الأحد، 27 مارس 2016

عدالة "إسرائيل": اعتقال الجندي قاتل الشهيد عبد الفتاح الشريف




المهزمون نفسيًا (وما أكثرهم) ينظرون بعين الإعجاب لقيام جيش الاحتلال باعتقال الجندي الذي أعدم الشهيد عبد الفتاح الشريف والتحقيق معه، ويعتبرونه دليلًا على أن "إسرائيل" دولة قانون ولو كانت مجرمة وأنها أفضل من الأنظمة العربية.

وهنا يجب الرد على هذه المغالطة المفضوحة بالآتي:

أولًا: هذا الجندي أراه أقل إجرامًا من الجنود في الفيديو المرفق والذي يوثق قتل الشهيد عبيدة ماهر القدسي عام 2009م.

أطلقوا عليه النار في 26/8/2009م وكما نرى نكل به جنود الاحتلال وهو مصاب بشكل بالغ، ورغم أنه كان يستطيع الوقوف والحركة إلا أنه نزف بشكل كبير، وبقي في المستشفى يعاني آلام الإصابة حتى استشهد بعد أقل من عشرين يومًا بتاريخ 13/9/2009م.

من الأكثر إجرامًا برأيكم: الذي يقتل مصابًا أم الذي يترك مصابًا يتعذب بجراحه حتى الموت؟
 
الحادثة في الفيديو حصلت قبل انتفاضة القدس بكثير عندما كانت الضفة شبه هادئة، ولا يوجد مبرر الهوس من عمليات الطعن، مع ذلك لم يحاسب الجنود ولن يحاسبوا لأنهم "قاموا بعملهم" حسب جيش الاحتلال.

ثانيًا: ممارسة ترك الأسير ينزف حتى الموت وأحيانًا ضربه هي ممارسة شائعة في انتفاضة القدس وقبلها، وهنالك توثيق لبعض هذه الحالات لكن لم تتم المحاسبة إلا في حالات نادرة جدًا.

ثالثًا: أحد الحالات النادرة للمحاسبة كانت حادثة إطلاق النار على رجل أسير مقيد ومعصوب العينين في بلعين، والأسير لم يكن مقاومًا بل رجلًا بسيطًا تصادف وجوده في مكان مواجهات.

يومها تم توثيق كيف أوقف الضابط الأسير المقيد والمعصوب العينين وطلب من جندي إطلاق النار على رجله بدون مقدمات، والجندي أطلق النار وأصابه.

وثقت تلك الحادثة بكاميرا فيديو ولم يكن مناص للاحتلال من الاعتراف بالخطأ، وقرروا تشكيل لجنة تحقيق، فهل تعرفون ما كانت نتيجة اللجنة؟

أن الضابط كان يمزح مع الجندي وأن الجندي لم يدرك أن ضابطه كان يمزح وظن أنه يتكلم بشكل جدي، وأن الجندي نفذ الأوامر، وبالتالي الموضوع كله سوء تفاهم، ولم يتم عقاب الضابط (لأنه لم يتعمد إصدار أمر إطلاق النار) ولا الجندي (لأنه نفذ الأوامر).

رابعًا: في حادثة قتل الشهيد عبد الفتاح الشريف الجريمة موثقة بشكل لا يتيح للاحتلال التنصل من الجريمة، وعلى خلاف نظام السيسي الانقلابي يعرف الصهاينة جيدًا أن إنكار المسؤولية لن يفيدهم بل سيجعل غضب العالم عليهم أكبر.

فقاموا بحركة ذكية باعتقال الجندي وتصويره بالقيود حتى يلقوا عليه المسؤولية بشكل فردي ويبرأوا أنفسهم من فعلته، والتي لو لم توثق لأنكروها بشكل تام، وهكذا هم يعاقبونه لأنه أطلق النار أمام الكاميرات وليس خلفها.

خامسًا: من الآن بدأت المقدمات لتبرئة الجندي من خلال الزعم بأنه خشي أن يكون الشهيد مفخخًا وقتله حتى لا يفجر نفسه، وهنالك حملة جمع تواقيع بين جنود وقادة جيش الاحتلال للمطالبة بالإفراج الفوري عن الجندي.

ويتصدر حملة "الدفاع" عنه الوزير نفتالي بينت والذي يصر على أن الجندي قام بواجبه ولم يخطئ.

سادسًا: وعليه فأكثر ما يمكن أن يواجهه هذا الجندي هو السجن بضعة أشهر بتهمة مخالفة التعليمات، وليس بارتكاب جريمة قتل متعمدة.

وهكذا تخدع دولة الاحتلال العالم والمغفلين من أبناء جلدتنا وتقول لهم "أنا دولة قانون"، نعم هي دولة قانون الغاب ولا يشفع لها إجادتها أدوار التمثيل.

ليست هناك تعليقات: