الاثنين، 29 يوليو 2013

كيف ننظم حملات إعلامية؟ وكيف نوصل صوتنا للعالم؟ الحلقة الرابعة



رابعًا، المتابعة الإعلامية وتقييم الأداء.



من أهم أركان الحملة الإعلامية الالتزام بالخطة الموضوعة، ولهذا قلنا سابقًا ضرورة أن تكون الأهداف قابلة للتحقيق وأن تراعي الوسائل والأساليب الإمكانيات المالية والبشرية المتوفرة، والحملة الإعلامية ليست مجرد إعلان موقف تجاه قضية معينة أو إيصال رسالة كيفما أتفق، بل هي تكرار لنفس الرسالة بأوقات وأشكال مختلفة حتى تخترق العقول والقلوب.

الحملة الإعلامية عملية تراكمية:


 
لهذا السبب يجب أن لا نتوقع تجاوب الناس من الأيام الأولى مع الحملة الإعلامية، خاصة إن كانت الرسالة الإعلامية غريبة عن ما هو مألوف لديهم، لكن تراكم الرسائل وتتاليها الواحدة تلو الأخرى سيؤدي إلى ترسيخ الأفكار التي نريد في عقول الناس.

وهذا ما نشهده اليوم من تكرار الإعلام المصري الموجه لنفس الأفكار، والتي مهما كانت سخيفة وممتلئة بالهراء والكذب، إلا أنها تجد في نهاية المطاف من يصدقها، ليس لقوة الحجة والبرهان طبعًا، بل لتكرارها مرة تلو الأخرى، حتى يبدأ الناس بالشك في أنفسهم ويقولوا "ما فيه دخان بدون نار".

وهذا هو المبدأ الذي عمل عليه وزير الدعاية النازية "جوبلز" وهو "اكذب ثم اكذب إلى أن يصدقك الناس"، فإن كان هذا الأسلوب يصلح مع تسويق الكذب فمن باب أولى أنه يصلح مع تسويق الصدق، والعكس صحيح فقلة ترداد المواقف الصحيحة أو الزهد في تبيان الحقيقة يؤدي إلى عدم قناعة الناس بها، مهما كانت قوة الحجة والبرهان.

التعاون الإعلامي:



وفي ضوء ضعف الميزانيات والإمكانيات يتم عادة الاستعاضة عن ذلك بتوحيد الجهود بين أكثر من جهة إعلامية من أجل شن الحملة الإعلامية، وتكرار نفس الرسائل على أكثر من منبر، وهكذا يمكن مثلًا أن تقوم حملتنا الإعلامية (لمقاطعة بضائع الاحتلال) بإعداد فيلم على اليوتيوب وتعميمه على المواقع والفضائيات الصديقة ونشره.

وهنا أشير إلى ضعف في هذا الجانب لدى وسائل الإعلام والأحزاب الإسلامية، فهم يزهدون بالتعاون الإعلامي، ولا يتعاونون فيما بعض بالحملات الإعلامية، فلو نظمت وسيلة إعلامية حملة من أجل نصرة الأسرى أو مقاطعة البضائع الصهيونية تجد زهدًا لدى وسائل الإعلام الأخرى الصديقة ببث نفس الرسائل الإعلامية، رغم أن ذلك لا يكلفهم شيئًا.

التقييم:


بعد انطلاق الحملة الإعلامية ضمن المخطط له ومن خلال التعاون مع وسائل الإعلام الصديقة، يجب تقييمها بعد فترة للتأكد من أنه تم الالتزام بالجدول الزمني، ومن أنها حققت الأهداف، وإن كان هنالك خلل فيجب دراسة السبب من أجل التصويب.

إن كان التحقق من الالتزام بالجدول الزمني سهلًا نسبيًا، فقياس تحقيق الأهداف يعتبر تحديًا ليس بالهين، ولهذا قلنا سابقًا أن الأهداف يجب أن تكون قابلة للقياس، فعندما نتكلم عن حملة إعلامية لمقاطعة البضاعة الصهيونية فما هو مقياس نجاحها؟ هل نوزع استبيان على الناس نسألهم إن تغيرت آراؤهم بعدها؟ أم نفحص مبيعات المصانع الصهيونية إن زادت أو نقصت؟ ماذا لو كان نقص مبيعات المصانع الصهيونية سببها تدهور الوضع الاقتصادي وليس مقاطعة طوعية؟

فيجب وضع مؤشرات لقياس نجاح الحملة الإعلامية ونقوم بشكل دوري بفحصها، مثل: عدد الذين شاهدوا الرسالة الإعلامية، واستفتاء آراء الناس بالحملة الإعلامية، وعدد المحلات التي أعلنت التزامها بحملة المقاطعة، وازدياد عدد البرامج الإخبارية التي تناقش موضوع الحملة الإعلامية من وجهة نظرنا، وازدياد عدد الأصوات التي نحصل عليها في الانتخابات، وغير ذلك.

من أجل تقييم الحملة الإعلامية بشكل صحيح يجب عقد جلسات دورية: مرة كل أسبوع، أو كل شهر، أو كل عام، من أجل تقييم الفترة السابقة.

الخطط البديلة:



خلال الحملة الإعلامية قد تطرأ ظروف غير متوقعة والتي إما تكون: ظروف موضوعية أو ذاتية.

ظروف موضوعية تتعلق بالظروف العامة، مثال: خلال الحملة الإعلامية لمقاطعة البضائع الصهيونية تندلع حرب صهيونية ضد غزة، عندها يجب تغيير الجدول الزمني وخطط العمل بما يتلائم مع الوضع الجديد، وإدخال الحرب في الرسائل الإعلامية، وربما تكيثف الرسائل للاستفادة من الظرف الجديد.

ظروف ذاتية تتعلق بالحملة والقائمين عليها، مثال: قد يعتقل الشخص المسؤول عن مونتاج الفيديو، فيجب البحث وقتها عن شخص بديل عنه، وإلى ذلك الحين قد نضطر لتغيير الجدول الزمني ونقدم بعض الرسائل ونؤخر البعض الآخر، إلى أن نجد البديل عن رجل المونتاج.

كما قد نكتشف من خلال عمليات التقييم أن الحملة الإعلامية فاشلة، وقد تكون من بين التوصيات إعادة التخطيط وتغيير الجدول الزمني أو تغيير الوسائل، وغير ذلك من الأسباب، فعندها يجب إدخال تغييرات على الخطة الموضوعة، لكن بعد دراسة مستفيضة لأسباب الفشل وتحديد إن كانت أسباب ذاتية تتعلق بفشل في التخطيط أو التنفيذ أو أسباب موضوعية تتعلق بالوضع العام.

بغير ما ذكر من أسباب لا ينصح مطلقًا بتغيير الخطط المرسومة مسبقًا والأصل الالتزام بها بشكل مطلق وتام، ومن الأخطاء الشائعة استمرار تغيير الخطة والجدول الزمني بسبب أفكار تطرأ على القائمين عليها، وغالبًا ما يتم شطب بنود في الحملة وإضافة غيرها بدون دراسة أو حاجة، فقط لأن أحد ما اقترحها أو لأن مسؤولًا ما قال "خلينا نجرب"، وهذا يربك العمل الإداري والحملة الإعلامية بكل تأكيد.



 
الإجابة: قبل اتخاذ أي قرار يجب تقييم الحملة الإعلامية وقدرتها على تحقيق أهدافها بعد فترة معينة (أسبوع مثلًا)، وتقييم إن كان تفاعل الناس معها قد تأثر بالأوضاع في مصر أم لا. إن لم يكن قد تأثر بشكل كبير فيجب الاستمرار بالحملة، وإن كان هنالك تأثير فيجب إعادة رسم الخطة وإعداد جدول زمني مختزل لكي يتم اختتام الحملة بأسرع وقت ممكن (لتقليل الخسائر)، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه سيتم إعادة إطلاقها مستقبلًا عندما تصبح الظروف مواتية.

ليست هناك تعليقات: