المفاوضات بالنسبة للاحتلال مجرد علاقات عامة لا أكثر |
بعد خطوة السلطة بوقف المفاوضات والتوجه للأمم المتحدة صدعوا رؤوسنا بخطوات انتقامية من جانب حكومة الاحتلال، وسمعنا كلامًا كثيرًا عن ضغوط من كيري وأزمة لأمريكا، وضرورة تسليك المفاوضات، وعقوبات من جانب الاحتلال على السلطة (لم تطبق فعليًا).
كل ما سبق حرب يدوي صداه في جنبات الصحافة والمواقع الإلكترونية، أما على
الأرض فلا يوجد شيء من كل ذلك، لكن إذا عرف السبب بطل العجب.
ما يهم الاحتلال في الضفة أمرين: استمرار الاستيطان وضم الأراضي وتهويد الضفة،
واستمرار التنسيق الأمني وحماية المستوطنين والاحتلال، وكلا الأمرين لم تمس بهما السلطة.
صحيح أن التوجه للأمم المتحدة وتوقف المفاوضات يضر بصورة الاحتلال، لكنه ضرر
هامشي وليس في العمق، مجرد إزعاج وليس تهديدًا وجوديًا.
حتى المواجهات في الضفة وتصاعد المقاومة الشعبية والمسلحة في العام ونصف الأخير
(منذ حرب غزة الثانية) هو ضمن ما يحتمله الاحتلال، فحسب إحصائيات شبكة فلسطين للحوار
فقد كان معدل خسائر الصهاينة خلال العام 2013 (في الضفة الغربية) قتيل كل شهرين، و8
جرحى تقريبًا كل شهر، وما يقارب المئة عملية ما بين إلقاء زجاجات حارقة وأكواع وعبوات
ناسفة وإطلاق نار وعمليات طعن وذلك على مدار العام كله.
وهنالك ما معدله 50 عملية مواجهة (حجارة وما شابه) شهريًا وترتفع أوقات التصعيد
إلى حوالي المئة شهريًا، وبالتالي فكل ما يحصل بالضفة ضمن المحتمل صهيونيًا، والاحتلال
لن يخاطر بضرب السلطة لأنه لو ضربها فالقاعدة الفتحاوية ستنخرط في المقاومة بشكل أكبر
من الآن، والتضييق الأمني الذي يمنع المقاومة المسلحة بالإنطلاق سينهار.
بالتالي الاحتلال يكتفي حاليًا بالتهديد والوعيد إعلاميًا وهو يخدم بذلك عدة
أمور:
1- من أجل إسكات الجمهور الصهيوني واليمين الأشد تطرفًا، والذين يريدون القيام
بشيء ضد السلطة بسبب الانضمام للمؤسسات الدولية.
2- تلميع السلطة أمام جمهورها الفتحاوي وبالتالي الحفاظ على تماسكها، فالمحظور
هو ضربها بشكل حقيقي، أما التهديد الإعلامي فهو يخدمها ولا يضرها.
3- يحتفظ الصهاينة من خلال هذه التهديدات بحقهم في التصعيد مستقبلًا لو حصل
ما يستدعي ذلك، ووقتها سيقولون أمام الرأي العام العالمي لقد حذرنا ولم يستجب أحد لتحذيراتنا.
وفي رأيي أنه ما لم توقف السلطة التنسيق الأمني، وما لم يتصاعد معدل المقاومة
في الضفة بعشرة أمثال الوضع الحالي (أي يصبح عدد القتلى 5 صهاينة شهريًا، و50 جريحًا
شهريًا، و50 عملية مقاومة مسلحة شهرية - إطلاق نار وطعن وزجاجات حارقة وأكواع)، فإن
الاحتلال سيكتفي بخطوات عقابية رمزية وحرب إعلامية.
أما توقف المفاوضات والتوجه للمؤسسات الدولية فلا يعني الاحتلال كثيرًا، وعليه
فكثرة الكلام عنه وتكبير أهمية ذلك ينطبق عليه المثل الشعبي: الجنازة حامية والميت
كلب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق