أمريكا: مشروع قائم على جهود أشخاص من جميع أنحاء العالم |
أذكر عندما كنت طالبًا في الجامعة حضر خبير تكنولوجي أمريكي من أصل عربي ليعطينا
محاضرة في تخصصه.
كان الخبير سلفيًا (على الأقل مظهره) فلحيته الطويلة وعلامة الصلاة على جبينه
ولباسه، وأثناء المحاضرة قال أن الشركة التي يعمل لديها تقدم خدمات للأف بي آي الأمريكي،
وأن مشروعًا يعملون عليه لا يستطيع شرح تفاصيله لنا لأنه ممنوع حسب تعليمات الأف بي
آي، لكنه سيخربنا بشكل عام بحسب ما تسمح به الوكالة.
ما لفت نظري ليس كونه سلفيًا أو مسلمًا يعمل لصالح وكالة أمنية أمريكية، بل
كيف تأمنه الوكالة؟ ومثله ممن تأمنهم المؤسسات الحكومية الأمريكية كثيرون، طبعًا هنالك
طرق كثيرة ليتأكدوا من خلفيته الأمنية لكن هل يضمنون 100%؟
طبعًا ليس مضمونًا وهنالك قدر من المخاطرة تأخذه الحكومة الأمريكية، ولا ننسى
أن منفذي عمليات أيلول 2001 كانوا دخلوا أمريكا بطريقة قانونية وكانوا يعملون ويتعلمون
بطريقة قانونية.
أمريكا دولة قائمة على تجميع القدرات البشرية من جميع أنحاء العالم، ولا يهمهم
اللون أو الدين أو الشكل أو المعتقد، المهم أنهم يستفيدون منهم ويقومون على دمجه بالمجتمع
ويقدمون له المغريات بكافة أشكالها.
لأمريكا أهدافها وعقيدتها وقناعاتها وقيمها وثقافتها الخاصة لكنها لا
تتوانى عن الاستفادة ممن هم من خارج هذه المنظومة ما داموا يخدمونها ويقدمون لها
كل ما تحتاجه للديمومة والتوسع والتطور.
ولهذا الأسلوب في استقطاب الناس ثمنه ويعرض الأمريكان للاختراق بطرق وأشكال
شتى، لكن المنفعة التي يحصلونها أكبر بكثير.
بينما نحن نتشكك في كل من نريد أن نعمل معه في مشروع جديد، سواء على مستوى
شخصي أو تنظيمي أو حتى على مستوى دولة، نتشكك بأبناء جلدتنا ممن يتكلمون بلساننا، بل
قد نشكك بأصحاب نفس التوجه الفكري والسياسي، ولأسباب ومبررات شتى، تبدأ من الخوف من
العملاء والمندسين ولا تنتهي عند الخلاف على قضايا ليست جوهرية، وحتى لأسباب شخصية.
بل قد يصل الأمر بالبعض إلى التشكيك بنفس أبناء تنظيمه السياسي (فلان صحيح
من إخواننا بس أصله فتحاوي أو أصله يساري).
والنتيجة؟ أظن أنها واضحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق