اللاعب المصري وافق على اللعب في الأولمبياد مع اللاعب الصهيوني لأنه لا يريد أن يضيع عليه فرصة الفوز بمدالية، وليقول أنه ضد التطبيع رفض مصافحته بعد الهزيمة.
عدم اللعب يترتب عليه ثمن أما عدم المصافحة فلا ثمن لها، مقاومة بلا ثمن، وهذا حال أكثر الناس اليوم، فمقاومة الاحتلال ومحاربة الصهاينة مجرد طقوس وثنية (أصنام) نمارسها ونحن نظن أنها تقربنا إلى الله زلفى.
لا يوجد أي استراتيجية لمحاربة الاحتلال، فقط أمور شكلية تحت مسمى مقاطعة إسرائيل ومقاومة التطبيع، وعندما تصبح لهذه الأمور الشكلية لها أثمان نتخلى عنها بحجة أنها مجرد شكليات.
وآخرون يعتقدون أن تمسكهم بهذه الشكليات يرفع عنه وزر التقاعس لتحرير فلسطين، وغيرهم اتخذوا هذه الشكليات مجرد مطية ليزايدوا على غيرهم وليتكسبوا.
عندما احتلت الضفة وغزة عام 1967م وفتحت أبواب المستعمرات لمن أراد خدمة المحتلين مقابل الفتات، صدرت الفتاوى بتحريم العمل في المستوطنات وشيئًا فشيئًا تطبعت قلوب الناس وأصبح مطلبًا شعبيًا، بل من يقتل أثناء عمله في خدمة الصهاينة يسمونه "شهيد لقمة العيش."
ولتأكيد تمسك اللاجئين بحق العودة لم يكونوا يشاركون بالانتخابات البلدية، لأنهم يعيشون في مخيمات، والبلديات تعني أنهم أصبحوا مواطنين وتخلو عن حق العودة.
في قطاع غزة أراد الاحتلال أن يكسر هذا الموقف في منتصف السبعينات فضم المخيمات إلى المدن في غزة ورفح وخانيونس، وكانت هنالك مقاومة في البداية لأن هذا تعدي على "حق العودة" وفي النهاية نجح الصهاينة بفرضه كأمر واقع.
لقد كسروا تلك الشكلية وتخلى الناس عن التمسك بها، أما في الضفة فلم يسعى الاحتلال لذات الشيء ربما لأن مخيمات الضفة أقل عددًا وربما لأن التجربة لم تحقق مرادها في قطاع غزة.
كانت المشاركة بالانتخابات البلدية تعتبر من الكبائر لأنها ترمز للتخلي عن حق العودة، لكن بعد عشر سنوات تقريبًا أنطلقت الانتفاضة من مخيم جباليا، وأصبحت مخيمات غزة اليوم معقلًا لكتائب القسام والمقاومة المسلحة.
أما مخيمات الضفة التي لا تزال متمسكة بهذا التقليد فلم تستطع منع السلطة من التفريط بحق العودة بل والتفريط بالضفة الغربية أيضًا، لكن لو جئت واقترحت إجراء انتخابات في مخيمات الضفة سيقولون لك حق العودة.
وتحت ذريعة حق العودة يدير مخيمات الضفة لجان معينة من قبل الأونروا، وأغلب هذه اللجان أوكار للفساد المالي والإداري وكله تحت مسمى الحفاظ على حق العودة.
بإمكانهم عمل انتخابات للجان المخيمات لكن لأن هنالك مستفيدون فسيقولون لك أن انتخاب اللاجئين لمن يجمع قمامتهم سيضيع حق العودة.
ولو انتقلنا إلى زيارة القدس والمسجد الأقصى فالموقف الذي يتشبث به الأغلبية هو عدم الزيارة حتى لا تكون تطبيعًا، لكن في ظل كافة أنواع التطبيع الأخرى فالاحتلال لا يهتم كثيرًا بكم، وخلال السنوات السابقة أستطاع قطع أشواطًا طويلة في تهويد الأقصى.
وحتى عندما يقترح البعض زيارة البعض الأقصى من أجل التصدي للمستوطنين ستجد عاصفة من الاعتراضات لأنه خرق الصنم، وربما هم يعترضون لأن هذا الخيار سيعري الكثيرين ممن لا يفعلون شيئًا ويواسون أنفسهم بأنه "لا يزورون الأقصى"، وكأنه فعل بطولي!!
في النهاية:
يجب الإدراك أن محاربة الاحتلال ليست بعض المواقف الإعلامية التي نسجلها، أو المواقف التي لا تكلف ثمنًا، لقد اختصرنا حربنا مع الصهاينة إلى بعض المواقف الشكلية، وحتى هذه الشكليات نتخلى عنها عند أول اختبار.
يجب أن نملك الرؤيا ليس لمحاربة الكيان الصهيوني فحسب بل لهزيمته وتجفيف أسباب بقائه، أما "مقاومة رفع العتب" فهي لن تكون أكثر من أصنام نعبدها ونقدسها ثم نجدها هباءً منثورًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق