الثلاثاء، 18 مارس 2014

اللي بدري بدري، واللي ما بدري بيقول كف عدس




""
اللي بدري بدري، واللي ما بدري بيقول كف عدس
""

قصة هذا المثل الشعبي أنه خلال أحد مواسم الحصاد عندما كان يترك الفلاحون بيوتهم ويذهبون إلى الحقول، ضبط ذات يوم أحد الفلاحين بإحدى القرى زوجته مع أحد الرجال في موقف غير أخلاقي، فذهب واستل المنجل ولحق بالرجل ليقتله.

أثناء فرار الرجل أخذ بيده حفنة عدس، وركض نحو مجموعة من رجال القرية، فلما رأوه يحمل "كف عدس" والفلاح يلحق به ويحمل المنجل ليقتله، استنكروا على الفلاح الأمر وقالوا له "بدك تقتله علشان كف عدس، عيب عليك".

الفلاح كان بين أمرين: إما أن يفتضح أمر خيانة زوجته وأن يستجلب العار لنفسه، أو أن يترك غريمه يفلت من العقاب، فاختار أن لا يخبرهم بالسبب الحقيقي خجلًا من العار الذي سيلحق به، وقال كلمته التي أضحت مثلًا "اللي بدري بدري، واللي ما بدري بيقول كف عدس".

ومثل هذا الفلاح من هو أسوأ منه، أي بعض الأنظمة العربية التي تلاحق الشرفاء وتحاربهم، ولا تقول السبب الحقيقي، بل تخترع أسبابًا واهية مثل كف العدس أو أقل منه، وذلك خجلًا من السبب الحقيقي الذي من فعل أيدي هذه الأنظمة والحكام (وليس من فعل زوجاتهم).
 
ومن الأمثلة على ذلك:

أولًا: حصار غزة من جانب الانقلابيين كل يوم في سبب أسخف من أخيه، مرة لأن فلان العلاني من غزة رفع إشارة رابعة، ومرة لأن حماس "فكرها" إخواني.

ثانيًا: تدمير أنفاق غزة لأنها تضر بالأمن القومي المصري، ولا أحد يشرح بطريقة مقنعة كيف تضر، لكن المهم أنها تضر، فهنالك شماعة لما لا يمكن تفسيره من قرارات اسمها الأمن القومي.

ثالثًا: السعودية والإمارات قطعوا علاقتهم مع قطر، لأن الأخيرة سياستها تضر بمصلحة المواطن الخليجي، طيب احكوا التفاصيل خلونا نفهم.

رابعًا: الحكومة المصرية تقول أنها لن ترجع سفيرها إلى قطر حتى تحقق الأخيرة مطالبة سياسية معينة، طيب احكوا شو هي، أو خجلانين تحكوا؟

خامسًا: قام الملك عبد الله بطرد حماس من الأردن عام 1999م، بدون إبداء أسباب واضحة، إلا بعض الأسباب العدسية: مثل وجدنا مسدس في مكتب حماس بعمان.

سادسًا: أعلن عن الإخوان المسلمين جماعة إرهابية في السعودية، لأنها أساس الفتنة، طيب اشرحوا شو عملوا الإخوان بالضبط لحتى صاروا أصحاب فتنة؟

سابعًا: مرسي تم الانقلاب عليه وحظر الإخوان في مصر، لأنهم وعدوا بأن لا يرشحوا شخصًا للرئاسة ثم رشحوا، ولأنهم انفردوا بقراراتهم ولم يشاوروا "الثوار"، وأخيرًا لأن الديموقراطية ليست صندوق اقتراع.

ثامنًا: السلطة ترفض الإفراج عن المعتقلين السياسيين في الضفة كمقدمة للمصالحة، لأنه يجب "القضاء على أسباب الانقسام" بالأول، ويجب أن تعود غزة إلى الشرعية، ما حد بحكي بالسبب الحقيقي (التنسيق الأمني).

تاسعًا: الاحتلال يرفض إنجاز اتفاقية مع السلطة لينسحب بعدها من الضفة، متذرعًا بيهودية الدولة (أي أن يقول الشعب الفلسطيني: إسرائيل دولة اليهود)، وذلك لأنه لا يريد القول أنه "لا يريد سلام"، ولا أنه يريد ابتلاع الضفة كاملةً.

كل ما ذكرته وغيره هي أمثلة على "كف عدس" يتذرع به القوم، ليخفوا السبب الحقيقي الذي يحرجهم (أو يخزيهم)، وإن كان هنالك دافع لديهم ليخفوا أسبابهم الحقيقية، فلا شيء يبرر سذاجة البعض الذين يصدقون هذه الروايات الركيكة رغم أن شمس النهار تسطع في عينيه.

ليست هناك تعليقات: