اليوم علمت أن منظرة تنظيم داعش على الفيسبوك
الدكتورة إيمان مصطفى البغا هي ابنة لأحد المشايخ السوريين المحسوبين على نظام
الأسد، وهي معلومة ليست جديدة لكنها كانت غائبة عني.
ما يلفت نظري أن دواعش العراق يقودهم رجال
الأجهزة الأمنية السابقة لصدام حسين، وفي سوريا الكثير منهم كانوا يدورون في فلك
النظام، أما في ليبيا فدعم أزلام القذافي لهم أوضح من ضوء الشمس، وفلسطينيًا
فالكثير من أنصار وكوادر التنظيم والمحسوبين عليه قادمون من حركة فتح.
لا أؤمن بنظرية المؤامرة لكن كل هذا التواجد
لأبناء الأنظمة الاستبدادية في تنظيم داعش يثير تساؤلات هامة، بالنسبة لي أفسر ما
يحصل بأن الإنسان ابن بيئته وقد وجد هؤلاء القادمين من أنظمة ثورجية متهالكة
أنفسهم خارج التاريخ بعد انهيار أنظمتهم (صدام حسين والقذافي) أو فقدان شرعية هذه
الأنظمة (آل الأسد وحركة فتح) فبحثوا عن إطار يجمعهم.
وتنظيم داعش مثل تربة خصبة تجذبهم بحيث أثرت
عليهم وأثروا عليها ويمكن أن نلمس هذا الأثر المتبادل بالآتي:
1- تنظيم شعاراتي يحارب أمريكا بالشعارات
ويستخدمها حجة لخوض حروبه ضد المرتدين، تمامًا مثلما تفعل تلك الأنظمة تستخدم
شعارات محاربة أمريكا لقمع شعوبها.
2- العداء الشديد للإخوان المسلمين ولكل التيارات
الإسلامية بكافة توجهاتها بشكل عجيب، وهذا امتداد لحقد هذه الأنظمة على الإخوان
والإسلاميين لكن بغلاف جديد أنهم كفرة ومرتدين وعملاء وصحوات، فقط القشرة التي
تغيرت لكن المضمون نفسه.
3- عدم الإيمان بحق الشعوب باختيار ممثليها
واحتقار المجتمعات المحلية واعتبارهم فئة بشرية دنيا يجب أن تقاد بحد السيف، ونرى
هنا تطابقًا بين تلك الأنظمة وداعش.
4- الإيمان بأنه يجب أن تكون هنالك سلطة واحدة
وعدم استيعاب وجود منافسين حتى لو كانوا من ذات اللون.
5- الانجذاب نحو شكليات الدولة والعيش في ظلها
والتفاخر بأشكال القوة والسيطرة والهيمنة على حياة الناس وأقدارهم.
6- الإيمان المشترك بين هذه الأنظمة وداعش بأن
محاربة العدو القريب أولى من محاربة العدو البعيد (محاربة المعارضة أولى من محاربة
أمريكا وإسرائيل).
7- اتقان داعش لعبة الحكم واخضاع المجتمعات
العربية لأن الكثير من قادتها وكوادرها قدموا من أنظمة احترفت حكم واخضاع هذه
المجتمعات.
هكذا شكل هؤلاء القادمين من الأنظمة الثورجية إلى
داعش فكرها، وهكذا جذبت غيرهم من نفس الطينة ومن نفس البيئة الاجتماعية، وتبلور
لدينا نظام الأسد ونظام القذافي ونظام صدام ونظام عرفات لكن بلحية ولباس أفغاني.
ولهذا لطالما اعتبرت داعش تنظيمًا خارج الصف
الإسلامي، واعتبرته نتيجة للأنظمة العربية لكن ليس ردة فعل على جرائمها بل
امتدادًا لهذه الأنظمة، ولهذا فهو عدو للشعوب والثورات العربية، وعدو خبيث جدًا.
وفهمه كان غامضًا على الكثير من الناس الذين ظنوه
أنه مجموعة من الإسلاميين المتشددين، بينما في الواقع هو تجمع لمجرمي الأنظمة
العربية اكتشفوا أن موضة القومية والتقدمية قد انتهت فاتبعوا موضة الإسلام.
طبعًا لا يعني أن هذا التنظيم لا يحتوي على أشخاص
من خلفيات اجتماعية أخرى، لكن هذه الفئة هي التي شوهت فكر داعش بحيث انتجت مسخًا
قل نظيره في التاريخ، مسخًا هو نتاج للعلمانية العربية بعد أن تدثرت باسم الدين
وأجرمت باسم الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق