في
سجون الاحتلال هنالك ثلاث فئات من الأطفال الأسرى:
بين
عمر 16 و18 عامًا يعاملون معاملة البالغين في الاعتقال والمحاكم والتحقيق، لكن
يسجنون عادة في أقسام خاصة بهم، وهم الغالبية العظمى من الأطفال الأسرى.
بين
عمر 14 و16 عامًا وقد أقر الاحتلال قبل سنوات اعتقالهم ومحاكمتهم لكن الإجراءات في
المحاكم أخف قليلًا من غيرهم.
دون
الـ14 عامًا لا يجيز القانون اعتقالهم لكن هنالك عدد محدود من الأطفال دون هذا
السن معتقلون لدورهم في عمليات طعن ويحتجزون في "إصلاحيات".
يردد
الكثير من المختصين بشؤون الأسرى في الإعلام الكلام عن حقوق الأسرى الأطفال ومن
بين ذلك التشريعات الدولية عن عدم جواز احتجاز الأطفال في نفس المكان مع البالغين.
الواقع
أن هذه التشريعات تلائم دولًا وظروفًا غير واقع الأسرى الأطفال الفلسطينيين، ففي
دول العالم لا يتم اعتقال الطفل إلا إذا تكررت "جرائمه" أو ارتكب فعلًا
كبيرًا لا يمكن السكوت عنه، ويتم إيداعه في إصلاحيات حيث هنالك مختصون اجتماعيون
يتابعون وضعه ويحاولون إصلاحه (ولولا أنه حالة ميؤوس منها اجتماعيًا لما حولوه إلى
الإصلاحية).
في
بعض الدول هنالك فساد ولا تقوم هذه المؤسسات بدورها لكن بكل الأحوال الحكمة من منع
وجود الأطفال بين سجناء بالغين، أن هؤلاء البالغين هم مجرمون (لصوص، تجار مخدرات،
قتلة) وبالتالي هنالك خطر على هؤلاء الأطفال.
في
الواقع الفلسطيني الأمور معكوسة تمامًا فالأطفال الذين يسجنون هم مقاومون ولا
يعانون من انحرافات سلوكية (في غالب الأحيان) بل الكثير منهم "أولاد
ناس" كما في التعبير الدارج.
يستغل
رجال الأمن الصهاينة جهل وضعف هؤلاء الأطفال لانتهاك حقوقهم والاعتداء عليهم
بالضرب لأتفه الأسباب وحرمانهم من أمور يستحقونها، كما أن حياة مجموعة كبيرة من
المراهقين مع بعضهم البعض ولمدة 24 ساعة في اليوم، وبدون رعاية من البالغين هي
جحيم من نوع آخر.
الصهاينة
لا يقومون بدور الراعي وإن قاموا به فمن أجل غسل دماغ هؤلاء الأطفال وابتزازهم
لتجنيدهم لكن أغلب الحالات يتركون الأطفال بدون رعاية كأنهم بالغين.
أحد
الأطفال المحتجزين في "الإصلاحيات" طلب من القاضي أن يعيده إلى الزنازين
(زنازين التحقيق الإنفرادية) لأنه لا يحتمل الحياة في الإصلاحية، فتخيلوا طفلكم
يعيش مع أطفال أكبر منه سنًا مسجونين بتهم خطيرة مثل السرقة والقتل أو ما شابه.
أسوأ
شيء في السجن هو رفاق الأسر السيئون فهم يقلبون الحياة فيها جحيمًا حتى لو كانت في
إصلاحية، ونفس الشيء تقريبًا ينطبق على الأقسام التي يترك فيها 100 طفل أسير مع
بعضهم البعض بدون إشراف بالغين.
وتعتبر
لحظة بلوغ الطفل 18 عامًا وانتقاله إلى أقسام الأسرى البالغين عيدًا عنده، وكأنه
أفرج عنه من السجن، ذلك لحجم المعاناة وتدخل إداراة ومخابرات السجن بحياتهم بطريقة
فجة وقذرة، فضلًا عن الاستغلال وهضم الحقوق.
لذلك
بدلًا من ترداد عبارات عن قوانين دولية كتبت لواقع غير واقعنا الأصل أن تكون هنالك
مطالبة بوجود أسرى أمنيين (مقاومين) مع هؤلاء الأطفال الأسرى لرعاياتهم وحل
مشاكلهم.
وقد
أجرت الصحفية شذا حماد مقابلة مع
الأسير المحرر موسى حامد والذي أمضى 12 عامًا في سجون الاحتلال، روى فيها
تجربته مع أطفال سجن عوفر، حيث أن الأسرى قد مارسوا ضغوط على إدارة السجن لتسمح
بوجود بالغين في تلك الأقسام ليحلوا مشاكلهم.
وقد
أمضى في قسم الأشبال (الأطفال) 25 شهرًا يرعاهم ويحل مشاكلهم، وهي مدة طويلة جدًا
لمن يعرف مشاكل المراهقين التي لا تنتهي، واتعجب من قوة تحمله للبقاء طوال هذه
الفترة.
وتكلم
عن ذلك الطفل الذي أتاهم مصابهم وقد نهشته كلاب جنود الاحتلال، وعن آخر أصيب بنزيف
داخلي حاد في الكبد كاد يودي بحياته نتيجة ضربه لدى اعتقاله، كلها انتهاكات خطيرة
فاحتمالية تعرض الأسير الطفل للضرب أكبر بكثير من البالغ، حيث يستغل المحققون
ورجال الأمن خوف الأطفال من الشكوى وعدم معرفتهم بحقوقهم.
فالواقع
يقول أن الأطفال الأسرى بحاجة لوجود أسرى بالغين معهم يرعوا مشاكلهم، والأسرى
الأمنيين (المقاومين) لا خوف منهم مثلما الحال مع السجناء الجنائيين، بل يقدمون
الرعاية المطلوبة.
كما
أن حالات الضرب وانتهاك آدمية الأطفال على يد الاحتلال منتشرة وبشكل واسع لكن لا
متابعة حقوقية أو إعلامية، إلا إن تكرمت قناة إعلامية عبرية وأعدت تقريرًا عن ذلك،
وهذا لا يحصل إلا نادرًا، وللأسف عقد النقص الإعلامية لدينا تفرض إهمال أي جريمة
صهيونية لا تمر من خلال الإعلام العبري.
فإلى
متى يستمر تقصير المؤسسات الحقوقية وممارسات أعمالها بشكل روتيني لا يعالج المشاكل
ولا يكلفون أنفسهم بالسماع من الأسرى أصحاب المعاناة مما يعرفون المشاكل ويعرفون
حلولها؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق