هذه صورة الأسير والمقاوم جون وليم قاقيش (21
عامًا) من البلدة القديمة في القدس، نفذ عملية طعن ضد المستوطنين العام الماضي
وحكم عليه اليوم بالسجن لمدة 9 أعوام.
في الوقت الذي تقسم بها منطقتنا طائفيًا ونرى
تحالفات بين المسيحيين في بعض البلدان العربية مع حكام مستبدين مثل سوريا ومصر،
فإننا نرى في فلسطين العكس تمامًا حيث اختار المسيحيون منذ الاحتلال البريطاني
الوقوف مع المسلمين في وجه المشروع الصهيوني.
ورغم أن الصهاينة استطاعوا اختراق بعض
"المجتمعات المسلمة" مثل البدو والشركس والدروز، ورغم أن أحد دوافع دعم
الغرب للمشروع الصهيوني دينية إنجيلية، إلا أن المسيحيين في فلسطين كانوا
بغالبيتهم منحازين للمشروع الوطني الفلسطيني.
أحببت الإشارة إلى هذه الحقائق لأن هنالك ميل للتعميم
المخل لدى الكثير من المتابعين وبعضهم يحاول استيراد الصراعات الطائفية من الدول
العربية إلى المجتمع الفلسطيني وتحميل المسيحيين الفلسطينيين مسؤولية خيارات
الأقباط أو مسيحيي سوريا.
مع العلم أن غالبية المسيحيين مثل غالبية
المسلمين لا يستسيغون السيسي، ورغم أن هنالك تعاطفًا عامًا مع نظام الأسد إلا أن
هنالك قيادات مسيحية متعاطفة مع الثورة السورية مثل عزمي بشارة وباسل غطاس (النائب
في الكنيست عن التجمع الديموقراطي العربي).
وبرأيي أن جزءًا كبيرة من مسؤولية انحياز مسحيي
فلسطين للأسد تتحمله داعش وجبهة النصرة والجماعات السلفية، التي تحمل خطابًا
طائفيًا يؤكد مزاعم الأسد ونظامه.
أما فلسطينيًا فمن ناحية هنالك القرار الجماعي
للمسيحيين بالتحالف مع المسلمين ومن ناحية أخرى هنالك حكمة حركة حماس (التي تمثل
التيار الإسلامي) ورفضها الانجرار لأي مناكفات أو خطابات طائفية، فهذا ساهم بشكل
كبير بإبقاء اللحمة الفلسطينية وعدم الانجرار إلى مستنقع الصراع الطائفي.
وهنا أسجل للكتلة الإسلامية في جامعة بيرزيت أنها
سحبت البساط من تحت أرجل أحد الصحفيين أراد إشعال فتنة طائفية، عندما استغل جملة
وردت في كتاب عن الأقصى ونصرته وزعته الكتلة الإسلامية، وكانت هذه الجملة حمالة
أوجه.
فمباشرة اعتذرت الكتلة الإسلامية وأكدت على
موقفها المبدئي من العلاقة التاريخية بين المسلمين والمسيحيين في فلسطين، رغم أن
الاتهامات التي وجهت لها كانت مبتذلة وكان هنالك مجال للكتلة لتدافع عن وجهة
نظرها، لكنها فضلت سحب ذرائع الفتنة.
المسيحيون في فلسطين مقسمون بين ثلاثة طوائف
أساسية: الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك واللاتين، وبشكل أساسي تعود أصولهم إلى
القبائل العربية التي هاجرت من اليمن إلى بلادد الشام قبل الإسلام (إثر خراب سد
مأرب قبل 1700 عام)؛ مثل لخم وجذام وقضاعة وعاملة والغساسنة والمناذرة وكلب.
اعتنقت أغلبية تلك القبائل الإسلام إلا أن قسمًا
من أبنائها بقي متمسكًا بالمسيحية، وانضم إليهم لاحقًا بعض بقايا الصليبيين ومسيحيون
قدموا من أوروبا في العهد العثماني لكنهم أقلية وذابوا بشكل تام في المجتمع المسيحي
العربي.
لا تلعب الكنائس في فلسطين دورًا سياسيًا (عكس
مصر) والمسيحيون في فلسطين يتوزعون سياسيًا بين تأييد فتح والجبهة الشعبية،
والأخيرة كان لشخصيات مسيحية دورًا هامًا في تأسيسها مثل جورج حبش ووديع حداد.
لكن هنالك رجال دين مسيحيين لهم مواقف سياسية داعمة
للمقاومة مثل عطا الله حنا، ومانويل مسلم، وهيلاريون كبوشي، إلا أنها لا تعبر عن
مواقف كنائسهم بل هي مواقف شخصية.
وأخيرًا لا ننسى الدور الهام الذي
يلعبه المغتربون الفلسطينيون المسيحيون في الولايات المتحدة وأمريكا الجنوبية في
دعم القضية الفلسطينية وبالأخص حملات مقاطعة الكيان الصهيوني، مستغلين نفوذهم
وشبكة علاقاتهم الواسعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق