أحضر المستعمرون البيض ملايين العبيد الأفارقة إلى أمريكا من أجل العمل في مزارع القطن والسكر، وكان تحريرهم محور الحرب الأهلية عام 1860م.
أيدت بعض الولايات تحرير العبيد فيما عارضته ولايات أخرى، واندلعت إثر ذلك حرب أهلية طاحنة استمرت خمس سنوات، وحارب الكثير من العبيد في صفوف أسيادهم تحت وعود بتحريرهم رغم أن "العدو" جاء ليحرر جميع العبيد دون مقابل! وانتهت بفوز الولايات المؤيدة لتحرير العبيد وفرضت حكمًا عسكريًا على الولايات المهزومة ووضعت قوانين تضمن حقوق السود.
انسحبت جيوش المنتصرين ولأن الحرية لم يكتسبها السود بأيديهم، ولغياب الوعي والتنظيم بينهم، سرعان ما ضاعت مكتسباتهم رغم بقائهم أحرارًا إلا أنه مورست بحقهم سياسات عنصرية، فمثلًا كان البيض العنصريون يرفضون تسجيل السود للانتخابات، كما كانت العصابات العنصرية تخطف السود وتشنقهم.
استمر الوضع هكذا لمئة عام إلى أن بدأ السود بتنظيم أنفسهم ومقاومة القوانين والممارسات العنصرية، مستلهمين قوتهم من قادة مثل مارتن لوثر كينغ الذي ناضل ليحصل على الحقوق تحت مظلة القانون الأمريكي، ومثل ما تسمى جماعة أمة الإسلام بقيادة إليجاه محمد ومالكوم أكس وكانت أكثر راديكيالية وترفض النظام الحاكم الأمريكي من أساسه.
دعا إليجاه محمد ومالكوم أكس إلى رفض التجند في الجيش الأمريكي وعدم المشاركة في حرب فيتنام، لأنها "ليست حربنا ولن نخوضها نيابة عن الرجل الأبيض" وسجن الكثيرون بسبب رفضهم التجنيد مثل بطل الملاكمة محمد علي كلاي.
لم يحملوا السلاح من أجل حقوقهم لكن لم يعترفوا بالنظام الحاكم واستمروا بالنضال من أجل حقوقهم المسلوبة، وحققوا إنجازات كثيرة وتحسنت أوضاع السود كثيرًا خلال هذه الأعوام رغم ذلك ما زالوا يعانون من الفقر والتهميش.
لم يكتفوا بحصولهم على بعض الحقوق بل كان ذلك دافعًا لهم للحصول على المزيد، لم يشعروا بالامتنان للدولة التي منحتهم مرغمةً بعض حقوقهم، بل بعضهم لا يعترفون بهذه الدولة أساسًا.
رغم أعمال العنف التي نراها اليوم في شوارع أمريكا لم يتراجعوا عن مطالبهم "خوفًا من الفتنة" كما يفعل بعض المعارضين السياسيين في بلادنا، ورغم أن بلدهم مهدد بالانقسام والحرب الأهلية إلا أن هذا لم يردعهم عن مواصلة طريقهم.
صوت السود اليوم أعلى ولا يترددون باستخدام القوة للدفاع عن حقوقهم، رغم أن وضعهم أحسن بكثير جدًا من أجدادهم العبيد المحررين قبل 120 عامًا، وذلك لأنهم أكثر وعيًا وتنظيمًا فالصوت الأعلى لا يعني مظلومية أكثر بل وعيًا أكبر.
إن استمرار استعباد الشعوب العربية هو نتيجة لغياب الوعي، والحقوق تنتزع انتزاعًا ومن العبث انتظار أن يهبها لهم أحد، ومن يخاف تبعات المطالبة بحقه سيبقى عبدًا للأبد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق