السبت، 20 يونيو 2020

المتضرر الأكبر من عملية الضم



يعتقد الكثيرون أن عملية ضم الأغوار والمناطق "ج" سيكون أثرها شكليًا فقط، فالضفة كلها تحت سيطرة الاحتلال كما يقولون، وآخرون يعتقدون أن السلطة هي المتضرر الوحيد بسبب انتهاء حل الدولتين، إلا أن الواقع أخطر بكثير.

فالاحتلال لن يقدم على هذه الخطوة التي ستكلفه الكثير فقط من أجل مكاسب شكلية، سيقوم بتهجير فلسطينيين بحجة عدم حصولهم على تصاريح، وسيصادر مساحات واسعة بحجة أن سكانها يعيشون خارج دولة الاحتلال – أي مناطق السلطة وذلك وفقًا لقانون “أملاك الغائبين”.

أكثر الناس تضررًا هم سكان المناطق الشرقية في الضفة: رابا وتياسير وطوباس وطمون وبيت دجن وبيت فوريك ويانون وعقربة ومجدل بني فاضل ودوما والمغير وكفر مالك والطيبة ورمون ومخماس وأبو ديس والعيزرية وحزما والسواحرة والعبيدية والخان الأحمر وعرب الجهالين وعرب التعامرة وعرب الرشايدة وبني نعيم ومسافر يطا وعرب الكعابنة وغيرها، هذا فضلًا عن غور الأردن وسكانه.

سيقوم الاحتلال باقتطاع أراضٍ واسعة من هذه القرى وسرقتها وفق قانون “أملاك الغائبين”، لا يوجد تفاصيل أو خرائط حتى الآن وقد يتفاوت حجم الخسارة من قرية إلى أخرى لكن “المكتوب واضح من عنوانه”.

نفس الشيء حصل مع المناطق الحدودية شمال وغرب الضفة بعد النكبة، حيث خسر الأهالي أراضيهم التي وقعت داخل حدود دولة الاحتلال، ولعل المثال الصارخ على ذلك مدينة قلقيلية إذ أنه وفق اتفاقية الهدنة في رودس عام 1949م تم ضم الأراضي الزراعية شمال وغرب وجنوب المدينة إلى دولة الاحتلال، ومنح أصحابها تصاريح من أجل الوصول إليها، لكن الاحتلال أوقفها بعد عام ثم صادر الأراضي وأصبحت اليوم مسلوبة مثلها مثل يافا وحيفا.

تبعات ذلك أن مدينة قلقيلية اليوم تعاني من الفقر والاكتظاظ السكاني والبطالة العالية وأسوار مرتفعة تحاصرها، وما سيحصل في القرى الشرقية لن يختلف كثيرًا لو مر مخطط الضم كما يريد نتنياهو.


ومثال آخر هو قرية الولجة التي تقع جنوبي غربي القدس، فقد دمرت واحتلت القرية الأصلية عام 1948م وأعاد الأهالي بناء قريتهم على ما تبقى من أرضهم داخل الضفة الغربية، بعد النكسة قام الاحتلال بضم جزء كبير من القرية الجديدة إلى مدينة القدس والتي يعتبرها جزءًا من “دولة إسرائيل”.

لم يتغير الكثير على أهالي الولجة لسنوات طويلة لكن منذ سنوات قليلة بدأ الاحتلال ينصب الحواجز، ويمنع دخول أجزاء القرية التي ضمها إلى دولته وبدأ حملةً مسعورة لهدم وتهجير أهالي القرية.

سيخسر أهالي المناطق الشرقية في الضفة أراضيهم وموارد رزقهم وسيتحولون إلى مناطق معزولة وفقيرة، وهذا لن يحصل مرةً واحدةً فالاحتلال خبيث ولا يقدم على هكذا خطوة صادمة حتى لا يواجه بردة فعل عنيفة.
سيبدأ بخطوات لجس النبض مثلما يفعل هذه الأيام:

حواجز مفاجئة على الطرق المؤدية للأغوار، ووضع مكعبات اسمنتية على مداخل قريتي المغير ودوما، وإزالة علم فلسطين عن سطح بلدية بردلة.

الخطوة التالية ستكون وضع حواجز دائمة على مداخل المناطق التي سيضمها، ثم سيشترط الحصول على تصاريح لا يمنحها إلا لأصحاب الأراضي، ثم سيمنحهم التصاريح مرة ويمنعها في المرة التالية ويصنفهم هذا ممنوع أمني وهذا غير ممنوع، بعدها سيمنع الجميع من الحصول عليها وفي النهاية يصادرها بحجة أن أصحابها غائبون، وقد تمتد هذه العملية لخمس أو عشر سنوات.

نصيحتي لأهل هذه المناطق لا تسمحوا لأحد أن يضحك عليكم أو يطمأنكم، فإن تحركتم اليوم فستفشلون المشروع برمته أما إذا سكتم فلن ينفعكم أحد، ولا تستمعوا لوعود مسؤولي السلطة وقياداتها الذين سيحاولون نزع فتيل أي تحرك شعبي غاضب، بحجة إعطاء القيادة فرصة. سيعطونكم حلولًا ترقيعية وفي النهاية سيأخذ الاحتلال ما يريد، وهم سيحصلون على رواتبهم وبطاقات الـ VIP وسيتركونكم تواجهون مصيركم القاتم وحدكم.

ونصيحتي لكل وطني وغيور في الضفة لا تضيعوا هذه الفرصة التاريخية لإفشال مشاريع الاحتلال، ولا تكرروا أخطاء الماضي فثمن السكوت أكثر بكثير من ثمن المقاومة 

ليست هناك تعليقات: