الأربعاء، 29 أبريل 2015

من أمراض القلوب في عالم السياسة




الكثير من الناس عندهم أمراض وصفها القرآن:

عقيدة المطففين: فإن كان الظلم واقعًا عليهم صرعوا الدنيا مطالبين بحقهم، وإن كان الظلم من جانب أحبابهم وجدوا له ألف مبرر.

وعقيدة عبادة العجل: من خلال تقليد الظلمة بظلمهم، وعندما تسألهم يقولون لك فلان ليس أفضل منا!!



ما حصل في غزة اليوم يكشف هذا المرض لدى بعضًا من أبناء حماس، فما دام المعتدي محسوبًا على حماس فلا مشكلة لديه (ونفس الشيء لدى الدواعش ولدى شبيحة الأنظمة فالمرض منتشر)، وكما رد أحدهم على من تذمر من ظلم داعش "أن تدعس عليكم الدولة الإسلامية خير من أن يدعسكم الأسد".

ودومًا يجدون المبرر بأن السلطة تقمع في الضفة، وهل هي قدوة لكم؟ أم تريدون إلهًا عجلًا جسدًا له خوار تعبدونه مثلهم!

وهنا استحضر قذف أعراض بعض المشاركات في فعالية الحراك، متناسين ما حصل مع فتح عندما قذفت طالبة رفعت راية حماس في جامعة بيرزيت، فانقلب الأمر وبالًا على فتح، لكن لا يتعلمون، وعندهم حب لتقليد الظلم لأن مرض عبادة العجل مشرئب في قلوبهم!

ما كان يضر حماس شيئًا لو مرت المسيرة بدون تخريبها والهجوم عليها، لكنها أمراض القلوب.


ما هي حقيقة "الدردشة" بين الاحتلال وحركة حماس؟



الكلام عن دردشة بين حماس وحكومة الاحتلال فيه الكثير من اللغط:

أولًا: الدردشة في لغة السياسة معناها كلام غير ملزم وأنه لا يوجد اتفاق قريب، وبالتالي لم يكن هنالك داعي لأن يتباهى السيد أحمد يوسف بتبادل المطالب عبر وسيط أوروبي وباستخدام لفظ مثل دردشة.

وخاصة أن السلطة الغارقة في وحل التعاون مع الاحتلال وهي تبحث عن أي شيء لتثبت أنها ليست وحدها في مجال الخيانة وأن الآخرين مثلها.

ثانيًا: صحافة السلطة والاحتلال استغلوا الموضوع ليدخلوا قضايا لم يتم الكلام عنها، مثل الهدنة طويلة الأمد، وذلك ليقولوا أن حماس تسير على درب السلطة.

ما تم الكلام فيه هو تبادل الأسرى والميناء والحصار، ومثلما ذكرت لا يوجد شيء وكلامه عن دردشة يعني أننا أبعد ما نكون عن الاتفاق.

ثالثًا: حلم البعض بأن تغرق حماس في وحل التفاوض والمسار السلمي لن يتحقق، مهما حرصوا على استغلال كل تصريح مثير للجدل يخرج من أحمد يوسف، فلهم سنوات طويلة يبشرونا بسقوط حماس وكل مرة تثبت حماس أنها أكثر تمسكًا بالثوابت.

محمد ضيف حي؟! يا للهول!!




ولو دخلوا جحر ضب لدخلتموه، هذا حال الكثير مع صحافة الاحتلال الصهيوني، فخلال حرب غزة كذب الاحتلال كذبة أن مصير الضيف مجهول وربما مات، من باب رفع معنويات الصهاينة.

ورغم أن كل الدلائل كانت تقول عكس ذلك إلا أننا كنا نحتفل بكلامهم ونعتبره صيدًا ثمينًا ويتناقله الكثير وكأنه قرآن منزل، أو على الأقل يناقشوه ويحللوه رغم أنها كذبة بينة.

واليوم صحافة الاحتلال تقول للصهاينة "كذبنا عليكم"، ويأتي من أبناء جلدتنا من يتصنع الدهشة!! وكأنه واجب علينا أن نعيش أفراحهم وأتراحهم وتفاعلاتهم النفسية وانفعالاتهم.

نسخ ولصق بدون تحليل ولا فهم ولا استيعاب، وترداد كالببغاوات للكذب حتى ونحن نعرف أنه كذب، فقط لأن الكذبة من فم اليهودي كالعسل!! "عقدة النقص" بالمختصر المفيد.

كنت سأتفهم وأفرح لو تناول أحد ما الموضوع من زاوية تحليل مصداقية الإعلام الصهيوني وخضوعه لتوجيهات حكومته، ومتى يكون حرًا ومتى لا يكون حرًا، فهذه دراسة موضوعية للعدو الصهيوني، أما ما نراه في 99% من إعلامنا هو تقليد الغراب لمشية الحجل، فلا هو بقي غراب ولا أصبح حجلًا.

الثلاثاء، 28 أبريل 2015

هل للتصعيد في القدس والضفة علاقة بانتخابات جامعة بيرزيت؟




للوهلة الأولى سيكون الجواب بـ "لا"، فهذه انتخابات طلابية وتلك مواجهات ميدانية، لكن الأكيد أن الوضع الذي ساهم بفوز الكتل هو نفسه الذي يشعل الميدان في الأيام الأخيرة.

لهذا لم يكن صدفةً تزامن الحدثين، فالشارع الفلسطيني بات أكثر اقتناعًا بأن المقاومة هي الحل الوحيد، ومشروع السلطة التفاوضي أصبح نسيًا منسيًا.

ومن ناحية أخرى ففوز الكتلة الإسلامية يساهم بتعزيز الجو العام المتجه نحو المقاومة، مثلما ساهم هذا الجو بفوز الكتلة، ومثلما تساهم المواجهات الحالية في الدفع بفئات جديدة نحو ميادين المواجهات.

فالمقاومة تجر المقاومة، والمقاومة تنتج مزيدًا من المقاومة، وهذا ما يفسر حملة الاعتقالات التي تشنها السلطة الليلة ضد نشطاء الكتلة الإسلامية في الضفة، فالأمر أكبر من مجرد انتقام لهزيمة انتخابية، بل هو سعي لكبح اندفاع الشباب الفلسطيني (وبالأخص الجامعي) نحو خيار المقاومة.

وأخيرًا فإن أثر قضية الطالبة غير المحجبة التي رفعت الراية الخضراء، يتجاوز أثرها على الانتخابات ويتجاوز قضية إثبات أن حماس قادرة على استيعاب الجميع؛ ذلك لأنها كسرت محرمات في الساحة السياسية الفلسطينية.

هذه المحرمات تتمثل بأمرين مترابطين: خوف الناس من المجاهرة بتأييدهم لحركة حماس، وحرص غير المنتمين من الناس على أخذ موقف المحايد بين حماس وفتح، فإن أرادوا انتقاد السلطة وفتح فيجب أن ينتقدوا حماس (حتى لو بشيء كذب) حتى لا يقال أنهم حماس.

جاءت قضية هذه الفتاة لتثبت أنه لن يحصل شيء لمن يجاهر بدعمه لحماس، ولتثبت أنه يمكنك أن تكون محايدًا وأن تمدح حماس بنفس الوقت، وكلا الأمرين يصبان في اتجاه دعم خيار المقاومة، وضرب خيار التنسيق الأمني.

الخميس، 23 أبريل 2015

ما أهمية انتصار الكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت؟




قد يبدو الاهتمام والاحتفال بفوز الكتلة الإسلامية بانتخابات طلابية أمرًا مبالغًا به، وخاصة أنها ذات طابع نقابي وتمثل فئة اجتماعية محدودة، فما الذي يعطي انتخابات مجالس الطلبة في الضفة الغربية هذا الاهتمام؟ وما المميز في انتصار الكتلة الإسلامية؟

خصوصية انتخابات مجالس الطلبة:

أولًا: مقياس قوة التنظيمات السياسية؛ تاريخيًا قبل إنشاء السلطة كانت مجالس الطلبة هي الميدان الوحيد لفحص واختبار شعبية الفصائل الفلسطينية، حيث كان الاحتلال قد عطل انتخابات البلدية وعين مجالس يرأسها ضباط من الإدارة المدنية أوائل الثمانينات، بينما كانت (وما زالت) النقابات المهنية تحمل طابعًا نقابيًا وشخصيًا أكثر من البعد السياسي.

ولعدم انتظام انتخابات المجلس التشريعي (قاطعته حماس عام 1996م)، فتعتبر انتخابات مجالس الطلبة المعيار الوحيد المنتظم لقياس شعبية واقتناع الشارع بالفصائل الفلسطينية.

وتتميز انتخابات مجالس طلبة الضفة بأن البعد السياسي مهيمن عليها ووجود تنافسية عالية بين الفصائل، بحيث أن تقلبات الوضع العام تؤثر على النتيجة.

من فقه الدعوة: كونوا قريبين من الناس




رسالة إلى كل صاحب دعوة ...

شاهدوا الفيديو، وبتفكير أوسع من الكتلة الإسلامية وانتخابات مجالس الطلبة، لاحظوا ما الذي جذبها إلى الكتلة الإسلامية؟

عند ذهابها إلى نشاط للكتلة استقبلتها طالبات الكتلة ولم ينظرن إليها نظرة استنكار (كونها غير محجبة) بل استقبلوها بشكل عادي، وهنا مربط الفرس الذي يجب أن ينتبه إليه كل صاحب دعوة، وهو ضرورة إشعار الناس العاديين أنك مثلهم وأنهم مثلك.

لا تبني حواجز مع الناس، ولا تصنفهم، ولا تمارس الوصاية عليهم، والكلمة الحسنة لا تكفي، ولهذا قال الله تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة"، ومن الحكمة أن تشعر كل إنسان عادي غير مؤطر وغير مسيس أنه يمكن أن يكون مثلك.

لم يخرب الثورة السورية إلا المناهجة الذين انشغلوا بتصنيف الناس هذا علماني وهذا ليس من إخوة المنهج وهذا أشعري وهذا صوفي وهذا وذاك، وأغلب الجيش الحر مثل هذه الفتاة لا علاقة لهم بسياسة أو أيديولوجيات.

إنما أناس عاديون ثاروا ضد الظلم لكنهم وجدوا مناهجة يضعون شروطًا لقبولهم، ومن لم يكن معهم فهو ضدهم، ولو وجدوا من يتقبلهم لكان وضع سوريا اليوم مختلفًا.

باختصار الدعوة ليست محاضرات إنما قدوات، والقدوة ليس بحاجة لأن يتكلم فأفعاله تتكلم عنه وتقنع الناس، فهذه الفتاة لم يطلب منها أحد أن تؤيد الكتلة، لكن المعاملة هي التي تكلمت معها.

الأحد، 19 أبريل 2015

مليونية خلع الحجاب ومهاجمة الإسلام




مهاجمة الإسلام تتخذ أحد شكلين:

الأول: التشكيك والبحث عن الشبهات وإثارتها، وأخطر هذه الأشكال ما يخاطب العقل ويستغل أخطاء فقهاء لم يحسنوا شرح الدين، والرد على هذه النوعية من الهجمات يكون بتفنيد الشبهات بالأدلة والمنطق والبرهان.

الثاني: الاستهزاء والسخرية والشتيمة، وهذه مواجهاتها تتم من خلال تجاهلها وعدم إعطائها أكبر من حجمها، ودليلي على ذلك قوله تعالى: "وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم"، ولم يقل المولى عز وجل فجادلوهم أو ناقشوهم أو ردوا عليهم.
 
فالشتيمة لا رد عليها، ومن يقول لك "99% من العاهرات محجبات" بماذا سترد عليه؟ هل تعتقدون فعلًا أنه يطرح شبهة أم أنه فقط يريد استفزازكم؟

المشكلة أن أغلب ردودنا على هذه الهجمات هي ردود انفعالية عاطفية؛ فالشبهات لا نرد عليها بالبراهين والأدلة، ونكتفي بموشحات "هذا شيعي رافضي ملحد علماني كافر" والشتم واللعن والسباب، بينما نتركه يفتن الناس في دينهم ويستقطب الاتباع والمريدين ونترك شبهاته بلا رد شاف.

أما السخرية والاستهزاء فنضيع وقتنا أيضًا بالشتم والردح والدعاء عليهم، والمضحك أن هنالك من يسخر نفسه ليرد عليهم! فمليونية خلع الحجاب حركة استفزازية الهدف منها إلهاء الناس في معركة جانبية تلهيهم عن الانقلاب والإطاحة بالسيسي.

ونجد الإسلاميون انجروا وراءها وبدأوا يرددون فضائل الحجاب وكأن هنالك فعلًا نساء سوف تستجيب لهذه الدعوة!!

ما يحصل في مصر هدفه زيادة الشرخ في المجتمع ليتجاوز الانقسام السياسي ويصبح انقسامًا دينيًا، وهو استغلال لحلفاء الانقلاب من اليساريين والعلمانيين ليخوضوا معركة مع الإسلاميين نيابة عن الفلول والعسكر، فيحترقون ويستنزفون الإسلاميين بينما الانقلابيون ينامون في أمان وإطمئنان.

ولا أريد الكلام عن الأسلوب الركيك لدى البعض في الرد على الإساءات ما بين من يشبه المرأة بمصاصة فإن كانت محجبة كانت مغلفة بإحكام وإن لم تكن محجبة تجمع النمل عليها، فهل المرأة سلعة استهلاكية؟ الله يرحم مثل سدر الهريسة!!

أو من يضع لنا صور المناديات بخلع الحجاب ليستهزئ من شكلهن، فهل العبرة بأشكالهن القبيحة أم طروحاتهن القبيحة؟ وهل معنى كلامكم أن دعوى خلع الحجاب سيكون مقبولًا لو خرج من إمرأة جميلة؟

ما لم نرتق في خطابنا الإعلامي ونتجاوز مرحلة ردود الأفعال والانفعالات العاطفية، سيبقى الآخرون يجرونا لنخوض معاركهم نيابة عنهم.