية والمواساة والشجب والاستنكار تشكل أقل من 1% من مجمل العمل السياسي، وهنالك قسم يختص بها يسمى العلاقات العامة أو الجهاز الإعلامي، لكنها تحوز اليوم على 99% من النقاش في وسائل الإعلام!!

تمسكنا بالقشور وهي عادة وافدة من التيار السلفي، وأصبنا بالعدوى منهم (بمن فيه من يعاديهم)، وأصبحنا نجتر نقاشات لا طائل من ورائه.

الأمثلة كثيرة لكن سأضرب أمثلة أحاول أن أوضح الفكرة من خلالها، في المسجد الأقصى يوجد اقتحامات يومية للصهاينة وتدنيس وشرب خمور وصلوات يهودية، وغالب المصلين لا يستفزهم ذلك، ولا يوجد سوى قلة من المرابطين (أو بشكل أدق المرابطات) يتصدون لذلك، بينما اليوم ثار أغلب المصلين عندما نعى الخطيب الملك السعودي!

مثال آخر وهو غضب قطاعات واسعة من الشعب الفلسطيني من محمود عباس عندما استنكر خطف المستوطنين الثلاث أو شارك في مسيرة باريس، لكن لا يغضبهم استمرار التنسيق الأمني اليومي.

مع العلم أني فرحت عندما قرر الشارع الفلسطيني (وأخيرًا) الغضب من عباس، لكن التحرك من أجل أمور رمزية وترك الأمور الجوهرية والتعامل معها بلا مبالاة هي طامة كبرى.

نرجو أن نرتقي بفهمنا وأن نتجاوز عن القضايا الرمزية حتى لو كان هنالك خطأ بين، فالقضايا الجوهرية تنتظرنا وهي بلا حل منذ عقود.

السبت، 24 يناير 2015

مسيرات حزب التحرير ضد الرسوم المسيئة


خروج حزب التحرير اليوم في مسيرات برام الله والخليل ضد الرسوم المسيئة، وبالأمس في الأقصى، بينما لا يخرج للتظاهر ضد اعتداءات الصهاينة على الأقصى وشرب الخمور داخله، اسمه "جهاد تكلفة صفر" أو جهاد الجبناء.

أي جهد في الضفة لا يوجه إلى الاحتلال الصهيوني هو مضيعة للوقت وعبث، والضفة الغربية هي عنوان معركة الأمة ضد المشروع الغربي في المنطقة، لمن أراد الاستثمار بالمستقبل، وخاصة مع تعثر الثورات العربية، وأي نهضة للمقاومة في الضفة سيكون أثرها إيجابي على الثورات العربية.

لكن دائمًا نبحث عن الحلول السهلة حتى لو كانت مضيعة للوقت.

الجمعة، 23 يناير 2015

أين أخطأ الطفل محمد معتوق؟




الطفل محمد هاني معتوق (15 عام) من بيت حنينا شمال القدس، وهو طالب ثانوية عامة وحافظ للقرآن الكريم، وقام بتنفيذ عمليتي طعن باستخدام المفك في البلدة القديمة بالقدس، الأولى قبل شهرين والثانية قبل حوالي أسبوعين.

اعتقله الاحتلال في اليوم التالي لتنفيذ عمليته الثاني عندما اختطفته قوة خاصة أثناء توجهه إلى الصلاة في المسجد الأقصى.

أين الخطأ الذي أدى لاعتقاله؟

في رأيي أن الطفل كان موفقًا في تكتيكه وهجماته، فهو طالب مدرسة ومن منطقة بعيدة نسبيًا عن البلدة القديمة، وبالتالي خارج "الشبهات الأمنية"، كان يطعن ويذهب بعدها إلى منزله وكأن شيئًا لم يكن.

الخطأ كان في توجهه إلى صلاة الجمعة بالأقصى وحسب ما أرجح أن هذا الخطأ هو الذي كشفه، لماذا؟

لأن بالبلدة القديمة كاميرات مراقبة تصور كل شيء، ولا بد أنها صورته أثناء العمليتين أو خلال مروره متوجهًا لتنفيذهما، ومشكلة الاحتلال أنه لم يكن شخصًا معروفًا لكن أوصافه عرفت.

ربما عرفوا شكل الوجه، أو على الأقل عرفوا طوله وشكل جسمه الخارجي، وذهابه إلى الأقصى في اليوم التالي جعل من الممكن تحديده، حيث توجد برامج حاسوب تقول لهم هذا الشخص بالمواصفات التي تبحثون عنه، وباستخدام الكاميرات تمكنوا من تتبع مسيره وكمنوا له وأمسكوه.

لماذا أنا متأكد أنا كاميرات المراقبة هي التي كشفته؟ لأن الاحتلال لا يتركون شخص متهم بتنفيذ عمليات طعن دون أن يعتقلوه فور التعرف عليه، ولو عرفوه قبل توجهه إلى الأقصى لاعتقلوه من بيته ليلًا ولم ينتظروا إلى اليوم التالي.

هذه من الأخطاء التي يقع بها منفذو العمليات، وهي التردد على مكان تنفيذ العملية في زمن قصير بعد تنفيذها، وليكن معلومًا أن أغلب الأهداف الصهيونية في الضفة والقدس بما فيه الشوارع الالتفافية مرصودة بكاميرات مراقبة وأجهزة رصد مختلفة.