مع
قرار حكومة السلطة إجراءات انتخابات المجالس البلدية والقروية في الثامن من شهر
تشرين أول القادم، أي بعد أقل من أربعة شهور، تثور مسألة مشاركة حماس وأنصارها في
هذه الانتخابات.
السلطة
تريد انتخابات تفوز بها حركة فتح، ولو شعرت بأن الانتخابات لن تفرز فتح فستفكر
جديًا بتأجيلها أو إلغائها كما فعلت في مناسبات كثيرة سابقًا، وبما أن حركة حماس
تعامل معاملة التنظيم المحظور في الضفة الغربية فالساحة الانتخابية شبه فارغة.
في
المقابل فحركة حماس أمام خيارات صعبة فلو قررت المشاركة فستكون في ظل ظروف غير
نزيهة مطلقًا، في ظل منع المطابع ومحلات الدعاية من التعامل معها، وملاحقة مصادر
تمويلها، واعتقال نشطائها.
وفي
المقابل فهي عندما تترك الساحة لحركة فتح فهي تغيب نفسها وتساعد فتح بتعزيز
تواجدها في المجتمع الفلسطيني وهذا سر قوة فتح في الضفة، فرغم أنها تنظيم مكروه
وبلا إنجازات وطنية ومليء بالفساد لكنه التنظيم الوحيد أمام الناس فيضطرون للتعامل
معه وإظهار الولاء له طمعًا في المكاسب.
المشكلة
داخل حركة حماس ومثل أكثر الإسلاميين أن الحل الأسهل والمفضل هو المقاطعة،
ويعتبرونها إنجازًا، يتركون السلطة تتمدد وتتغول على المجتمع ويكتفون
"بإحراجها" إعلاميًا، علمًا بأن السلطة لا تستمد قوتها من صورة إعلامية
جميلة بل من صورتها الإعلامية المخيفة، الوحش الذي لا يستطيع أحد الوقوف في وجهه.
صحيح
أنها مجرد خدمات بلدية والكلام عن تحسين الخدمات في ظل الاحتلال هو كلام فارغ، لكن
حماس يجب أن تفكر بالتأثير على الانتخابات للأسباب الآتية:
أولًا: لأن السلطة تستغل البلديات لتمرير أجنداتها
التطبيعية والسياسية المتهالكة، وفي أكثر من موقف كانت البلديات المسيرة فتحاويًا
خنجرًا مسمومًا في العمل الشعبي المقاوم عبر العمل كوسيطً لصالح أجهزة السلطة الأمنية.
ثانيًا:تستغل السلطة البلديات من أجل التحكم بحياة
الناس، فعندما تتحكم فتح بالوزارات والأجهزة الأمنية والبلديات وكل مفاصل الحياة،
فمن الطبيعي أن تجد كثيرين يتعاملون مع فتح ويؤيدونها ويتملقون لها.
لا
تطلب من الناس أن يتمردوا على السلطة وهم يجدونها في كل مكان، أجعل البلديات
متنفسًا لهم، غير الوجوه فبدلًا من أن يروا وكيلًا للأجهزة الأمنية فليروا شخصًا
محايدًا.
والسؤال
المهم كيف ستشارك حماس في الانتخابات وهي ممنوعة من العمل بالضفة؟ وجوابي أن تشارك
من خلال تشجيع الناس على انتخاب قوائم "مستقلة" وقوائم مهنية فيها
تشكيلة من تيارات عدة إسلامية وغير إسلامية، وأن تسمح لمؤيديها المشاركة بهذه
القوائم حتى تقدم بديلًا للناس، فلا يبقوا رهائن بيد فتح والسلطة.
طبعًا
لا يعني دعم القوائم المستقلة تلك القوائم المنشقة عن فتح، لأنها في اليوم التالي
للانتخابات ستعود لحضن فتح وتعلن ولاءها للسلطة ومحمود عباس (مثل ما يحصل دائمًا)،
كما أن التجربة أثبتت أن هذه القوائم لا تقل سوءًا عن القوائم الفتحاوية الرسمية
مثلما حصل عند ترشح غسان الشكعة كفتحاوي منشق في انتخابات بلدية نابلس، وبعد وصوله
لرئاسة البلدية وصلت مواقفه وتصرفاته حدًا يصفه الكثيرون بالعمالة.
فاجتماعاته
مع قادة المستوطنين وعلاقاته الاجتماعية مع قادة جيش الاحتلال تجعل محمود عباس أبو
الوطنية مقارنة به.
المطلوب
من حماس في هذه الانتخابات أن تتصرف بطريقة عملية تفشل أهداف السلطة:
أولًا: السماح بشكل واضح لأنصارها بالمشاركة في الانتخابات
ترشيحًا وانتخابًا (الترشيح على أساس فردي وليس حزبي)، وأن يكون موقفها واضحًا لأن
المواقف المتناقضة تربك جمهور الحركة.
ثانيًا: دعم جميع القوائم المشكلة على أساس مهني أو أساس
سياسي مناهض لأوسلو (مثل بعض القوائم اليسارية).
ثالثًا: تنظيم الانتخابات البلدية في غزة وإن كان لديها
حساسية من الخضوع للسلطة، فلتنظمها في وقت تختاره هي، أما عدم تنظيمها في غزة فهذا
يرسل رسائل سلبية جدًا كما أنه غير صحي إداريًا وسياسيًا.
وبإمكان الحركة أن تعامل فتح في غزة مثلما تعامل السلطة حماس في الضفة حتى تكون عامل ضغط على السلطة وتثير إعلاميًا مسألة حظر عمل حماس في الضفة.
وبإمكان الحركة أن تعامل فتح في غزة مثلما تعامل السلطة حماس في الضفة حتى تكون عامل ضغط على السلطة وتثير إعلاميًا مسألة حظر عمل حماس في الضفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق