في موضوع
لي في شبكة فلسطين للحوار، قام أحد الإخوة الكرام من المغرب بإعطاء محاضرة عن
تقاعس أهل الضفة الغربية في نصرة غزة، وأنه إذا كان هو معذور ببعد المسافة (كما
يزعم) فأهل الضفة ليسوا معذورين.
وأعطى
اقتراحات وما شابه ذلك، قمت بكتابة رد عليه سأضعه هنا لأني وجدت أن الكثير من
أهلنا خارج فلسطين يرى الضفة شماعة لتقاعسه أو يعتقد أن انتقاده "الضفة"
هو تعويض كافي عن عدم قيامه بأي شيء، وكأن صب الزيت على نار الفتنة المناطقية هو
المساهمة التي يقدمها لإسناد غزة في حربها ضد الاحتلال الصهيوني.
كل إنسان
مسؤول عن نفسه ولن تسأل عن تقصير غيرك فأنظر أين أنت وأنظر ماذا قدمت.
ردي عليه
كان:
أولًا: تتذرع
بالحدود وبعد المسافة، ونفس الشيء ينطبق على وضع الضفة الغربية فجدار الفصل
العنصري والإجراءات الأمنية والتحصينات التي يقيمها الصهاينة، تجعل وصول الفلسطيني
من سكان الضفة إلى تل أبيب أو داخل فلسطين المحتلة أصعب من الوصول إلى المغرب أو
أي دولة عربية، وحتى المستوطنات والمعسكرات في الضفة الغربية بالغة التحصين.
ثانيًا: مع ذلك
فالكثير من أبناء الضفة قدم وضحى في هذه الحرب، وكما سأورد في دراسة لي سأنشرها
خلال اليومين القادمين قمت بإحصاء ما بين 900 إلى 1000 عمل مقاوم في الضفة يتراوح
بين إلقاء الحجارة إلى إطلاق النار مرورًا بالزجاجات الحارقة وغيرها، وقتل خلالها
صهيوني واحد على الأقل وأصيب بضع وتسعون آخرون بجراح بعضهم خطيرة، واستشهد 23
فلسطينيًا وأصيب المئات وسجن أكثر من ألفي فلسطيني من أبناء الضفة والقدس خلال حرب
غزة.
ثالثًا: رغم كل
ما قدموه إلا أنه كان من الممكن أن يقدموا أكثر وهنالك مقصرين وهنالك تنظيمات
وفصائل مقصرة، لكن الله عز وجل لا يحاسب أهل الضفة بجريرة بعضهم البعض، فمبدأ
العقوبات الجماعية موجود عند أهل الأرض، "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا".
رابعًا: وجود
تقصير من بعض أهل الضفة أو كلهم ليس عذرًا للعرب أو الفلسطينين خارج فلسطين، فلا
يحق لمن لم يقدم شيء أن يطلب ممن قدم القليل تقديم المزيد، ولا يجوز لمن كان حرًا
في حركته وقراره أن يطلب من الأسير المحاصر من احتلال صهيوني يتدخل بكافة تفاصيل
حياته وسلطة تابعة للاحتلال تقديم المزيد، وكأن الضفة أصبحت شماعة كل من يريد
التهرب من تقصيره الشخصي.
خامسًا: بنفس المنطق
القائل "لا عذر" فالحدود البعيدة أيضًا ليست عذرًا، حيث يدخل إلى فلسطين
المحتلة عام 1948 العشرات من اللاجئين الأفارقة وغيرهم عبر الحدود مع مصر، من أراد
الجهاد بإمكانه أن ينتكر ويدخل معهم ثم ينفذ عمله الجهادي، وحدود سوريا فالتة فمن
أراد أن يأتي ويتقدم منها، فهنالك ألف طريقة وطريقة لمن أراد العمل، أما التذرع
ببعد المسافة أو أن غيره مقصر فهذا ليس بعذر، حسب منطق الشخصي الذي يطلب من غيره تقديم
المستحيل ولا يكلف نفسه بما طالب به غيره.
وأرى أن الشعوب العربية تستطيع أن تقدم الكثير لفلسطين أكثر من التظاهر والدعاء،
باستطاعتها أن تضغط على حكومات بلدانها لتضغط بدورها على أمريكا لتتدخل لدى الكيان
المسخ ويوقف عدوانه، فهل هنالك من يجرؤ على رفع الصوت في وجه نظام الحكم في بلده: "إما
أن تنصروا فلسطين حق النصرة أو اعتزلوا"؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق