منذ
أن كتبت قبل أسبوع مقالًا بعنوان "هل بدأت السلطة تفقد سيطرتها على الضفة؟"
قبل أسبوع حصلت عدة أحداث في الضفة الغربية تؤكد تآكل قدرة السلطة على الردع وحكم
الضفة بالحديد والنار.
بعض
هذه الأحداث تتعلق بأعمال انفلات أمني وإطلاق نار في جنين ونابلس ضمن خلافات فتح
الداخلية، وبعضها الآخر لها خلفية زعرنة وتحرش بالنساء كما يحصل في نابلس،
ومواجهات بسبب إزالة البسطات وسط نابلس، وهي أحداث دلالاتها هامشية كونها مشاكل
داخل البيت الفتحاوي.
هنالك
حدثين يدلان على انكسار "هيبة السلطة" في عين المجتمع وكسر قدرتها على
ردع الحاضنة الشعبية للمقاومة:
أول
أمس كان هنالك مداهمة لبيت فجار من أجل ملاحقة السيارات غير القانونية (المشطوبة)
فخرج أهالي للقرية للتصدي للأجهزة الأمنية وقاموا برشقها بالحجارة وحصلت مواجهات.
السيارات
المشطوبة لها ثلاثة أبعاد: بعد مقاوم حيث يفضلها المقاومون لأنها غير مسجلة ويصعب
تتبع مالكها ولأنها رخيصة الثمن، وبعد اقتصادي حيث يشتريها قطاع واسع من محدودي
الدخل غير القادرين على شراء سيارات قانونية، والبعد الأخير هو قيام مراهقين بشراء
هذه السيارات وقيادتها بطريقة متهورة والتسبب بحوادث.
السلطة
تتذرع بالبعد الثالث أي حوادث السير بينما الحقيقة أنها تريد التضييق على
المقاومين عبر حرمانهم من سوق السيارات المشطوبة، بينما السكان في بيت فجار وغيرها
يعارضون حملة السلطة لأسباب اقتصادية حيث أن معيشة الكثيرين من أصحاب الأعمال
البسيطة ستضيق بشكل كبير لو صودرت سياراتهم.
الحدث
الثاني هو تصدي أهالي مخيم جنين يوم أمس الاثنين لجهاز الأمن الوقائي عندما اقتحم المخيم
لاعتقال نشطاء من الجهاد الإسلامي على خلفية سياسية، وسابقًا كان الناس يخافون
مجرد انتقاد الاعتقالات السياسية لكن يبدو أننا وصلنا مرحلة كسر الخطوط الحمراء.
ما
ساعد السلطة على التغول خلال الفترة التي تلت الانقسام عام 2007م هو صمت المجتمع
والرأي العام الفلسطيني، ووقتها صمت المجتمع الفلسطيني لسبين :
1-
اعتقاد الرأي
العام أن من حق السلطة وفتح الانتقام من حماس على خلفية ما حصل في غزة.
2-
دعم الاحتلال للسلطة وأن مواجهة السلطة تعني
مواجهة الاحتلال والسلطة معًا.
ويبدو
أن سنوات الصمت انتهت فقد اكتشف المجتمع الفلسطيني أن الانتقام من حماس كان مجرد
شماعة ارتكبت باسمها خطايا كثيرة لا تغتفر، كما أن انتفاضة القدس كسرت حاجز الخوف
من الاحتلال ومن السلطة.
باعتقادي
لن نرى انفجارًا كبيرًا في وجه السلطة لكن توالي هذه الأحداث الصغيرة سيؤدي إلى تحجيم
السلطة وكسر هيبتها وقدرتها على ردع المجتمع الفلسطيني وأبناء الفصائل، لن نرى
فرقًا كبيرًا خلال الأيام والأسابيع القادمة لكن على مدى الأشهر القادمة سنلمس
الفرق بفعل تراكم أحداث صغيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق