الاثنين، 20 أكتوبر 2014

ما هو سر انتصارات داعش؟




قبل أن أبدأ نقاش موضوع المقال أود التأكيد على أمرين:

الأول: داعش والقاعدة ليستا مؤامرة أمريكية، ربما ظهرا كنتيجة للسياسات الأمريكية وربما تستفيد أمريكا من أخطائهما لكن لا أؤمن بالنظرية التي تقول أن أمريكا (أو إيران في الرواية الأخرى) صنعت التنظيمين لتدمير المسلمين، فهذا سيناريو يصلح لفيلم سينمائي وليس للحياة الواقعية.

الثاني: خلال النقاش سأستشهد بالقاعدة كثيرًا رغم أن الكثير يفرق بينهما على اعتبار القاعدة أقل دموية من داعش، لكن بالنسبة لموضوعنا فكليهما يعتمدان نفس الاستراتيجية والتكتيكات في التمدد والعمل الميداني.

وقد لفتت الانتصارات السريعة التي حققتها داعش في سوريا والعراق أنظار الكثيرين، وهذا ما دفع البعض لأن يعتقد أنها صنيعة أمريكية أو إيرانية مدعمًا رأيه بما بثته من فرقة بين صفوف الثوار وأخطائها التي يستفيد منها الإيرانيون والأمريكان، وفي المقابل أبهرت هذه الانتصارات المتعاطفين مع القاعدة وداعش وزادت حماسهم لمشروع داعش.

لكن ما هي حقيقة هذه الانتصارات؟

أولًا: تعتمد القاعدة وابنتها داعش على استراتيجية النشاط في المناطق التي تشهد فراغًا أمنيًا، مما يسهل مد نفوذها والسيطرة عليها.

رأيناها نشطت في الصومال وهو بلد مفكك وذلك من خلال حركة الشباب المجاهد، ورأيناها في شمال مالي بعد أن قامت جبهة تحرير أزواد بهزيمة الجيش المالي مما خلق فراغًا ملأته حركة أنصار الدين، وفي سوريا حيث خلقت الثورة فراغًا ملأه الثوار ولكن!


وفي العراق اجتمع عاملان: الجيش العراقي ليس بالجيش المحترف ولا المتماسك لا إداريًا ولا معنويًا (فكان هدفًا رخوًا مدججًا بالسلاح)، والحراك الثوري في المناطق السنية الذي أعطى داعش الغطاء لكي تتحرك.

وقد رأينا مشروعًا للقاعدة نشأ في غزة بعد انسحاب الاحتلال عام 2005م وتركه فراغًا أمنيًا، إلا أن حماس قضت عليه، بينما لا نجد ولن نجد مشروعًا للقاعدة لا في الضفة ولا في الأردن ولا في أي بلد محكوم بقبضة أمنية محكمة.

ثانيًا: ماكنة دعائية غاية في الإتقان تقوم على عدة ركائز؛ مخاطبة العاطفة والكلام بالمثاليات وهي عناصر تجذب الشباب صغير السن.

واتهام وسائل الإعلام بالكذب والتشويه حتى تبقى محتكرة عقول الأنصار وحتى تربك الجمهور المحايد.

ولعل أهم ركيزة هي التركيز على انتصاراتها في رسالتها الإعلامية بحيث تعطي رسالة قوة، والناس يحبون القوة ويتبعونها ويتغاضون عن أخطاء صاحب القوة، وفي حال حصل نقص بالانتصارات صنعتها واختلقتها كأن تقول أن الفندق الذي فجرته في عمان كان مقرًا لاجتماع جهات جاسوسية عالمية.

رفع سقف الخطاب عاليًا عندما يترافق مع نجاحات ميدانية وإبراز هذه النجاحات وإخفاء الإخفاقات فهذه تجمع صفات البطل المخلص الذي ترنو إليه الجماهير.

كما تراهن على بساطة تفكير الأنصار، ونسيانهم أو جهلهم بمغامرات وإخفاقات القاعدة الكثيرة، ولذا نجد الكثير من أنصار القاعدة وداعش من الذين لا توجد لهم اهتمامات سياسية أصلًا.

وأخيرًا تعتمد على بث الرعب في قلب الخصوم، ولذا يتعمدون قطع الرؤوس والظهور بالشكل الهمجي، وذلك من أجل إخافة الخصم وإقناعه بأن أفضل حل هو الخوف والهروب، وهذه إحدى أساليب حزب البعث (بشقيه العراقي والسوري)، الذي كان يعذب الناس ويسرب صور تعذيبهم حتى يخيف الآخرين.

ثالثًا: انتهازية سياسية لا مثيل لها تصل إلى حد النذالة في الكثير من المواقف، قائمة على التخلص ممن كانوا شركاءها أو سبقوها في العمل الثوري، فيتركون غيرهم يحاربون النظام ثم يأتون وينقضوا عليهم، وبعد أن يلحقوا بهم الهزيمة يعرضوا على الأفراد الانضمام إليهم، فيجد هذا المهزوم أنها فرصة لكي يعيد الاعتبار لنفسه وأن يصبح جزءًا من تنظيم قوي.

وهذا الأسلوب ينجح بالدرجة الأولى مع التنظيمات التي تتقارب فكريًا مع داعش فيتحرج أعضاؤها من قتالها، وبعد الهزيمة يتقبلون فكرة الانضمام لها ومبايعتها، وهذا رأيناه بوضوح مع جبهة النصرة وأحرار الشام عندما ألحقت داعش بهذين التنظيمين الهزائم كان الكثير من أفرادهما (وبالأخص جبهة النصرة) ينضمون إلى داعش.

وهكذا تستطيع داعش أن توسع نفوذها على نطاق واسع بفضل مجهود غيرها الذي تأخذه غالبًا على حين غرة (حيث يظن أن الالتقاء عند بعض الأهداف يعصمه من بطش داعش)، فتأخذ من هذا الحليف السابق رجاله وعتاده ومناطق نفوذه، وتتمدد!!

وبناء على ما سبق نرى أن القاعدة تتمدد في الفراغ، واستراتيجيتها الأولى هي مهاجمة الخصم الضعيف، وأكل الحلفاء وابتلاعهم (وداعش قد توسعت جدًا في عملية ابتلاع الحلفاء)، وماكنة إعلامية تبهر وتضخم من هذه الإنجازات وتسلب عقول الشباب وعوام الناس.

وهكذا نستنتج أن التمدد ليس إلا فقاعة ستنفجر آجلًا أم عاجلًا، والمشكلة أننا لا نتعلم من تجارب الماضي؛ انظروا إلى تجربة طالبان في أفغانستان كيف أفشلتها القاعدة عندما فتحت جبهات خارجية مع أمريكا كانت فوق قدرة طالبان، وانظروا إلى تجربة القاعدة في مالي وكيف انهارت مع أول الضربات الفرنسية، وانتهت إمارتها في شمال مالي، وماذا عن مشروعها في الصومال؟ لقد انهار أيضًا عندما تم تنظيم الجيش الصومالي وتقدم بدعم من القوات الأفريقية.

لقد كانت التجربة الصومالية مفخرة القاعدة وماكنتها الإعلامية ويأتون بصور الوالي وهو يوزع المواشي والطعام بوصفها زكاة جمعها من الأغنياء، وكأننا أمام مجتمع يعيد أمجاد الصحابة، وفي النهاية انفجرت هذه الفقاعة.

وكذا فقاعة داعش ستنفجر لأنها لا تستطيع التمدد خارج المناطق السنية، و توقفت عن الهجوم في الجنوب العراقي (حيث الحاضنة الشعبية الشيعية) بعد وصولها إلى ديالى وتكريت لأنها لا تستطيع اختراقها، فاتهجت شمالًا معتبرة أن البشمركة عدو أكثر ضعفًا.

باختصار ما نراه من داعش اليوم هو تمدد في مناطق خارجة أصلًا عن سيطرة الأنظمة الحاكمة، وهي عاجزة عن الخروج منها، وكل ما تفعله هو استنزاف المقاومة العراقية والسورية والتمدد على حساب جهود غيرها.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

داعش صنيعة أمريكا ، ليس بمفهوم المؤامرة وما تطرقت إليه ، هي والاستبداد سبب وجودها كل بطريقته ، وها هي ستجد لها مكانا في اليمن ، نفس السيناريو

داعش تتمدد كيف ؟!
في العراق كانت على مقربة من اسقاط بغداد ، فتصدى لها الاكراد ، قامت هي وضربتهم في كوباني هذا ليس تمدد ، التحالف لن يقضي عليها ، لأنها ليست جيش نظامي ، هي عبارةعن مجموعة أفراد ، عصابات ستجدهاهنا وهناك ما إن تستعصي عليها جبهة ينضم لها مخدوعون جدد ويفتحون جبهات أخرى ، ويعتقد السذج أنها تتمدد ، الغاية من هذا كله ، أن ينخدع من تحركهم العاطفة ، فتعلو في نظرهم داعش ، فيتناسون أفعالها المشينة ، ويعتقدون أنها الاسلوب الامثل في مواجهة الظلم ، بدأنا نسمع ، لو كانت داعش في فلسطين ، لأنهت السلطةوكنست المحتل !

الهدف دعششة المجتمعات العربية وبعدها تأتي أمريكا كأنها المنقذ وتستبيح الاراضي العربية ، مع العلم أنها هي من تسند الطغاة وتغض الطرف عن جرائمهم ، وتنزع منهم سلاح الجريمة وتتركهم ليفتكوا بالشعوب ، بأسلحة ليست أقل من السلاح الكيماوي