يطل علينا النشطاء كل فترة بقصص عن هدم منازل في غزة أقيمت على أراضٍ حكومية، ويجعلون منها مادة لحملات إعلامية شرسة ضد حكومة المقاومة في غزة، بذريعة أن الشرطة استخدمت القوة لطرد الناس وهدم منازلهم.
وللأسف ينساق خلفهم عدد كبير من شباب الحركة وأنصار المقاومة بحجة الموضوعية وقول كلمة الحق، ويتبنون روايات جهات مغرضة تكرر منها الكذب وتشويه الحقائق.
ليس هكذا الإصلاح ولا الموضوعية: أن تهاجم حكومة المقاومة بالحق والباطل فقط ليقال أنك موضوعي وتنتقد الخطأ، أولًا تأكد من وجود الخطأ وثانيًا الأخطاء الصغيرة لا يجوز تكبيرها وعملها قضية رأي عام، حتى لا يحصل بنا مثلما حصل مع مرسي عندما انساق الكثير من المخلصين خلف إعلام الثورات المضادة وبدلًا من إصلاح أخطائه جاءنا السيسي.
إن لم يكن الانتقاد متوازنًا وبنفس حجم الخطأ سيأتي بنتائج عكسية تمامًا.
ما حصل مع أم جبر وشاح وفي حالات عدة بالفترة الأخيرة ناجم عن أخطاء من الناس أنفسهم، بتعديهم على الأراضي الحكومية وهي مشكلة قديمة ومعقدة في غزة، والحكومة بذلت جهدًا كبيرًا لتصويب الأوضاع وهنالك من يشوش عليها لأسباب معروفة.
هذه مشكلة تفاقمت بسبب إهمال من حكم غزة ابتداءً من المصريين وانتهاءً بالسلطة، وحصلت فوضى كبيرة والبناء وسط الشوارع والاستيلاء على أرضٍ حكومية.
والمشاكل لها أبعاد أخرى حيث أن الكثيرين يملكون أراضٍ توارثوها عن أجدادهم لكنها مسجلة رسميًا باسم الحكومة، ورغم مرونة القانون بضمان حقهم إلا أن هنالك من يستغل ذلك ليأخذ أراضٍ ليست له ولا لعائلته من أجل التجارة والتكسب.
بدأت الحكومة الخضراء منذ عام 2010م بوضع حد لحالة الفوضى، واتخذت إجراءات مع مراعاة الحقائق على الأرض مثل أن الكثير من هذه التعديات نتج عنها منازل يعيش فيها ناس منذ أجيال، رغم أنه في الكثير من الدول يقال لهم "القانون لا يحمي المغفلين" ويطردون بدون مراعاة أو رحمة.
بناء عليه فالحكومة تراعي الناس وأحوالهم والأمر الواقع الناجم عن إهمال من حكم غزة سابقًا، إلا أن هنالك حالات لا يمكن السكوت عنها مثل التعديات الجديدة على الأراضي الحكومية، وقد رأيت في الشهور الأخيرة حالتين نشرها النشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي.
يأتي شخص ويبدأ بالبناء على أرض حكومية من أجل فرض أمر واقع، وعندما تطلب منه الحكومة وقف البناء يرفض ثم يأتي بأقاربه ويتصدى للهدم وتحصل مشكلة ثم يبدأ الناس بلوم الحكومة والمقاومة.
في أحد الحالات بدأ أحدهم بالتجهيز لبناء الأساسات، فجلس معه ممثلون للحكومة بوجود وسطاء واتفقوا جميعًا على أن يزيل المعدات ويتوقف عن البناء خلال 48 ساعة، لتتفاجأ في اليوم التالي قيامه بصب الأساسات واستكمال البناء، وبالتالي أرسلت الحكومة جرافات وقامت بهدمها وصور النشطاء الحادث واستقدمت النساء لمهاجمة الشرطة والصراخ والعويل.
في حالة أم جبر وشاح كان هنالك غرفة قديمة مبنية على جزء من الطريق العام، ولولا أن هذه الغرفة تعطل السير وحركة الناس لما تم المساس بها، وهدمها من أجل المصلحة العامة وليس من أجل مصلحة مسؤول.
وهنالك قرار محكمة وهذه القرارات لا تؤخذ بين يوم وليلة بل تستغرق شهورًا وسنوات، وتبليغ مسبق بالهدم وحتى عائلة وشاح والجبـ.ـهة الشـ.ـعبية قالوا نحن مع تطبيق القانون، فلا أحد مختلف على مشروعية الهدم لكن يزعمون أن "الطريقة" غير مناسبة، علمًا بأن المحتجون هم من ضربوا وألقوا الحجارة على الشرطة وأصيب قائد القوة وآخرون.
ولم يضرب أي من رجال الشرطة أم جبر وشاح أو غيرها من النساء، ويبدو أن الذي حصل هو وقوعها على الأرض نتيجة التدافع الذي حصل في المكان، ولهذا لم ينشر النشطاء فيديوهات للشرطة وهي تضرب أم جبر لأنه ببساطة لم يحصل، اكتفوا بنشر فيديو لأم جبر وشاح وهي على حمالة.
ومشكلة البناء في الطريق العام قديمة في غزة ووصلت في مرحلة من المراحل إلى إغلاق الشارع بشكل كامل، وهذا يتأذى منه جميع الناس فقيرهم وغنيهم، وحصلت حملات كثيرة لإزالة هذه التعديات وهي تحصل في كل دول العالم والحكومات تفتخر بها وتعتبرها إنجازات لها.
إلا في غزة هنالك من يحرض الناس على رفض قرارات حكومة المقاومة، ويقول لهم هذه مليشيات انقلابية ولا يحق لها ذلك ويحرصون على تعبئة الناس، يفشلون في أحيان كثيرة لكن في الأحيان القليلة التي ينجحون يستغلونها إعلاميًا ويضخمون الحدث وللأسف هنالك من ينساق وراءهم.
وفي كل العالم سنجد متعدين على الحق العام يرفضون الاحتكام للقانون ويقاومون تطبيقه، لكن لا نرى هذه الحملات الإعلامية ولا تتحول إلى قضية رأي عام سوى في غزة، لأن هنالك من يحرص على التقاط أي حدث في غزة وتضخيمه من أجل استنزاف الرأي العام الفلسطيني في قضايا ثانوية تحرفنا عن القضايا الأكبر والأهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق