يقولون أن صورةً تسوى ألف كلمة، وهنا فالصورة تسوى ألف رصاصة،
فحربنا مع الاحتلال بهذه المرحلة هي حرب استنزاف نفسي بالدرجة الأولى، وهذه الصورة
تساهم برفع معنويات الفلسطينيين وكسر معنويات المستوطنين الصهاينة.
هي تكسر الصورة الشرسة والمخيفة لعصابة "تدفيع الثمن"
الصهيونية، وما يطلق عليهم فتيان التلال من غلاة المستوطنين المتعصبين، وستشجع مواطنين
فلسطينيين في أماكن أخرى على التصدي لهم وإيقاع الأذى فيهم.
عدد الشبان الذين تصدوا للمستوطنين لم يكن أكبر بكثير منهم،
ولولا جبن المستوطنين (مع أنهم يفترض كونهم من عصابة إجرامية أن يكونوا شجاعًا) لما
استطاع الشبان أسرهم وإيذائهم.
فالشبان لم يكونوا مسلحين بأكثر من حجارة وعصي، ويبدو أنهم
لم يحسبوا حساب هكذا موقف، فكان الاكتفاء بضربهم وإنزال الدماء منهم، وأخذ صورهم وهم
بوضعيات مهينة وبرأيي أن هذه الصور أكثر أثرًا من أن لو قتلوهم بعيدًا عن الكاميرات.
السلطة تدخلت من خلال عناصرها في القرية من أجل إنهاء عملية
احتجازهم وتسليمهم لسلطات الاحتلال، وأغلب الفلسطنيين الذين يظهرون في الصور هم من
رجال السلطة وفتح الذين جاؤوا لينهوا عملية الاحتجاز.
مع ذلك فسيجعلهم الصهاينة يدفعون الثمن هم وكل من شارك بعملية
الاحتجاز، حتى يردعوا غيرهم من الفلسطينيين، وفي مثل حالات مشابهة فقد حكم على المشاركين
بالضرب لفترات سجن تصل إلى خمسة أعوام، أما رجال السلطة فلو استطاعوا أن يثبتوا أنهم
لم يشاركوا بالضرب فربما يخرجون من السجن بعد بضعة أشهر.
أما من يقولون لماذا لم يقتلوهم، فبكل تأكيد لم يفعلوا
ذلك رأفة أو رحمة بهم، لكن مثل هذا القرار بحاجة لاستعداد نفسي وميداني، خاصة أن
تداعياته على الشباب سيكون السجن المؤبد وربما هدم منزل الأهل، فهل الكل مستعد
لدفع هذا الثمن؟ وكيف سيقومون بذلك أمام الكاميرات وأمام أشخاص يثقون بهم وآخرين
لا يثقون بهم؟ وما هي خطة الهروب؟ وما هو السلاح الذي سيستخدم في القتل؟ فقتل تسعة
عشرة مستوطنًا بالحجارة والعصي ليس عمليًا.
لذا لم يكن من المنطقي توقع من الشبان أكثر مما حصل، وما
حصل ليس بالقليل لا من حيث النتائج الإعلامية والمعنوية ولا من حيث الثمن الذي
يتوقع أن يدفعه الشباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق