يعتبر قيام أجهزة أمن السلطة بقتل القيادي في
كتائب الأقصى أحمد حلاوة (أبو العز) صباح اليوم بعد اعتقاله، وذلك ضربًا حتى الموت
في سجن جنيد، خطوة أخرى يخطوها محمود عباس نحو تدمير السلطة الفلسطينية وتقويض
المنظومة السياسية في الضفة الغربية.
ما لا يدركه محمود عباس ورامي الحمد الله أنهما
لا يستطيعان السيطرة على حركة فتح بالحديد والنار، وأن عرفات بتاريخه النضالي
والوطني وشخصيته الكاريزماتية لما يستطع فعل ذلك، وكانت نقطة قوته الأساسية هي
قدرته على احتواء الفتحاويين بكل تناقضاتهم.
البعض يشبه ما تقوم به الأجهزة الأمنية في نابلس
بما قامت به حركة حماس في غزة عندما ضربت التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون
مثل عائلات حلس ودغمش والجماعات السلفية (أحداث مسجد ابن تيمية) أو تصفية بعض
عناصرها المتورطين بالعمالة مع الاحتلال.
لكنها مقارنة ليست في مكانها:
أولًا: حركة
فتح تنظيم غير منضبط على عكس حركة حماس، وأغلب أعمال الانفلات الأمني في نابلس
والضفة تقوم به عناصر من داخل فتح، وهي تنظيم مبني على عدم الانضباط وفاقد الشيء
لا يعطيه.
ثانيًا: حماس
لها رصيد من العمل المقاوم وهذا يشفع لها عند قطاع كبير من الناس فيتغاضون عن
أخطائها وهفواتها، لكن سلطة محمود عباس ما رصيدها؟
كان لديها رصيد بأنها تقدم للناس خدمات وتسهيلات
حياتية لكن حتى هذا الرصيد تآكل مع تقليصها المستمر للإنفاق ورفعها لمعدل الجباية
من الناس، كما أن علاقتها بالاحتلال أرتد بشكل سلبي للغاية وبالأخص في العامين
الأخيرين.
ثالثًا: تتآكل
هيبة السلطة بشكل تدريجي نتيجة توالي الأخطاء وقد لمسناه مؤخرًا عندما سرقت بالقوة
سيارة وزير في مخيم قلنديا، وعندما تواجه حملاتها الأمنية (سواء على خلفية أمنية
أو جنائية) بالمقاومة الشعبية كما حصل في مخيم قلنديا وكفر عقب ومخيم الأمعري
وقرية سالم ومخيم جنين وبلدة اليامون ومدينة طولكرم وأخيرًا في البلدة القديمة
بنابلس.
كما لمسناه في حراك المعلمين وإضرابهم الذي تحدوا
فيه هيبة السلطة وقوتها الأمنية.
رابعًا: حركة
حماس تتعلم من أخطائها واستطاعت أن تبني آلية للتنسيق وضبط الأمور مع الفصائل
المسلحة في قطاع غزة وتراجعت بشكل ملحوظ الصدامات المسلحة بالسنوات الأخيرة.
في المقابل فإن السلطة لا تتعلم من أخطائها بل تراكمها
وهنالك تعامي واضح عن الواقع وتطورات الميدان وما زال عباس يظن أنه قادر على قمع
الأصوات المعارضة له.
خامسًا: أكثر
الذين اعتقلتهم السلطة من البلدة القديمة في الفترة الأخيرة سلموا أنفسهم ضمن
تفاهمات، ومن بينهم أحمد حلاوة نفسه، فعندما يقتل غدرًا وبهذه الطريقة المتوحشة
فالسلطة أغلقت الطريق أمام أي إمكانية للتفاهم مع عائلة حلاوة أو أي من جماعات فتح
في البلدة القديمة.
هي حشرتهم في الزاوية وتركت أمامهم خيار وحيد وهو
الصدام معهم، كأنها تقول لهم ولغيرهم لا خيار لكم سوى القتال حتى النفس الأخير.
لا أتوقع أن تنهار السلطة مرة واحد لكن عجزها
المتراكم عن حل مشاكلها الداخلية ومشاكلها مع المجتمع الفلسطيني، وانسداد أفق التسوية
السياسية مع الاحتلال، وتغول الاستيطان وامتداده كلها تقود السلطة إلى الهاوية
بشكل تدريجي.
ربما يبالغ بعض الناس بالقول أن هذا يقوض السلم
الأهلي وقد يؤدي إلى حرب أهلية، وهذا لوهم أن السلطة هي التي تحافظ على السلم
الأهلي وهذا غير دقيق.
فحركة فتح هي منبع الفوضى والانفلات الأمني،
ولطالما تغاضت السلطة عن ذلك، أما محاولتها ضبط حركة فتح اليوم لأن عباس يشعر بأن
ذلك يهدد سلطته وليس لأنه يؤمن بضرورة حماية المجتمع الفلسطيني من فوضى تنظيمه
وسلطته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق