نجح إعلام السلطة ومكتب الجزيرة في رام الله بإقناع
الكثير من الناس بأنه لا توجد انتفاضة ولا توجد عمليات طعن، وإنما هي عمليات
مفبركة وجنود الاحتلال يقتلون للتسلية ثم يزرعون السكين بجانب الشهيد.
كما خرج علينا البعض بأن الاحتلال يتعمد استفزاز الفلسطينيين
لكي تحصل ردات فعل لأنه "معني بالتصعيد"، وربما يستدلون بأمور مثل تحذير
جهاز الشاباك المسبق بوجود موجة تصعيد الشهر الحالي.
ولعل الفيديوهات التي نشرت وتظهر بوضوح قيام
الشهيدين سعيد العمرو وحاتم الشلودي بمهاجمة الجنود بشكل واضح لا لبس فيه، ووصية
الشهيد فراس الخضور والأسيرة رغد الخضور التي نشرها أهلهما، تثبت بكل وضوح أنها لم
تكن مؤامرات حيكت بليل بل عمليات مقاومة لا لبس فيها.
وهي ليست أول مرة يثبت فيها فشل نظرية المؤامرة
فضلًا عن أنها تقدم افتراضات خاطئة:
أولًا: الشعب
الفلسطيني ليس بليدًا لكي يستمر الاحتلال "باستفزازه" بدون رد، وغالبية
الشعب الفلسطيني لا تؤمن بسلمية محمود عباس، بل تدعم بشكل جارف خيار المقاومة
والعمليات المسلحة ضد الصهاينة.
وما يقوم به الاحتلال في الضفة يتجاوز الاستفزاز
إلى التهديد المباشر للوجود الفلسطيني من خلال الزيادة المتسارعة بالتوسع
الاستيطاني وتزايد هدم منازل الفلسطينيين بحجة عدم الترخيص، وسرقة مياه الضفة وترك
أهلها يعانون العطش، والتهويد المتسارع للمسجد الأقصى.
ثانيًا:
الاحتلال لا يريد التصعيد في الضفة ولا السلطة تريد ذلك، بل يريدون التهدئة وكبح
جماح الانتفاضة، والأوضاع في شهري آب وتموز الماضيين كانت تتجه نحو الهدوء وفي
المقابل كان الاحتلال يتخذ خطوات جديدة ومتسارعة في مشروعه الاستيطاني بالضفة
والأقصى.
تصريحات نتنياهو حول اعتبار المطالب بإخراج
المستوطنين من الضفة أنها "تطهير عرقي ومرفوضة تمامًا"، والعطاءات
الجديدة للاستيطان، ومقدرة شرطة الاحتلال على خنق المرابطين في المسجد الأقصى،
وتنظيفه من أي شكل من أشكال الرباط ومقدرة المستوطنين على التجول فيه بدون إزعاج
يذكر.
كلها أوضاع مثالية بالنسبة للصهاينة فلماذا
يكدرون على أنفسهم ويفتعلون مواجهة جديدة مع الفلسطينيين؟
ثالثًا: تحذيرات
الشاباك من احتمال حدوث تصعيد، لا تعني وجود مؤامرة مطلقًا، فمن يريد تنفيذ مؤامرة
لا يفضح نفسه ويعلن عنها قبل بدئها.
ومن الناحية الأخرى أي متابع بسيط للأوضاع في
الضفة الغربية خلال السنوات الماضية كان سيدرك أن هنالك موجة تصعيد قادمة خلال شهر
أيلول وتحديدًا في نهايته، وقد تكلم عن ذلك العديد من المتابعين بمن فيهم العبد
الفقير.
نظرية المؤامرة ابتدعها الجهاز الإعلامي للسلطة
لأن الكلام عن عمليات مقاومة وعمليات طعن يشجع الشباب على تنفيذ عمليات جديدة،
ولولا أن الكثيرين لا يصدقون نظرية المؤامرة لما رأينا احد يتشجع لتنفيذ عمليات
طعن جديدة.
لكن في المقابل هنالك شريحة كبيرة قد ابتلعت
الطعم وصدقت وهذا يضعف زخم الانتفاضة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق