الأحد، 7 يوليو 2013

الأزمة المصرية وقرود السيرك




لو رجعنا لأصل المشكلة والأزمة الحالية في مصر، سنجد أنها ناجمة عن وجود طبقة متغربة في المجتمع وبنفس الوقت هي تمسك بمقاليد الحكم والسياسة ومفاصل الدولة، وهذه الطبقة من مخلفات الاستعمار الغربي، تركها وراءه ومنذ ذلك الحين وهي تتوالد وتتكاثر وتتناسل وتعيد انتاج ذاتها.

وأحد أهم معضلات هذه الطبقة المتغربة أنها لم تفهم جوهر الحضارة الغربية ولا أسس نجاحها، بل تعلمت بعض طقوس ومظاهر الحضارة الغربية مثل كراهية الحجاب ومعاداة الدين الإسلامي واحتقار الحضارة العربية الإسلامية والملبس الغربي وتطعيم كلامهم بمفردات إنجليزية، بحيث أضحوا مثل قرود السيرك الذين يتقنون بعض الحركات والألعاب التي يعلمهم إياها أسيادهم، دون أن يفهموا ما الذي يقومون به، ودون أن يكونوا قادرين على الإبداع من تلقاء أنفسهم.

وقرود السيرك في نظر أسيادهم ومدربيهم لطيفين خفيفي دم ومسلين ويصفقون لهم، لكنهم عاجزين عن تقديم أي شيء لأبناء شعبهم أو مجتمعهم، وتفكيرهم محصور في مكاسب فردية ومصالح شخصية، فيصبح الأمر عمليًا أن الاحتلال والاستعمار لم يرحل بل بقي من خلال الطبقة المتغربة والمتنفذة في كل مفاصل الدولة والاقتصاد.
 
ولذا نرى هذا الكم الهائل من المهرجين ضيقي الأفق (مثل عكاشة ولميس الحديدي) في عالم السياسة المصرية، تجد ثائرتهم تثور من أجل رقاصة أو ممثلة تلقت تهديدًا لكن دماء العشرات والمئات لا تعني لهم شيئًا ما داموا لا ينتمون لهذه الطبقة المتغربة، ولذا نرى هذا العداء الهستيري تجاه الإخوان المسلمين والقائم على خيالات وأوهام قادمة مما تعلموه في السيرك، وعندهم مقدرة عجيبة على التمثيل وافتعال مسرحيات هزلية مثل قصة بيع الأهرام وقناة السويس.

والطبقة المتغربة في مصر كما العالم العربي لديها عقدة نقص تجاه الأجنبي والغربي، فتعتبر كل الغربيين بمثابة المدربين لها والقادرين على تعليمها فنون السيرك المختلفة، ولتغطية شعور النقص لديها فهي تستعمل مشاعر الاحتقار للثقافة والمجتمع المحليين (والتي تعلمتها من أسيادها في الغرب) لكي تشعر بأنها أعلى مكانة وأكثر تفوقًا من غير المتغربين داخل المجتمع المصري.

لذا نجد لدى قرود السيرك قناعة راسخة بأن الإسلاميين فاشلون ولو نجحوا لنسبوه إلى الصدفة، فلا يجوز حسب تربيتهم وتعليمهم أن يتفوق غير الذي يقلد الغربيين، ومن أراد السير على طريق التقدم والنهضة فيجب أن يترقى إلى قرد مثلهم، ومن لا يصبح قردًا فيكفي للتعامل معه لغة الاستحمار والاستغباء، وإطعامه من فتات ما يصح لقرود السيرك.
الملايين المؤيدة للرئيس مرسي لا تعني شيء للطبقة المتغربة

ولكونهم أصحاب مصالح فردية ومكاسب شخصية يعتبروها حقًا حصريًا لهم، فهم يشعرون بالتهديد من أي قادم من خارج القبيلة أو الفصيلة الحيوانية، لذا ارتعبوا من قدوم الإخوان خصوصًا والإسلاميين عمومًا، فهم قد جاءوا لهدم البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي استقرت منذ عهد الإستعمار.

ومثل قرد السيرك فغاية أمنيتهم قرن الموز أو كيس الفستق الذي يقدمه لهم المدرب في نهاية كل تمرين، لا توجد لديهم طموحات أكبر، فلا يتقبلون فكرة أن مشروعًا نهضويًا قائمًا على جهود المصريين الذاتية وعلى تحريك عجلة الإنتاج وبناء اقتصاد حقيقي مصري سيستفيد منه الجميع، فلأجل قرن الموز الذي يحصلون عليهم اليوم فهم مستعدون للتضحية بكل الأحلام المستقبلية، هذا فضلًا عن شعور الاستعلاء على باقي الشعب المصري.

الأزمة المصرية تنحصر في هذه الطبقة ونظرتها لذاتها فلا هم يعترفون بقرديتهم، بل يعتبر الواحد منهم أنه بمجرد تقليد الحركات التي تعلمها أصبح أينشتاين المصري، ولا هم يريدون لغيرهم من المصريين أن يسبقوهم وأن يتفوقوا عليهم، فذلك ضد طبيعة الأشياء كما تعلموها في السيرك، فالغربي هو قمة الحضارة الإنسانية والقرد الذي يقلده هو الأقرب له، أما "الأغبياء" الذين يرفضون الحضارة الغربية فيجب أن يبقوا في قاع الحضارة الإنسانية ولو حصل وأن ارتقوا فلا بد أن هنالك خطأ ما.

وعلى قلة عدد هذه الطبقة وعزلتها الاجتماعية عن الشعب المصري، إلا أنها متمكنة من مفاصل الدولة والاقتصاد، وهذا منبع قوتها وقدرتها على خلع مرسي، فلو أعيدت الانتخابات ألف مرة فلن تستطيع الفوز من تلقاء ذاتها، ولذا نجدهم يرفضون الاحتكام لصندوق الانتخابات، فهذا الصندوق برأيهم هو حق حصري لأسيادهم أو لقرود السيرك مثلهم، أما بقية الشعب فهو جاهل بنعمة الاستغراب وكافر بنعمة مشروع الاستحمار الذي تقدمه الطبقة المتغربة، وبالتالي لا يجوز إشراكهم بتقرير مصير شعب وأمة.

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

هنالك ابتهاج من بعض الدول العربية بانهاء حكم الاخوان في مصر ارجو قراءة التقارير
http://www.akhbarak.net/news/2013/07/10/2901640/articles/12983071/%C2%AB%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%8A%D9%88%D8%B1%D9%83_%D8%AA%D8%A7%D9%8A%D9%85%D8%B2%C2%BB_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AD_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1_%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%81_%D8%A5%D9%84%D9%89_%D8%AA%D9%82%D9%88%D9%8A%D8%B6_?ref=shorouknews.com

http://alsawt.net/%D9%88%D8%B3%D8%A7%D8%A6%D9%84-%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D8%B1%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%81%D9%84%D8%AA-%D8%A8%D8%B9%D8%B2%D9%84-%D9%85%D8%B1%D8%B3%D9%8A/

ما تعقيبك على ذلك

ياسين عز الدين يقول...

أخي الكريم هنالك الأنظمة العربية التي تنتمي للعهد البائد مبتهجة بالإنقلاب، ومؤيدوها طبعًا، وبنفس هذه الدول ستجد الأحرار وأصحاب التطلعات نحو التقدم والتخلص من قيود الاستبداد غاضبون من الإنقلاب ومتضامنون مع الرئيس الشرعي محمد مرسي.