الخميس، 4 سبتمبر 2014

سلواد: قرية العلم والأدب والجهاد و"حماس"




أقام شبان القرية مساء أمس حاجزًا من الحجارة على الطريق رقم 60 المار قرب القرية، وكان الشبان الملثمون يفحصون السيارات المارة وتحطيم زجاج سيارات المستوطنين بالحجارة (نقلًا عن الصحفي معاذ حامد).

والمميز في هذا الحدث هو أن المتاريس والحواجز عادة ما تنصب في أزقة المخيمات أو شوارع القرى الضيقة، وليس على شارع استيطاني عريض ومحروس بأبراج وكاميرات مراقبة، وقبل أسابيع أثناء حرب غزة قاموا بإغلاق الطريق.

إلا أنهم طوروا عملهم هذه المرة وبقوا عند الحاجز يفحصون السيارات المارة ويقومون بالواجب مع سيارات المستوطنين، بما يذكرني بإنطلاقة ثورة عام 1936م التي كانت شرارتها بحاجز نصبه الشيخ فرحان السعدي (أبرز تلاميذ القسام) على طريق نابلس - طولكرم، وكان يفتش السيارات المارة بحثًا عن اليهود وقام بتصفية عدد منهم.

وتاريخ سلواد مع المقاومة والنضال قديم قدم ثورة عام 1936م وقد شهدت جبالها نشاطًا للثوار، وأقام الأنجليز في الواد أسفل منها عند عيون الحرامية مركزًا للشرطة، وبرز من جارتها التوأم قرية المزرعة الشرقية أبو إبراهيم الكبير (خليل عيسى) والذي كان أحد أبرز رجال القسام، وتولى قيادة مجموعة عرفت بالدراويش في منطقة حيفا (والدراويش في ذلك الوقت كانت تطلق على المتدينين والملتزمين كافة وليس فقط الصوفية).

يطل على قرية سلواد تل العاصور ثالث أعلى قمة جبلية في فلسطين (ارتفاع 1016م)، وعدد سكانها حوالي العشرين ألفًا، إضافة إلى آلاف المغتربين في أمريكا والدول العربية، والذين ساهموا بارتفاع دخل أهالي القرية والتي تنتشر فيها قصور الأثرياء من أبنائها المغتربين، في مشهد قد يراه البعض متناقضًا مع ثورية القرية وتاريخها النضالي.

كما تعرف بنسبة التعليم العالية فيها، ومنها الأديب والشارع المرحوم فتح الله السلوادي، وافتتحت فيها شعبة للإخوان المسلمين منذ أربعينيات القرن الماضي.

وهي قرية رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، وهي أيضًا قرية قائد كتائب القسام في الضفة الغربية الأسير إبراهيم حامد، وهو إلى جانب نشاطه الجهادي والمقاوم، كان باحثًا في مركز الأبحاث التابع لجامعة بيرزيت ثم جامعة القدس المفتوحة، وأصدر عدة دراسات عن القرى الفلسطينية المدمرة (لمن أراد أن يبحث عن أعماله فليبحث تحت اسم إبراهيم مرعي).

وكما خرج من سلواد ابن حركة فتح ثائر حامد منفذ عملية عيون الحرامية عام 2002م، حيث استهدف حاجز جيش الاحتلال الذي أقيم قرب مركز الشرطة البريطانية القديم، حيث قتل بـ24 رصاصة فقط 11 جنديًا ومستوطنًا وأصاب آخرون، في عملية أشعلت خيال الناس فقد كان يقنص الجنود والمستوطنين وهم لا يعلمون من أين تنهمر الرصاصات.

وسلواد من أهم معاقل حماس في ريف رام الله وهي كبرى قرى المحافظة، ومنها خرجت خلية سلواد القسامية والتي كان لها سلسلة من العمليات النوعية، أبرزها عملية عين يبرود والتي شهدت تصفية جنود الاحتلال عن "مسافة صفر".


لم تنقطع علاقة سلواد بالجهاد والمقاومة حتى في أحلك سنوات التنسيق الأمني، فهي تشهد مواجهات منذ حوالي العامين على خلفية توسع مستوطنة عوفرا القريبة من القرية، ومنها خرج إسلام حامد والمسجون لدى السلطة منذ أربعة أعوام بتهمة إطلاق النار وإصابة اثنين من المستوطنين الصهاينة.



وازدادت وتيرة هذه المواجهات في الأشهر الأخيرة وخصوصًا خلال حرب غزة، وكانت وما زالت حتى اليوم بؤرة مقاومة عنيفة، لدرجة دفعت الاحتلال قبل حوالي الأسبوعين إلى إغلاق مداخل القرية بالسواتر الترابية عقابًا لأهلها، فكان رد شباب القرية فتح الطرق المغلقة، ثم التصدي لقوات الاحتلال عند محاولتها إعادة إغلاقها.

واليوم يكملون مشوار طويل بدأ عام 1936 مع الثورة الفلسطينية الكبرى ولن ينتهي إلا بالتحرير، ومثلما أخرجت لنا مناضلين مميزين أمثال خالد مشعل وإبراهيم حامد وثائر حامد، فهي تبتكر وسائل مميزة في مقاومة الاحتلال، قد تبدو مناسبة للمرحلة الحالية.

ليست هناك تعليقات: