الاثنين، 18 أغسطس 2014

تعليقًا على منشور بعنوان "مخاطر المواقع الإباحية"




قرأته وأنا أتوقع أن أجد به معلومات تقنع القارئ بأن زيارة المواقع الإباحية تضره (سواء من ناحية جسمية أو نفسية أو دينية وإيمانية).

المنشور كان طويلًا وأغلبه إحصائيات عن مدى انتشار المواقع الإباحية (بلا توثيق مع أخطاء في ربط الأرقام بعضها ببعض)، وسأضع ملخصه على شكل نقاط، وما بين الأقواس هي الرسالة الضمنية التي ستصل للمتلقي (سواء قصد صاحب المنشور ذلك أم لا):

- غالبية كبيرة من الشعب المصري يزور المواقع الإباحية (يعني لا تقلقوا من زيارتها فكل الناس يفعلون ذلك).

- غالبية متزايدة من الشباب السعودي يزور المواقع الإباحية بفضل الوسائل التكنولوجية للتغلب على الحظر (إذا كنت في مكان فيه حظر لهذه المواقع فيمكن البحث عنها).

- مشاهدة المواقع الإباحية في العالم العربي منتشرة أكثر من أمريكا (نحن شعوب منحطة).
 
- هنالك أفلام إباحية تنتج في العالم العربي وأعداد متزايدة من الشبان يشاركون فيها (إذا كانت تراودك هكذا مغامرات ففكر جديًا بخوضها فهنالك الكثير غيرك).

- في النهاية هنالك فقرة يتيمة عن مخاطر المواقع الإباحية تحصرها بشيء واحد فقط، أنها تتسبب بزيادة إفراز هرمون السعادة "الدوبامين" ويصبح لا شيء يشبع إدمان الشخص على الجنس إلا مشاهدة المزيد من الأفلام الإباحية، حتى بعد الزواج.

وفي النهاية يقولون لك إذا أردت تعلم الإقلاع عن مشاهدة المواقع اتبع الرابط التالي، والذي لم أكلف نفسي بالضغط عليه فمن كانت بدايته غير موفقة فلا شيء يستحق المتابة.

مثل هذا المنشور يدل على جهل بأساليب العمل الإعلامي السليم، فقط لدينا شيء نريد تفريغه بأي طريقة، ويوجد لدى صاحب المنشور غضب من المواقع الإباحية فقام بتجميع معلومات الله أعلم من أين أتى بها، وكتب منشوره (إنما الأعمال بالنيات) ونيته محاربة المواقع الإباحية، فهو يتوقع أن تحارب هذه المواقع لمجرد نيته!!

ما الخلل في المنشور الذي وصفته؟

أولًا: العنوان يتكلم عن مخاطر هذه المواقع، لكن المضمون يتكلم عن حجم انتشار التعامل مع هذه المواقع، وكأنه يقول للناس أطمئنوا الكل يتعامل معها، ولو فيها ضرر لتضرر الناس أجمعين.

ثانيًا: الأرقام والإحصائيات غير موثقة وهنالك تعسفًا في تفسيرها (على فرض أنها صحيحة).

ثالثًا: يصف مشكلة ولا يضع حلًا لها، وإنما يحيلك إلى موضوع آخر يتكلم عن كيفية الإقلاع عنها، وغالبًا ما الناس لا تلتفت لهذه الروابط.

رابعًا: لا يحدد من هو المخاطب في المنشر؟ هل هو الشاب العادي الذي قد يكون ضحية لهذه المواقع؟ أم المسؤولين الذين بيدهم قرار إغلاق وحجب هذه المواقع؟ أم المفكرين وأصحاب الرأي ليناقش معهم طرق مكافحة المواقع الإباحية؟

خامسًا: ما الفائدة من ذكر معلومات مثل أن هنالك شباب متزايد يشاركون بانتاج هذه الأفلام؟ فالموضوع عن خطر زيارة الموقع وليس خطر المشاركة بانتاج الأفلام؟

في النهاية أي منشور أو مقال أو حملة يجب أن يكون لها أهداف واضحة، وأن يخاطب فئة معينة باللغة التي تفهمها، وأن تكون واضحة المضمون والغاية، وأن تعتمد على معلومات صحيحة.

أما الاعتماد على التهويل واللطم والتباكي على الأخلاق المهدرة، فهذا لا يقدم ولا يؤخر، وأي عابر سبيل يجيد اللطم على أخلاق "جيل اليوم"، فهذه أسطوانة نسمعها منذ زمن طويل، والناس تبلدت وتطبعت على هكذا معلومات وخطاب بحيث تستنكرها بلسانها ولا تحاربها بأفعالها.

ليست هناك تعليقات: