تتميز عملية الاقتراع في انتخابات جامعة بيرزيت بأن كل صندوق اقتراع مخصص
لسنة دراسية، وليس لكلية أو تخصص.
وهكذا تمكنا من اكتشاف أن طلاب سنة أولى قلبوا النتيجة من تعادل بين الكتلة
والشبيبة إلى فوز بفارق ثلاثة مقاعد لصالح الشبيبة.
وميل طلاب سنة أولى للتصويت لحركة فتح هي ظاهرة معروفة وقديمة في كافة الجامعات،
لكن الفارق كان كبيرًا بدرجة ملفتة هذا العام.
نشاط الكتلة طوال العام وفي الدعاية الانتخابية أنعكس على أصوات طلاب سنة
ثانية فما فوق، وطلاب سنة ثانية الذين انتخبوا فتح العام الماضي انتخبوا الكتلة هذا
العام، لكن طلاب سنة أولى ما زالوا متأثرين بالخلفية المجتمعية التي قدموا منها، ومن
الواضح جدًا أنها بيئة غير حاضنة للكتلة الإسلامية أو حماس.
البعض يشخص ذلك بالتضييق الأمني الممارس على حماس في المساجد والمجتمع بشكل
عام، وهذا تشخيص صحيح إلى حد كبير، لكن هل يعفي الحركة ومؤيديها من إيجاد حل؟
طبعًا لا، فتشخيص المشكلة هو الخطوة الأولى، لكن الاكتفاء بالتشخيص مشكلة،
ويجب البحث عن حل، لأن خصمك لن يتكرم عليك ويخفف من قمعه، خاصة عندما يكون هذا القمع
جزء من حلف غير مقدس بين السلطة والاحتلال، ومن يكتفي بلوم الأجهزة الأمنية، كأنه يقول
اذبحونا وتحملوا وزرنا، وهم ما عندهم مشكلة بحمل وزر قتلكم وذبحكم وذبح أهلكم (مش سائلين
يعني).
ومن الضروري التأكيد على أنه لا يوجد حل سحري أو بدون ثمن، ومن يخشى دفع الثمن
فسيتحمل مسؤولية استمرار الوضع القائم بالضفة.
ليست المشكلة في نتيجة انتخابات مجلس طلبة، فنتيجة الكتلة جيدة ومماثلة للعام
الماضي، وحصتها في مجلس الطلبة محفوظة، وفي النهاية هذا مجرد مجلس طلبة لا أكثر، لكن
المشكلة الحقيقية تكمن في أن النتيجة تعكس وجود خلل حقيقي في المجتمع الضفاوي (حتى
انتخابات جامعات محافظة الخليل معقل حماس تعكس ذلك)، وهو وجود انكفاء مجتمعي عن حماس
(وسواء كان ذلك خوفًا أو جهلًا فالنتيجة واحدة في النهاية)، وهذا الخلل ينعكس على شكل
ضعف التفاعل مع برنامج المقاومة وضعف التفاعل مع نشاطات نصرة الأسرى وضعف الاستعداد
للتضحية ومقاومة الاحتلال.
ما شهدناه في الضفة خلال الأيام الأخيرة منذ توقيع المصالحة وعودة حماس إلى
الشارع، مثلما حصل في تشييع جنازة الشهيدين عوض الله، وقبلها جنازة الشهيد محمد الحنبلي،
ومسيرات دعم الأسرى، ما زالت عودة خجولة ولن تكون عودة سهلة ولها ثمن اعتقالات وملاحقة
وتضييق من قبل الاحتلال والسلطة، والأثر لن نراه قبل عدة أشهر على الأقل.
يمكن للكتلة الإسلامية أن تعالج إشكالية طالب السنة الأولى عبر المزيد من
التواصل معه، ومساعدته في بداية التحاقه بالدراسة كي يندمج بشكل أكثر سلاسة في
الوسط الجامعي، لكن المشكلة الأهم هي ضعف تواصل الحركة والدعوة مع المجتمع.
ملاحظة على الهامش: فوز الشبيبة لا يعني
على الإطلاق فوز نهج عباس الاستسلامي، لأن الشبيبة قدمت نفسها في انتخابات مجلس الطلبة
على أنها تتبنى المقاومة المسلحة، وحرقت صورة الهباش وتفاخرت بالماضي المسلح للحركة،
وقدمت الأسير المحرر أسرار سمرين (والذي كان مسجونًا بالمؤبد بتهمة قتل مستوطن)، ولا
شك أن هذا ساعدها على الفوز بعدد لا بأس به من أصوات الطلبة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق