عملية فندق بارك: السبب المباشر لاجتياحات عام 2002 |
مرت علينا يوم السبت الماضي (29/3) ذكرى اجتياح الضفة أو ما يسميه الاحتلال عملية
السور الواقي، والتي كان السبب المباشر لها تفجير فندق البارك (عملية الاستشهادي عبد
الباسط عودة).
كان للاجتياحات الدور الأكبر في ضرب المقاومة المسلحة في الضفة الغربية، وعلى
رأسها كتائب القسام، وأكثر من ذلك استنزفت العمليات الاستشهادية حركة حماس بكافة أجنحتها
العسكرية والدعوية والإعلامية، وغيبت قيادات الحركة من الصف الأول والثاني والميدانية
ما بين السجون والاستشهاد.
ولم تتوقف هذه الضربات حتى اليوم، حيث تلتها ضربة "نبش القبور"
عام 2005م والتي استهدفت قيادات حماس بمن فيهم من "تقاعد" وغاب عن المشهد
منذ زمن، ثم تلتها أحداث الانقسام والمشاركة الفاعلة للسلطة في ملاحقة حماس.
وحماس في الضفة لم تمتلك ذلك الزخم بالقيادات مثل غزة، كما أن تركيز ضربات
الاحتلال كان كبيرًا، ربما لحماس شعبية كبيرة في أكثر مناطق الضفة، لكنها لا تملك بنية
تنظيمية قوية قادرة على استغلال هذه الشعبية بالشكل الأمثل.
كما كان لاستفراد الاحتلال بعرفات وحصاره وقتله والإتيان بمحمود عباس بعده،
لتستكمل حلقات ضرب المقاومة وتصفيتها في الضفة.
والنتيجة كانت فجوة تنظيمية كبيرة داخل حماس نرى اليوم نتائجها غيابًا لدور
الحركة على الأرض، وفوق ذلك أورثت تلك المرحلة قتلًا لروح المقاومة في الضفة، وانتشار
ثقافة "تعبنا من المقاومة" و"بدنا نعيش"، وانتشر اليأس والإحباط
الذي ما زال ملموسًا حتى اليوم.
السؤال الآن ماذا لو لم تنفذ حماس عملية البارك؟ وماذا لو خففت من وتيرة العمليات
الاستشهادية في ذلك الوقت؟ وماذا لو لم تستنزف كامل قيادتها العسكرية والدعوية والسياسية
في معمعان المقاومة المسلحة؟
هل كان ذلك سيؤخر الاجتياحات لبضعة أشهر؟ أكان تأخير المواجهة سيغير المعطيات
على الأرض؟ خاصة وأن عمليات أيلول 2001 كانت ما زالت حاضرة وبقوة، والكثير من الدول
رفضت الوقوف إلى جانب عرفات أو الشعب الفلسطيني بتأثير ذلك الجو.
ألم تكن العمليات الاستشهادية محرقة للعمل التنظيمي بحكم الانكشاف السريع
للخلايا المخططة والمنفذة؟ ألم يكن الأجدر التركيز على أشكال المقاومة المسلحة الأخرى
(مثل إطلاق النار) خاصة وأنه كان للقسام تجارب ناجحة فيها خلال انتفاضة الأقصى مثل
خلية سلواد وعين يبرود؟
طبعًا أطرح هذه الأسئلة بعيدًا عن البعد الأخلاقي والمبدئي للعمليات الاستشهادية
ضد العدو الصهيوني، والتي أراها مشروعة بدون أدنى نقاش، إنما أتكلم عن البعد الميداني
والتكتيكي.
الكلام في الموضوع اليوم لن يغير الماضي، إنما يفتح آفاقًا للتفكير تفيدنا
في المستقبل، خاصة وأن الكثير من الشباب يربطون عودة المقاومة في الضفة مع عودة العمليات
الاستشهادية، والذي لا أراه شرطًا ضروريًا على الإطلاق، لأسباب كثيرة:
تبدأ مع جدار الفصل العنصري والإجراءات الأمنية المشددة بما يصعب جدًا تنفيذ
هذه العمليات، وتمر تجربة الحركة مع هذا النوع من العمليات التي كانت محرقة للكادر
التنظيمي، ولا تنتهي مع الرأي العام العربي والعالمي الذي لم يعد يستسيغ العمليات الاستشهادية
خاصة وأنها أسيء استخدامها في المنطقة العربية وبات اسمها مقترنًا مع استهداف الأبرياء
والتفجيرات العبثية للقاعدة وداعش.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق