الثلاثاء، 1 مارس 2016

حول الأموال الإيرانية الموعودة لأهالي الشهداء والمهدومة منازلهم




أولًا:  هنالك رقابة مالية مشددة من قبل الاحتلال وبمعاونة السلطة وأمريكا (نعم أمريكا بحكم سيطرتها على كل بنوك العالم) من أجل منع وصول أي مساعدات لأهالي الأسرى أو المقاومين أو حركات المقاومة في فلسطين، سواء في الضفة أو غزة.
 
في غزة الوضع أفضل قليلًا بالنسبة لهذه الأمور كون حماس المسيطرة لكن يبقى الحصار الخارجي وخضوع البنوك في غزة لتعليمات السلطة.

ثانيًا:  بالتالي وصول أي دعم إيراني (أو غيره) إلى أهالي الشهداء والمهدومة منازلهم شبه مستحيل، وبالأخص إن كان الكلام عن إيصال بطريقة مباشرة فهو مستحيل بشكل تام.
 
يجب اتباع طرق التفافية وغير مباشرة طويلة ولن يكون الوصول إلى الجميع أمرًا ميسرًا.

ثالثًا:  في الضفة الغربية أي شخص يقوم بإيصال مساعدات إلى أهالي الأسرى أو الشهداء من جانب جهات "إرهابية" يعتقل مرتين: مرة لدى السلطة ومرة الاحتلال على نفس التهمة، وهنالك العشرات يسجنون سنويًا بتهمة إيصال الأموال من حماس إلى هؤلاء الأشخاص ولفترات طويلة.

وأكثر من ذلك في كثير من الأحيان يعتقل أهل الأسير أو أهل الشهيد بتهمة تلقي مساعدات وتصادر الأموال ويسجنون لفترات طويلة.

رابعًا : تقوم حركة حماس بإيصال المخصصات المالية لأهالي الأسرى والشهداء (غالبًا لمنتسبيها لكن في أحيان كثيرة لغيرهم خاصة من غير المنتمين لأحزاب)، ومن تهدم منازلهم وغيرهم من المتضررين من أفعال الاحتلال.
 

لكن بفعل الإجراءات المشددة التي بدأت منذ أحداث أيلول 2001م (نعم لها دخل لأن أمريكا فرضت الرقابة المشددة على بنوك العالم بعد تلك الأحداث)، ووصلت ذروتها عام 2005م حيث انطلقت حرب مسعورة ضد مؤسسات حماس في الضفة ومصادرة للمؤسسات والأموال والممتلكات، فهذه المساعدات غير منتظمة ولا تصل لكل الناس.
 
ورغم ذلك فحماس لم تيأس وهي تخاطر بأبنائها وعناصرها من أجل إيصال المساعدات، وكل ذلك يتم بصمت وبدون جعجعة.

خامسًا : تقدم السلطة مخصصات للأسرى من خلال هيئة شؤون الأسرى، ولأهالي الشهداء من خلال منظمة التحرير، وهي من أموال دافع الضرائب الفلسطيني وليس من أي جهة أخرى.
 
 وهي توزع مبدئيًا على الجميع رغم وجود حركات نذالة من السلطة؛ مثل قطع مخصصات عن بعض الأسرى المحررين بحجة أنهم "ضد الشرعية"، أو حرمان الأسير الذي سجن بتهمة حيازة سلاح أو إيصال أموال مساعدات للأسرى (تبييض أموال كما تسميها السلطة)، أو عدم دفع المخصصات لشهداء حرب غزة الأخيرة بحجة عدم وجود ميزانية.
 
وهنالك ضغوط على السلطة دولية وصهيونية لوقف هذه المخصصات بحجة أنها دعم للإرهاب، والسلطة تتجاوب جزئيًا معها لكن بشكل عام هي مساعدات تصل لأكثر مستحقيها (وتوجد حالات فساد طبعًا).

سادسًا:  في انتفاضة القدس كان هنالك حملات شعبية لجمع التبرعات لمن هدمت منازلهم في أكثر من منطقة، ورغم أن التبرعات محدودة نوعًا ما، إلا أن لها بعدًا آخر في إثارة عمل الخير والانتماء الوطني في صفوف الشعب الفلسطيني، ولا أظن أن الاحتلال سيسكت طويلًا عن هذه الحملات لأنها تساعد أهالي المقاومين على الصمود، وهذا يتناقض مع أهداف الاحتلال.

سابعًا:  وعليه فالإعلان الإيراني هو مجرد استعراض إعلامي، ووصول الأموال إلى مستحقيها مشكوك فيه، ولو كان يهمهم مصلحة أهالي الشهداء والمهدمة بيوتهم لتبرعوا بالسر حتى لا يفتحوا عيون الاحتلال على الموضوع.
 
 وكان بإمكانهم تسهيل وصول الأموال من خلال جهات دولية مقبولة (مثل الأونروا) أو التنسيق مع السلطة، لو كان الهم مصلحة أهالي الشهداء، وهنالك آليات للرقابة على السلطة تضمن عدم سرقتها أو استخدامها لأمور أخرى، وكافة الدول المانحة لا تثق بالسلطة وتطبق إجراءاتها الخاصة للرقابة.

ثامنًا:  الإعلان الإيراني بهذا الضجيج العالي يضر القضية الفلسطينية، وسيستغلها الصهاينة ليقولوا أن الفلسطينيين يرسلون أبناءهم للموت من أجل تلقي المساعدات الإيرانية، مثلما استغلوا تبرعات صدام حسين سابقًا، وسيستغلونها أيضًا للضغط على الجهات المالية والخيرية في العالم من أجل المزيد من خنق الشعب الفلسطيني بحجة تلقيه الدعم من "دول إرهابية".

تاسعًا:  لفت نظري هجوم السلطة على إيران بسبب دعم أهالي الشهداء، في الوقت الذي يتفق الطرفان على دعم نظام الأسد في محاربته للشعب السوري.
تطبيق عملي للتعاون على الإثم والعدوان والاختلاف على البر والتقوى.

عاشرًا:  أكثر من أثار الموضوع في الإعلام هو مناهضو إيران وسياستها، وهم خدموها من حيث لا يدرون، بأن صوروها بأنها تريد دعم الشعب الفلسطيني وأنهم يعارضون ذلك!
 
 ما زال أداء خصوم إيران الإعلامي سيئًا ولا يحسنون عرض قضاياهم إلا ما رحم ربي.

حادي عشر:  لا أقبل المزايدة على أهالي الشهداء أو المتضررين، فمن تشرد وفقد معيله محتاج لكل مساعدة، وليس مطلوبًا منه أن يتشرط على الجهات التي تساعده، فإسرائيل تحاصرهم والسلطة تحاصرهم وأمريكا تحاصرهم، فليسوا بحاجة لحصار جديد ومزايدات جديدة.

ليست هناك تعليقات: