لقد تفاجأت من كمية
الكذب والتدليس الذي ذكره جيش الإسلام في بيانهم، وهو إما بتوجيه الجهات الداعمة
لهم (الكويت) أو عن جهل وانقياد وراء دعاية مغرض، وكليهما عذر أسوأ من ذنب، وهذا
يعيد التأكيد على ضعف الوعي لدى فصائل الثورة السورية وعدم قدرتهم على التمييز
بين العدو والصديق.
تمامًا مثلما فعلوا
مع مرسي انساقوا وراء الإعلام الخليجي الموجه والإشاعات التي كانت تطلق ضده،
وكانوا أول المحتفلين بسقوطه لتنقلب الأمور بعدها ضدهم ويأتي السيسي ليضيق على اللاجئين
السوريين ويدعم بشارالأسد صراحةً، وعندها لم نسمع لكل تلك الأبواق أي صوت.
واليوم يتكرر نفس
الشيء ينساقون وراء أكاذيب يروجها إعلام مغرض ضد مشعل، ويتجاهلون تمامًا أن مبعوث
رئيس السلطة محمود عباس كان في دمشق يجتمع مع مسؤولي النظام، وخرج على فضائية الإخبارية
الموالية للنظام ليمدح علنًا وبكلام لا مواربة فيه بشار الأسد و"حكمته"،
وبإمكانكم متابعة لقاء عباس زكي (مبعوث عباس والقيادي الفتحاوي) في الفيديو أدناه:
كان الأجدر بثوار سوريا وعلى رأسهم جيش الإسلام الاهتمام بمعركتهم ضد النظام السوري، وأن لا يشتتوا جهودهم وأن لا يكتسبوا عداوة من هو حليف لهم، وأن لا يغضبوا عشرات الآلاف من الشباب الحمساوي الذي ثاروا في لحظة من اللحظات ضد قيادتهم لأنها لم تكن واضحة في موقفها مما يحدث في سوريا، وأن لا يخدموا الاحتلال الصهيوني وأذنابه في سلطة رام الله (نفس الأذناب الذين يدعمون بشار الأسد علنًا وبكل وقاحة).
وأرد عليهم بالآتي:
أولًا، الكلمة كانت عن
القدس والأقصى والأخطار المتصاعدة لتهويد الأقصى، وطول الكلمة 37 دقيقة، منها ثلاث
دقائق فقط تكلم فيها عن الوضع العربي بشكل عام، وكان تركيزه والنقطة الأهم التي
شدد عليها هي رفضه لأي عملية مساومة أو مفاوضة أو تنازل عن القدس.
ثانيًا، لم يذكر سوريا
صراحة في كلمته، ولم ينطق بالجملة التي نسبت له (لا تصريحًا ولا تلميحًا) التي تطلب
"من الجماعات السورية أن توجه بنادقها إلى إسرائيل"، وبالرغم من أن
الجملة بحد ذاتها ليست عيبًا إنما تأويلاتها هي ما أغضبت جيش الإسلام، لكنه لم
يقلها من الأصل، فكيف يحاسب على جملة لم يقلها؟
ثالثًا، الثلاث دقائق التي
تكلم فيها مشعل كانت عن الوضع العربي بشكل عام، تكلم عن حق الشعوب بالحرية ومحاربة
الأنظمة المستبدة والفاسدة، وتمنى أن يكون بلا سفك دماء وبلا نزاعات طائفية
وعرقية، وطلب من الشعوب العربية (كلها) أن تضع في حسبانها محاربة الكيان الصهيوني.
لا أدري هل أجرم
عندما طالب الشعوب العربية أن تحارب الكيان الصهيوني؟ هل من الكثير علينا كشعب
محتل منذ ستين عامًا أن نطلب من إخواننا العرب أن يضعوا في حسبانهم أن يحاربوا
الكيان؟ لماذا تلوموا حماس إذن عندما تبحث عن دعم من إيران وحزب الله إن كنتم
تبخلون بكلمة؟
ما قاله هو كلام
عام يقوله قسم كبير من ثوار سوريا أنفسهم، وما أراه أن هنالك حساسية لدى بعض
الفئات السورية المحسوبة على النظام السعودي والعرعور والخليج من أي إدانة
للطائفية، وهذا لأن مخطط تقسيم سوريا يستدعي الخطاب الطائفي، وتقسيم سوريا بين
الطوائف.
أنظروا إلى الدعم
العسكري المقدم إلى ثوار سوريا، يصل إلى حلب لكن يحجب عن حمص، لماذا؟ لأن حمص جزء
من الدولة العلوية حسب المخطط الأمريكي – الروسي.
وهذا ما تحرص دول
الخليج على تحقيقه خدمة لأسيادهم الأمريكان، وهو نفس الدور الذي قاموا به ضد مرسي.
رابعًا، مثلما عابوا على
حماس أنها لم تقل كلمة ضد النظام السوري في بدايات الثورة بحجة أن سكوتها يقوي
النظام السوري، فمن باب أولى أن تخرس كل الألسنة التي تطعن في حماس بهذا الموقف،
لأن مهاجمتها وبهذه الطريقة يدعم الاحتلال الصهيوني الذي يريد تهويد المسجد الأقصى
(وللعلم فقط الأقصى قضية تهم كل المسلمين وليس الفلسطينيين فقط)، ويدعم السلطة
الفلسطينية ذنب الاحتلال وحليف نظام الأسد.
خامسًا، البيان يمدح الشيخ
رائد صلاح متملقًا إياه ويعير به خالد مشعل، وأقول هنا أن تحرك مشعل وحماس في
الفترة الأخيرة جاء لتعزيز جهد الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية في معركة
الأقصى، لأن الهجمة الصهيونية أصبحت أكبر من قدرة الشيخ وحركته، وحماس قررت التحرك
ودخول المعركة بكل ثقلها، وبدلًا من مساندته ومساندة حماس نجد من ثوار سوريا من
يطعنون الحركة من الخلف.
سادسًا، إن كنتم أجزتم
لأنفسكم أخذ الدعم من النظام السعودي والكويتي (أعداء القضية الفلسطينية) بحجة أنه
لا خيار لكم، فمن باب أولى أن تسمحوا لحماس أن تأخذ الدعم من إيران وحزب الله،
علمًا بأن حماس قالتها وبصراحة وبأكثر من موقف أن علاقتها مع إيران لا تؤثر على
موقفها المبدئي من سوريا، فهل تجرأون على قول نفس الكلام؟ هل تجرأون أن تقولوا أن
أخذكم الدعم من النظام الكويتي أو السعودي لا يؤثر على دعمكم للمقاومة الفلسطينية
في حربها ضد الاحتلال وضد المفاوضات العبثية؟
لا أنتظر منكم
المواقف لكن أعيرونا سكوتكم ولا تطعنوا المقاومة الفلسطينية من الخلف غدرًا وغيلة.
سابعًا، بيان بني على
شائعات وتدليس وتحريف الكلم عن مواضعه، بحاجة لاعتذار من فصيل جيش الإسلام،
ولإدانة من جهة باقي ثوار سوريا، لأنه طعن وغدر بحركة تحارب الاحتلال
الصهيوني لوحدها، ولأنها حركة قدمت المبادئ عندما دعمت الشعب السوري ضد النظام،
ودفعت ثمنًا غاليًا لذلك، ولم يحتضنها أحد بعد الخروج من سوريا، بل زادت هجمة
أنظمة الخليج عليها (لأن المطلوب رأس المقاومة وليس رأس النظام السوري).
عندما يلقي مشعل كلمة عن القدس والأقصى، ويتكلم بنهاية الكلام بعموميات
تفسر على أكثر من وجه، وتأتي وتلوي أعناق هذه العموميات وتهاجمه إنطلاقًا من هذه
التفسيرات الملتوية، في الوقت الذي تتجاهل مواقفًا أكثر وضوحًا لسلطة محمود عباس،
وفي ظل كونك مدعومًا من أنظمة خليجية تسعى لإحتواء الثورة السورية، فمن حقي أن أشك
بالدوافع وراء هذا التصريح، وأن أقول وبكل ثقة أن المراد منها ليس الدفاع عن
الثورة السورية بل محاصرة حماس وإفشال توجهها نحو تحريك ملف الأقصى والقدس.
البيان المنسوب لجيش الإسلام:
هناك 3 تعليقات:
بارك الله فيك أستاذ ياسين .. فهؤلاء كما قلت إما كتبوا البيان جهلا و غباء و اما حقدا و لدوافع خارجية .. وعلى كلا الوجهين عذر أقبح من ذنب .. نطالب الفصائل السورية الأخرى وخاصة الإسلامية منها بتقديم اعتذار واضح للشعب الفلسطيني وليس لخالد مشعل أو حماس
سامحك الله انت الاخر ,, نحن السوريون نعلم ان جيش الاسلام أخطأ في هذا البيان و لعله خطأ ما او هكذا نتمنى .
لكن اخي العزيز اسمح لي بنقد اسلوبك المتعجرف فنحن لسنا اطافيل في السياسة
وجيش الأسلام ليس (خمسطعشر شلعوط) حتى تهاجمهم هذه الهجمة
نحن من بعد الله املنـا في هذا الجيش ليقيم شرع الله في الشام , لأننا او انا شخصياً لست مقتنع بطريقة القاعة مع عدم التشكيك بالنية ,, فالنصح النصح و الكلام الطيب يا أخي وانتم الأقدم في السياسة , مع اننا نعيب عليكم وقوفكم فالظل الإيراني العفن ولكن نحسب ذالك كسرة لا بد منها في حالتكم
أأسف ع الأطالة و تقبل مني هذا المرور و السلام عليكم ورحمة الله و بركاتو
سلاماً يا أقصــنا ,, ففي القريب ملتقانا
شكرًا لكما على مروركما ومشاركتما الطيبة.
بالنسبة لما ذكرته أخ محمد قدح لا أدري ما المطلوب أن أكتبه أو أقوله حتى لا أكون متعجرفًا فسقطة جيش الإسلام (وغيره ممن قلده بالهجوم على مشعل بناء على إشاعة) بماذا تفسرها؟
إما أنهم هواة سياسة لكي يتبعوا إشاعة بدون تثبت أو أنهم يخدمون أجندات غير بريئة. لا أدري هل لديك تفسيرًا آخر لذلك.
وضعف أداء المعارضة السورية واضح وكما يقول الكثيرون أنه العائق الأكبر أمام انتصارهم على النظام، وأنا هنا لا ألومهم كأشخاص فنظام مستبد فاشي مثل النظام الأسدي عمل طوال 50 عامًا على تحطيم الحياة السياسية للشعب السوري، وبالتالي مثل هذه الأخطاء متوقعة.
وإن قسوت بالنقد فهذا لكي ينتبه القوم لأن نفس الخطأ تكرر مرارًا وتكرارًا.
وسرني ما ذكرته في البداية أن عموم الشعب السوري يخطئ جيش الإسلام ببيانه هذا.
وشكرًا لك.
إرسال تعليق