عندما كنت طالبًا بالثانوية حصلت على كتاب عن فقه الجهاد للشهيد عبد الله
عزام، ولفت نظري غلافه الملون والمصقول (كانت عملة نادرة في تلك الأيام)، لا أذكر أكثر
ما جاء في الكتب، وقد ضاع مني في أحد المخابئ التي كنت استخدمها للكتب الممنوعة أيام
الانتفاضة الأولى.
وكان مما علق في ذهني مسألة ناقشها الشهيد وهي التمثيل بجثث الجنود السوفيات،
وعرض رأين لأهل العلم: رأي يحرم التمثيل على الإطلاق، ورأي يبيحه فقط من باب المعاملة
بالمثل.
وبعد أن استعرض الأدلة استقر رأيه على التحريم بالمطلق، إلا بحالة وهي مساومة
الروس على أن يوقفوا جرائهم مقابل وقف التمثيل بجثثتهم واشترط لهذا الاستثناء أن يغلب
الظن أن الروس سيتجاوبوا مع هذا العرض، وإلا فالتحريم.
علقت هذه الفتوى في ذهني لأني استهجنت وقتها "حنية" الشيخ على السوفيات،
وإن كانت نظرتي اليوم تختلف تمامًا فالحق أحق أن يتبع.
لكن ما يلفت نظري اليوم هو مراهقي داعش في الواقع وعلى
الإنترنت، كيف تأتيهم الجرأة وبرود القلب ليفرحوا قطع رؤوس المسلمين (وليس السوفيات
الشيوعيين الكفار) وعرضها كأنها فواكه في الحسبة، وعندما تناقشهم تحسب أنهم يتكلمون
عن لعبة على الإنترنت وليس أرواحًا تزهق وجثثًا يمثل بها.
هذا يعطينا فكرة جيدة عن مدى ضحالة وصيبيانية الحالة القاعدية، جهل على تعصب
أعمى على استباحة للدماء على عجز عن تمييز الحلال من الحرام، ظلمات فوق ظلمات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق