الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

ما سبب خفوت انتفاضة القدس؟

مع صدور التقرير الشهري عن انتفاضة القدس الخاص بشهر آب الماضي، نلحظ انخفاضًا في بعض أشكال المقاومة (إطلاق النار والزجاجات الحارقة) مقابل ذلك نرى ارتفاعًا طفيفًا في أشكالٍ أخرى (عمليات الطعن وإلقاء الحجارة)، والواقع أن الانتفاضة تراوح مكانها منذ بداية العام، أحيانًا تصعد قليلًا وأحيانًا تهبط.

ما زال معدل المقاومة أعلى مما كان عليه قبل جريمة حرق عائلة الدوابشة قبل عام، ويبدو أن الأمور لن تعود إلى الانخفاض عن ذلك الحد.

لكن هنالك تعثر واضح في مسيرة انتفاضة القدس، وربما لا نخطئ لو وصفناها بالانتفاضة الزاحفة، فمن جهة يقف في وجهها كل أسباب الفشل، ومن جهة أخرى هنالك إيمان قوي بخيار المقاومة يبقي على الأمل بتطور الانتفاضة.

يمكن اختصار أسباب انخفاض العمل المقاوم خلال الشهرين الماضيين بعد ارتفاع مؤقت في شهر حزيران (6) بالآتي:


1-    حملات الاعتقالات الواسعة التي يشنها الاحتلال والتي تشمل ما لا يقل عن 500 فلسطيني شهريًا، وهي تستهدف من يمكن اعتبارهم عصب العمل المقاوم وليست اعتقالات عشوائية.
2-     الإجراءات الصهيونية المنظمة لملاحقة السلاح محلي الصنع وورشات الخراطة، وتجار السلاح، ولملاحقة طرق التهريب إلى القدس والداخل الفلسطيني.
فضلًا عن تشديد الحراسات في المناطق الحساسة بالضفة الغربية، فكل ذلك أدى لتصعيب تنفيذ العمليات.
3-    في مقابل التحسين المنهجي للاحتلال فإن انتفاضة القدس يحركها الأفراد وليس التنظيمات، وبالتالي لا يوجد تبادل أو نقل للخبرات أو سعي منظم لتحسين العمل المقاوم، فنحن أمام عدو يحسّن وسائله وخططه، وانتفاضة ما زالت تستخدم نفس الأساليب (للأسف).
4-     تراجع اهتمام الإعلام الفلسطيني بالانتفاضة وللإعلام دور هام بتحريك انتفاضة القدس وتشجيع الشبان على تنفيذ العمليات.
5-     الحملة الإعلامية الواسعة للسلطة من أجل تثبيط الهمم والتقليل من شأن الانتفاضة والعمليات ووصفها بالانتحار، وملاحقة السلطة لمنفذي العمليات والتنكيل بهم.
ورفض حركة الشبيبة في الجامعات للمشاركة بالانتفاضة (وخصوصًا في جامعات الخليل والنجاح والبوليتكنك) تركت الانتفاضة عرجاء وتتلقى الضربات من الخلف (السلطة) والأمام (الاحتلال).
6-     من الأرقام الإحصائية للسنوات الماضية يمكن ملاحظة أن فصل الصيف كان يشهد عادة انخفاضًا بالعمل المقاوم (وخاصة المقاومة الشعبية) وربما تزامن رمضان والأعياد مع عطلة الصيف هذا العام كان عاملًا إضافيًا في كبح جماح العمل المقاوم (وخاصة الزجاجات الحارقة وهجمات الحجارة).
لا أعلم تفسيرًا لهذه الظاهرة لكن ربما العطلة المدرسية لها دور فيها، خاصة أن جزء هام من الانتفاضة يقوم بها طلاب المدارس وطلاب الجامعات.
من ناحية أخرى وحسب السنوات الأخيرة فعادة ما كان يشهد شهر أيلول ارتفاعًا في العمل المقاوم، وخاصة في نهايته مع ذكرى انتفاضة الأقصى كما أننا سنشهد بداية الشهر القادم الذكرى الأولى لانتفاضة القدس.

هل سنشهد ارتفاعًا ملحوظًا في العمل المقاوم هذا الشهر؟ في اليوم الأول كان هنالك تميز بالعمل المقاوم (عملية إطلاق نار وإلقاء أكواع ناسفة وهجمات بالحجارة ومواجهات) لكن لا يمكن البناء عليه، فهو أقرب للفأل الحسن من أن يكون مؤشرًا على عودة العمل المقاوم.

يجب أن نرى تواصلًا في ارتفاع العمل المقاوم خلال الأيام القادمة حتى نستطيع القول أننا سنشهد موسم تصعيد مثلما شهدنا في العامين الماضين، والذي يمتد عادة إلى نهاية شهر تشرين ثاني (11).

فهل حجم الاعتقالات والإجراءات الأمنية كبير لدرجة أن يكون هذا العام استثناءً بحيث لا نرى تصعيدًا في شهر أيلول؟

أم أن حجم الغضب والإرادة الشبابية قوية لدرجة كسر الجدار وابتداع وسائل مقاومة جديدة؟

وهل التقطت بعض المناطق (التي تعرضت لضربات أمنية كبيرة) أنفاسها وأصبحت جاهزة للانطلاق من جديد؟
وما يدرينا ربما نشهد انفجارًا شاملًا وليس مجرد تصعيد موسمي.


خلال الأيام القادمة ستتضح الرؤيا بشكل أكبر.

ليست هناك تعليقات: