الاثنين، 21 أكتوبر 2013

عيد الأضحى على المحسوم*


قرر أبو محمد التوجه ثاني أيام العيد إلى نابلس مع أم محمد والأولاد، ليزور حماته فهذا أول عيد لها بعد وفاة زوجها، ركبوا السيارة الساعة الحادية عشر صباحًا فلا يوجد شيء ما يوجب الاستعجال، فالدنيا عيد فلا أزمة سير كما أن حواجز الاحتلال لم تعد همًا للمواطن منذ عدة سنوات.
 

شارع فيصل - نابلس
سارت الأمور على ما يرام، ومستوطنو يتسهار لم يكونوا موجودين اليوم ليلقوا الحجارة على السيارات المارة، إلا أنه بعد أن دخلت سيارة أبو محمد مدينة نابلس وعند بداية شارع فيصل، وإذ بسيارات متوقفة أمامهم، "يا فتاح يا عليم" تمتم أبو محمد، وحاول أن يفهم ما يحصل "أزمة سير؟ ما ظنيتش الدنيا عيد، ممكن حادث؟"، قرر أن ينزل ليستفهم.

مشى قليلًا سأل أحد السائقين: "شو فيه؟"، جاءه الرد: "اليهود مسكرين الطريق."


-    "خير؟ ليش يعني؟"


•    "والله ما بعرف، لسه هسه أجيت، زيي زيك."



سأل أبو محمد شاب كان يمر من المكان عن سبب إغلاق الشارع، فجاءه الرد: "بيقولوا بدهم يعتقلوا شاب مسكوه قوات خاصة جنب المقبرة الشرقية".


-    "طيب والحل؟" سأل أبو محمد نفسه، ثم قرر أن يسأل شخص آخر فربما يستفيد أكثر، واستوقف مجموعة من الشبان جاءوا ليراقبوا الموقف، فجاءه الرد:
 

•    "فيه الممثلة أحلام جاي ع البلد، وبدها تصور لقطة بالفيلم الجديد تبعها .."، فنكزه صديقه مصححًا "أحلام مغنية فضحتنا!..."
 

-    "طيب وشو يعني"


•    "ما هو بدهمش حد يخرب عليهم اللقطة، وأجوا بالعيد يصوروها هناك، علشان ما يعطلوا مصالح كثير ناس."


-    "والله عال، هي جاي تشم الهوا واحنا نرتمي نستنى في سيادتها"


•    "أنت ليش زعلان؟ بدل ما تنبسط أنه فلسطين صارت على الخارطة العالمية، وهذه مغنية مشهورة لما تصور فيلم عنا، كل العالم بسمعوا باسم فلسطين، هيك إحنا بنتحدى اليهود، مش غولدا مائير قالت فش شعب فلسطيني؟ هيك إحنا بنثبت للعالم أنه إحنا موجودين وكل الناس بشوفوا نابلس بالفيلم و..."


-    أبو محمد متضجرًا "طيب وليش هداك الشاب حكى أنه بدهم يعتقلوا واحد؟"


•    "والله ما بعرف، أنا هدا اللي حكوا لي إياه، بيجوز بدهم يعتقلوا واحد، أنداري."


لم يستفد أبو محمد شيئًا لقد عاد إلى نقطة الصفر، بعد أقل من دقيقة وصلت دورية شرطة فلسطينية إلى المكان، نزل رجال الشرطة، توجه إليهم أبو محمد "شو فيه؟" جاءه الرد "اليهود عاملين حاجز."


-    "ما إحنا عارفين، بس ليش عاميلنه؟ روح اسألهم مطولين علينا مشوار بدنا نخلصه."


•    "روح ورا هديك السيارات فيه طريق بلفوا منها بدل ما تقعد تستنى."


-    "يا عمي وين بدي أروح؟ أنا مش من هون وما بعرف الطرق هديك، شوف إذا مطولين الجماعة أو لا."


أشاح الشرطي وجهه ورجع إلى الخلف، وفي هذه الأثناء بدأ صبية صغار بالتجمع حول المكان، ألقى أولهم حجر على جنود الاحتلال ثم هرب، ثم جاء زميل له وألقى حجرًا ثانيًا، قام سائقوا السيارات الذين يقفون بين الجنود والصبية بركوبها والابتعاد عن المكان.



بدأ رجال الشرطة الفلسطينية بملاحقة الأطفال، "يالله روحوا انصرفوا"، "بس يا ولد روح غور من هون"، "ولكم مين وداكم ترموا حجار ع اليهود يا جواسيس!"، وبدأت بينهم لعبة القط والفأر، أما أبو محمد ففكر بالعودة ولحاق السيارات الأخرى على "طريق اللفة"، لكنه لمح ضابطًا من الشرطة الفلسطينية يتوجه إلى جنود الاحتلال، تفائل قليلًا وقرر أن ينتظر فربما فرجت وستفتح الطريق، عاد الضابط توجه له أبو محمد "بشّر؟"


•    "خلص كل واحد يرجع ويدبر حاله، انتو لما تظلكم واقفين بتعطلوا شغلهم، مش عارفين يشتغلوا." جاء الرد صادمًا على نفس أبي محمد، رغم أنه لم يتفاجأ منه.


-    "شوووو؟ انتو بتشتغلوا عنا ولا عندهم؟ إحنا فكرناك رحت تفتح لنا الطريق؟ غاب وجاب!"


•    "روح شوف جماعتك في غزة عاملين هدنة وتهدئة واللي بضرب صاروخ بحبسوه ... "


-    "يا زلمة مالك؟! صحصح! شو وين غزة ووين إحنا؟ يا عمي طز في حماس وفي اللي خلّف حماس، وطز في اللي بحب حماس، الله يخرب بيت فتح وحماس من يوم ما سمعنا فيهم وما شفنا الخير.
أنا بسألك عن الطريق وبتحكيلي خليهم يشوفوا شغلهم!!!"


•    "يا عمي انتو شعب ولا عمركم راح تتحروا، ما بتعرفوا النظام ولا السلوك الحضاري، كيف بدنا نقنع العالم يعطونا دولة، وإحنا مش عارفين نوقف ع حاجز؟ لما نعرف نوقف على الدور راح نتحرر.
خلص قلنا لك الطريق مسكر، والكل بروح على طريق اللفة، ليش إنت على رأسك ريشة؟ أنت أحسن من كل هالناس؟"


-    "لا والله مش أحسن منهم ، طيب دخلك هالدولة كيف راح يعطونا إياها؟ سادة أو مع سكر زيادة؟ وبعدين ..." ثم قرر أبو محمد أن ينهي الجدل واستسلم للأمر الواقع وقرر لحاق السيارات التي تسير بـ "طريق اللفة".


دخل سيارته فسألته أم محمد "شو صار؟ فتحوا الطريق؟"، فصاح بها "طيب اسكتي، جننتيني أنت وإمك وقصصكم الفاضية، بدكش إلا تزوريها!!"، ثم بدأ يتمتم "خلي أحلام تغني وترقص وماله؟ إحنا شو ورانا!! هينا قاعدين لقلة القيمة و###....."
 


*المحسوم: هو الحاجز باللغة العبرية.

ليست هناك تعليقات: