الثلاثاء، 19 مارس 2019

نتنياهو وحراك بدنا نعيش

هل تذكرون نتنياهو بعد التصعيد في غزة نهاية العام الماضي، واكتشاف القوة الخاصة في خانيونس، عندما قال أنه قبل بالتهدئة من أجل مخططات سرية لا يمكن الكشف عنها.
بعدها بأيام بدأ الجيش بعملية استعراضية عند الحدود اللبنانية لاكتشاف بعض الأنفاق لحزب الله، وظن الكثيرون أنها المقصودة.

في الحقيقة أن رهان الاحتلال في غزة هو على ما رأيناه من حراك ضد حماس، تحت مسمى #بدنا_نعيش، وجزء من كلام نتنياهو كان يقصد الرهان على شيء معين يحاك ضد غزة.

لا تظنوا أن الاحتلال سلم بوجود المقاومة في غزة فهذا تهديد وجودي حقيقي، وخوف الجيش من دخول حرب برية وخسارة مئات القتلى دفعهم للتفكير ببدائل، وعقوبات السلطة ضد غزة جزء جوهري من هذا المخطط.

لا أقول أن القائمين على الحراك تحركوا بتعليمات من الاحتلال لكن السلطة والاحتلال التقطوا هذه الفرصة وحاولوا تشجيعها وحصاد نتائجها.

فهذا ما كان ينتظره الاحتلال من الحصار والعقوبات، فهو يراهن على أنها ستدفع الشعب الفلسطيني في غزة للتعب والاستسلام والطلب من حماس المغادرة حتى يستطيعون العيش.

ما حصل في الأيام الماضية سيشجع الاحتلال والسلطة على المزيد من العقوبات والتضييق على غزة، فعلى المدى القصير سيحرف البوصلة عن مقاومة الاحتلال في ظل وجود أحداث كثيرة تهدد دولة الاحتلال (#عملية_سلفيت #باب_الرحمة #الأسرى)، وعلى المدى البعيد يأملون في أن يصل الشعب لمرحلة التعب والانهيار والطلب من حماس المغادرة.

هل يمكن تضليل المحققين الصهاينة؟

أعلن الاحتلال عن اعتقال أيمن فواغرة (27 عامًا) منفذ عملية طعن في مستوطنة إفرات في كانون أول عام 2016م، واللافت للنظر أن فواغرة اعتقل عام 2017م بتهمة أخرى وأمضى عامًا ونصف في السجن دون أن يعلم الاحتلال أنه منفذ عملية الطعن.

وفي حالة أخرى نجد الأسير عاصم البرغوثي نفذ عملية إطلاق النار في مستوطنة جبعات أساف ببندقية خبأها منذ عام 2004م قبل اعتقاله الأول، ورغم دخوله التحقيق والسجن عدة مرات إلا أنه لم يعترف بوجودها.

وهنالك حالات أخرى لأسرى دخلوا التحقيق والسجن ولم يعترفوا بنشاطاتهم المقاومة، وإذا كانت هذه الأمثلة عن حالات كشفت في نهاية المطاف فمن المؤكد أن هنالك حالات لم تكشف، وللعلم هنالك بعض عمليات الطعن وإطلاق النار التي وقعت خلال انتفاضة القدس ما زال منفذوها غير معروفين، رغم كل جهود الاحتلال وإمكانياته.

من شبه المستحيل معرفة نسبة أولئك الأسرى الذين ينجحون في تضليل المحققين واقناعهم بأنهم لم ينخرطوا في المقاومة، ولو سألتم أي أسير هل اعترفت بكل شيء عند الاحتلال، فسيجيبكم نعم ولم أوفر شيئًا (من الجلدة للجلدة)، لأنه ليس مجنونًا ليصمد أمام التعذيب ثم يتبرع لك بالمعلومة مجانًا.

وفي المقابل هنالك أسرى كثيرون يعترفون ويقعون في حبال المحققين (وخصوصًا العصافير)، والبعض يتورط في الاعترافات ويورط غيره، وآخرون يحاولون حصر ما يقولونه بأقل الأضرار.

لا يمكننا تحديد نسبة أولئك الذين نجحوا بالحفاظ على أسرار للمقاومة (خاصة العسكرية)، إلا بحديث صريح منهم وهذا غير ممكن في الوضع الحالي، ربما بعد التحرير يقوم باحث بالتحري عن هذه النقطة من خلال حوارات صريحة مع أسرى محررين.

من خبرتي وإطلاعي يمكن القول بأن أولئك أقلية (ربما 5% أو 10% أو 30% الله أعلم) لكن ما يهمنا هنا أن الصمود وتضليل المحققين أمر ممكن وليس مستحيلًا.

هذا الكلام ضروري لأن الكثيرين يبنون تصورهم على الكلام الشائع بأن "الكل يعترف عند الاحتلال، والجميع يعترفون بكل شيء، ولا مجال لخداع الاحتلال أو تضليله وكل شيء مكشوف".

وبالتالي نجد حالات عديدة يدخلون التحقيق وهم مقتنعون أن المخابرات تعلم كل شيء، ولا جدوى من الإنكار أو إخفاء المعلومات عن المحققين.

من الضروري أن نثق بإمكانياتنا وأن عدونا مهما كان قويًا ولديه إمكانيات لكن بالإمكان تضليله وخداعه.

أدرك وجود جهل عند الكثير من الشباب بالعمل الأمني وأساليب التحقيق، وسمعت قصصًا محزنة كثيرة لخلايا ومجموعات اكتشفها الاحتلال بسبب أخطاء ساذجة وغبية وقع فيها بعض الأسرى، لكن هنالك قصص نجاح يجب تكرارها وهذا بحاجة لثلاثة عناصر رئيسية: الثقة بالنفس، والتوعية الأمنية، والتخطيط الجيد والكافي.

الخميس، 14 مارس 2019

البعض يتساءل عن مسيرة الحراك الحالي في غزة وهل سيطيح بحماس؟

المؤشرات الحالية تشير إلى فشله في هذه المهمة، فما زال الحراك محصورًا في مناطق محدودة بالأخص مخيم جباليا ودير البلح، وضمن عائلات ومناطق هي بالأصل ترفض حماس وتعاديها.

مطالب الحراك فضفاضة وغير قابلة للتطبيق وهذا سيضعف من تماسك الحراك.
بعد ركوب فتح الموجة والتصريحات الصادرة من رام الله، تخلى الكثير من أبناء حماس عن الحراك.

الجهاد الإسلامي وإلى حد أقل اليسار وتيار دحلان سيخسرون الكثير لو سقطت حماس أو غرقت غزة في وحل الحرب الأهلية، لذا لن يقبلوا بالسير الأعمى خلف الحراك.

وأي حراك شعبي لا يكون شاملًا لكافة قطاعات المجتمع وعابرًا لشرائحه فمصيره الفشل، والنطاق الاجتماعي للحراك يضيق مع الوقت بدلًا من التوسع.

لكن من النتائج الشبه أكيدة للحراك أنها ستشجع السلطة على زيادة العقوبات على غزة أملًا في أن ينتفض الناس في وجه حماس، كما ستجد السلطة مبررًا لاستمرار قمعها لخصومها في الضفة الغربية.