جاء قرار إجراء الانتخابات البلدية في الضفة وغزة
ضمن قرارات وقوانين وقواعد وضعها محمود عباس وسلطته، وأشرف على التنفيذ لجنة
الانتخابات المركزية التي عينها محمود عباس، وكان الرهان على رفض حماس للمشاركة.
لكن حماس قلبت الأمور رأسًا على عقب عندما قررت
قبول المشاركة ضمن قواعد لم تشارك بوضعها، فالانتخابات كانت من أجل إعطاء فتح
شرعية شعبية، وإضعاف شعبية حماس التي توقعوا مقاطعتها للانتخابات.
السلطة تعتمد على شرعية الاحتلال والمجتمع الدولي
لكن حماس تعتمد على الشرعية الشعبية، وبالتالي لو قاطعت حماس الانتخابات لاهتزت
شرعيتها وأضعفتها مما يهيئ الأجواء في غزة المحاصرة للإطاحة بالحركة.
فكان قرار حماس الذكي بالمشاركة في الانتخابات بمثابة
أزمة لمحمود عباس، ووضع أمامه خيارات صعبة، فالمضي قدمًا سيعزز تلاحم حماس مع
جماهيرها وسيعيد إحياء وجودها في الشارع بالضفة الغربية، وإلغاء الانتخابات سيعزز مصداقية
حماس ويضرب شعبية السلطة المهتزة أصلًا.
وبالفعل استفادت حماس في الضفة الغربية من المراحل
الأولى للعملية الانتخابية من خلال حراك تشكيل القوائم والانتخابات فاستعاد أبناء
الحركة ثقتهم بنفسهم، واحتكت بالشارع وأثبتت وجودها بين الناس، وهذا ضروري لها من
ناحية حركية وتنظيمية، بعد غياب قسري عن ساحة الضفة لأكثر من تسع سنوات.
لم أتوقع إلغاء السلطة الانتخابات بهذه الطريقة لأنه
قرار ضرره أكبر من نفعه بالنسبة للسلطة ولمحمود عباس، وذلك رغم تواتر إشاعات في
اليومين الماضيين عن الإلغاء لكن التمهيد الإعلامي لم يكن كافيًا كما أن المبررات
كانت واهية.
فالمحاكم في غزة تتبع سلطة محمود عباس ولا تتحكم
فيها حماس، ومنذ البداية قررت لجنة الانتخابات أنها صاحبة القرار في ما يخص
الإجراءات القضائية للانتخابات، كما أن استثناء القدس من الانتخابات البلدية كان
موجودًا في انتخابات 2005م و2012م فلماذا تذكرها "القضاء" اليوم؟
يبدو أن ثقة فتح بالفوز متدنية للغاية وهذا ما
دفعها لقرار إلغاء الانتخابات، لكن الاحتلال والدول العربية المتعاونة معه (مصر
والأردن والسعودية) ستعمل على ترتيبات جديدة في الضفة تتضمن تعيينات وفرض بالقوة.
لذلك من واجب القوى الوطنية والإسلامية
الفلسطينية رفض شرعية أي ترتيبات جديدة، ويجب العودة لشرعية البندقية التي تقاوم
الاحتلال، لأنه ثبت بالوجه القطعي استحالة الاحتكام لصندوق الانتخابات في ظل هكذا
مهزلة، وبعد التحرير يمكننا الاحتكام لصندوق الاقتراع.
الشرعية لمن يقاوم الاحتلال وليس لمن يعينه
الاحتلال، لأن الشعب خياره المقاومة وليس خياره التبعية للاحتلال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق