الأحد، 11 ديسمبر 2016

تفجير الكنيسة في العباسية: حتى لا تصبح "مصر مثل سوريا"


لا شك أن التفجير في الكنيسة اليوم مدان بغض النظر عن فاعله، وإن كان لاتهام وزارة الداخلية بتدبيره بعض الوجاهة، إلا أن كثرة تكرار نظرية المؤامرة قد أفقدتها مصداقيتها، وبالتالي يصعب علي أن أصدق أنها مؤامرة من الداخلية.

وإن كان الهاجس الأكبر عند الكثيرين هو الخوف من انحدار مصر إلى حرب أهلية مثلما يحصل في سوريا، فيجب أن نفهم ما هي الأخطاء التي أدت لتدهور وضع الثورة في سوريا.

في بداية الثورة السورية تردد عقلاء الثورة بحمل السلاح في وجه النظام، وترك الأمر لردود أفعال فردية، ثم دخل المغامرون وعلى رأسهم تنظيم القاعدة وركبوا الثورة وغرروا بالشباب، وحاربوا الثورة نفسها.

الخطيئة التي ارتكبت في الثورة السورية أنه لم يكن هنالك مجال سوى حمل السلاح ضد النظام، لكن العقلاء ترددوا إلى أن سبقتهم القاعدة وقادت الثورة في مسارات التيه التي نراها.

الوضع في مصر ليس أفضل حالًا، فالنظام الانقلابي يقود البلد للهاوية، وهو لن يرحل من تلقاء نفسه، ولا يوجد برنامج عمل لدى الثورة المصرية من أجل انقاذه.



وبغض النظار عن الجهة المنفذة لتفجير اليوم، فتدهور الوضع الأمني في مصر هو تحصيل حاصل للوضع الحالي، فإما أن تترك الأمور تنفجر بشكل عشوائي وقد تركب القاعدة وداعش الموجة وتزيد الأمور سوءًا.

وإما أن يتبنى عقلاء الثورة المصرية (وبالأخص الإخوان) العمل المسلح حتى يستطيعوا التحكم به، وعدم انزلاقه نحو التفجيرات العشوائية (مثل اليوم) وحتى يقطعوا على الداخلية والنظام أي مؤامرات يدبرونها.

بدون خطاب ثوري صحيح وسليم لا تستطيع منع التفجيرات العشوائية، أما عندما تقود تيارًا ثوريًا يتبنى الكفاح المسلح، فأنت تستطيع أن تقول لهم هذا مقبول وهذا مرفوض، وتستطيع محاصرة ورفض التفجيرات العشوائية.

في رأيي أن نطاق العمل المسلح لا يجوز أن يتجاوز أركان الانقلاب الثلاثة: الداخلية، والقضاء، وقيادات الجيش، لكن لا أحد يستطيع أن يوجه الميدان ما لم يكن متواجدًا فيه وصاحب كلمة فصل.

وعندما أعلن تنظيم لواء الثورة في مصر مسؤوليته عن تصفية العميد عادل رجائي قائد الفرقة التاسعة في الجيش المصري قبل أكثر من شهر، وصفه أصحاب نظرية المؤامرة بأنه واجهة للمخابرات المصرية.

واليوم أدان كل من لواء الثورة وحركة حسم تفجير الكنيسة وأعلنا رفضهما لها ويصفانها بالجريمة، فهل يعقل أن يكونا مخابرات ويفوتا الفرصة لتشويه الإخوان المسلمين والثورة المصرية؟

والتنظيمان كما هو مرجح من أبناء الإخوان المسلمين ومحسوبان على التيار الثوري داخل الإخوان (بعيدًا عن نظرية المؤامرة المضحكة).

وموقفهما اليوم من تفجير الكنيسة دليل على وعي سياسي متقدم، وخطوة على ترشيد العمل الثوري في مصر، عندما تكون هكذا تنظيمات في الميدان فأنت مطمئن على مستقبل الثورة المصرية.

المشكلة أن هذه التشكيلات ما زالت في بدايتها ولم تنل الزخم الشعبي اللازم، لكنها بداية موفقة لإعادة الثورة المصرية إلى السكة الصحيحة.

فهل سيدفن عقلاء الثورة المصرية رؤوسهم في الرمال بينما مصر تنزلق إلى الهاوية؟ أم يكونون على قدر المسؤولية ويقودوا حراكًا شعبيًا مسلحًا لإسقاط الانقلاب وإنقاذ مصر من الهاوية؟

ليست هناك تعليقات: