الجمعة، 10 أكتوبر 2014

حزب الله وإشكالية تفجير الدبابة قبل أيام




هنالك مشكلة عند الكثير من الناس يساهم بتفاقمها الإعلام الضحل الذي يعزز السطحية ويحول الكثير من السخافات إلى مسلمات.

المشكلة هي في فهم علاقة حزب الله وإيران بالكيان الصهيوني، وانعكاس ذلك على علاقة الحزب مع محيطه السني، بين من يقول أن إيران والكيان الصهيوني أحباب وما نراه من عداء مجرد تمثيل، وبين من يعتبر إيران والحزب منزهين عن أي خطأ لمجرد معاداتهما للكيان، وبين من يحاول أن يرتقي بالفهم قليلًا ويقول أن الحزب تحركه المصلحة (الكلمة السحرية التي يطلقها الكثيرون على الظواهر التي يعجزون عن تفسيرها).

الأمر يمكن فهمه ببساطة بتعدد دوائر الانتماء، فأي شخص (أو جماعة) في الدنيا ينتمي لعدة دوائر: فأنا انتمي للإسلام وانتمي للعرب وانتمي للسنة وانتمي للشعب الفلسطيني وصولًا إلى الانتماء العائلي وإلى المصلحة الشخصية الذاتية، وقد تكون لدي شلة أصدقاء انتمي لها وهكذا.

والإنسان يتصرف وفق انتمائه لهذه الدوائر، وإذا حصل تعارض فهنالك أولويات، والأصل أن يكون انتمائي للإسلام مقدم على أي انتماء آخر.
 
إيران وحزب الله ومن منطلق انتمائهما لدائرة الإسلام (بغض النظر عن رأي البعض لكنهم يرون أنفسهم مسلمين) فتعاديان الكيان الصهيوني وتحاربانه، لكن المشكلة تكمن في أن الانتماء للطائفة لديهما مقدم على الانتماء للإسلام ولهذا يرتكبان كل هذه الموبقات في سوريا والعراق واليمن.

عداءهما للكيان الصهيوني بشكل عام صادق مثل غيرهم، لكن ما قاما به في سوريا والعراق تحديدًا بخّر كل حسناتهما وجعلهما مثل الخمر والميسر أثمهما أكبر من نفعهما، الأمر هكذا وبكل بساطة: جماعات وطائفة قامت بأعمال حسنة محتها أعمالها السيئة الكثيرة جدًا.

وهكذا الحياة الواقع تجدون حتى أشر الناس وأسوأهم قد يقوم بعمل خير في لحظة ما، فهل يجعله إنسانًا حسنًا؟ بالطبع لا، وهل هو ممثل؟ ربما يمثل وربما لا العلم عند الله.

حزب الله ليس بصدد إشعال الجبهة مع الكيان الصهيوني لأنه منشغل بحربه الطائفية في سوريا، لكن حتى لو ترك سوريا وقرر أن يكفر عن ذنوبه وأن يحارب الكيان الصهيوني فسنجد البعض سيقف بوجهه لأن ولاء هذا البعض وانتمائه هو لأمريكا وليس للأمة الإسلامية، وهذا البعض ليس أحسن حالًا من إيران أو حزب الله، وكلا الطرفين عدو لنا (حتى نكون واضحين).

بالنسبة لي أفهم عملية تفجير الدبابة بأنها عملية منفردة ويتيمة ولا تبعات لها، وما أرجحه أن الاحتلال أراد استغلال انشغال الحزب في سوريا لكي يستولي على المزيد من الأراضي فتم تفجير العبوة، ولهذا جاء رد الاحتلال هزيلًا (وقد ينتقم بطريقته لاحقًا) لأنه هو المبادر بالتجاوزات.

لا أرى أي تغيير في سياسة حزب الله وإيران والذين حسما أمرهما بالمضي حتى النهاية في حربهما الطائفية، وأنا أدرك جيدًا الأفق الضيق جدًا الذي يتحرك فيه الطائفيون وبالأخص الأقليات الطائفية، وعندي أقرب مثال والكيان الطائفي الأول في المنطقة (أي ما تسمى دولة إسرائيل)، فأفهم تمامًا كيف يفكر الإيرانيون وحزب الله لكن لا أذهب وأبدأ بلصق كل فعل شيطاني بهما فهذا ليس بالمنهج العلمي.

كان من الضروري توضيح هذه الأمور للأسباب الآتية:

أولًا: حتى نفهم ما يدور حولنا بطريقة واقعية بدلًا من أسلوب التبسيط المخل والتسطيح المنتشر هذه الأيام.

ثانيًا: حتى لا يصبح مقاومة الاحتلال فعلًا مجرمًا كما يحاول عملاء أمريكا استغلال كراهيتنا لجرائم حزب الله من أجل تجريم المقاومة نفسها.

ثالثًا: حتى ندرك خطورة الانجرار وراء الإعلام المخابراتي الخليجي الذي يقرر شيطنة حزب الله عندما يصطدم مع الاحتلال الصهيوني، ويسكت عن الحزب عندما يرتكب المجازر في سوريا، والذي صرعنا بالخطر الحوثي واتهم الإخوان بالتعاون مع الحوثيين، ثم سكت عن احتلال الحوثيين لصنعاء.
 
يجب الحذر من هذا الإعلام الذي يتلاعب بعواطف الناس لتمرير رسائل خبيثة.

ليست هناك تعليقات: