الثلاثاء، 28 يناير 2014

ماذا نصدق وماذا نكذب؟ ليست كل اللحى نفس الشيء



ليست كل اللحى نفس الشيء.
هنالك لحية مشايخ،
وهنالك لحية زعران،
وهنالك لحية نصاب عامل حاله شيخ،
وهنالك لحية واحد كسلان ليس في مزاج لحلاقتها.
بالتالي من الخطأ أن نقول كل أصحاب اللحى مشايخ، ومن الخطأ أيضًا أن نقول كل أصحاب اللحى نصابين.
الساذج والسطحي من يعمم وصفًا واحدًا على كل أصحاب اللحى، والنبيه والفطين من يستطيع التمييز بينهم، وإن كان أحيانًا يصعب تمييز النصاب (مثلًا) بدون أن تتعامل معه وتختبره إلا إن كنت صاحب فراسة ونباهة مميزين.

وبالمثل هنالك من تلبس الجلباب عن عقيدة ومبدأ،
 وهنالك من تلبسه موضةً،
وهنالك من تلبسه لأنها عادات وتقاليد مجبورة عليه.
ومرة أخرى من الخطأ التعميم ويجب أن نفرز قبل أن نحكم.

ومهما كنا أصحاب نباهة وفطنة وذكاء إلا أن الخطأ وارد، وقد نحكم على الشخص فيخيب ظننا.

وما ينطبق على عالم الأشخاص ينطبق أيضًا على عالم الأفكار والأخبار:
فليس كل منتقد لك يريد الخير، وفي المقابل ليس كل كلمة نقد يقصد بها إحراجك.
وليس كل رأي يحترم، وليس كل رأي يستحق "التطنيش".
 
هنالك من اعتاد الكذب فيحق لي أن أشكك بما قال، بينما هنالك من اعتدت صدقه فمن الطبيعي أن لا أدقق بكل كلامه وأن آخذه وأنا مرتاح، إلا إن بدت لي علامات أخرى.
هنالك معلومات مصدرها بحاجة لتوثيق، وهنالك مصادر أنا واثق من كذبها، وهنالك مصادر عادة ما تكون موثوقة، وهنالك مصادر إن تكلمت عن حزب ما لم تكن منصفة (إما انحيازًا له أو ضده) وإن تكلمت عن غيره كانت منصفة.
هنالك من ينتقدك فيكون لك ناصحًا مفيدًا فتشكره، وهنالك من ينتقدك فيكون جاهلًا حقودًا فلا يستحق أن تلتفت لكلامه.
هنالك رأي مخالف قد ترى فيه وجهة نظر أخرى، وهنالك رأي لا يستحق أن تنظر فيه، وهنالك آراء تساوي أحرفها ذهبًا، وهنالك آراء هي أقرب للهراء.
وما بين هذا وذاك ستجد أمورًا في الوسط.

فليس كل مخالف يستحق الاحترام، وليست كل نصيحة تستحق السمع، وفي الوقت نفسه لا تعادي كل من خالفك ولا تتبع كل نصيحة تسدى لك.

والذكي الفطن يعرف ما يصدقه من أخبار وما يكذبه، ويعرف ما يطلب عليه الدليل وما لا يحتاج لدليل، ويعرف من يصدق ومن يكذب، ويعرف الذي يصدقه إن أحضر له دليل ويعرف الذي يكذبه لو أحضر له ألف دليل.

أما السطحي الساذج فكل ما تقول له بحاجة لدليل، أو كل ما يسمعه صدق قد نزل من فوق سبع سماوات، وعنده كل ما خالف رأيه هو انتقاد وتجريح، ولا يستطيع التمييز بين الفكرة المخالفة التي يمكن احترامها وبين الهراء والتجريح.

 الناس سواسية لكن ليس في كل شيء، فالعلم يرفعهم فوق بعضهم درجات، والإيمان يسمو ببعضهم على بعض، فلا يصح أن تعامل كل ما تسمع بنفس المسطرة ونفس الحكم.

الحياة فيها ألوان كثيرة وليس أبيضًا وأسودًا فقط، وفي تفاعلك مع ما حولك يجب أن تعرف متى تستخدم الأحمر القاني، والأخضر المورق، والأسود القاتم، والأبيض النقي، وإلا فقد وقعت في فخ السطحية والسذاجة.

ليست هناك تعليقات: