الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

هل اقتربت لحظة الحسم في سوريا؟


بعد أن دخلت الثورة السورية منعطفات عدة، وبدت أقرب إلى الحرب الأهلية تساءل الكثيرون عن نهاية هذا الصراع وإن كانت ستستمر لأمد طويل لا سمح الله، إلا أنه وبمراقبة الخط البياني لمجمل الأحداث في الأسابيع الأخيرة يمكننا أن نرصد عدة أحداث وتطورات تشير إلى اقتراب لحظة الحسم، سأحاول إجمالها بما يأتي:

أولًا، النظام غير قادر على استعادة مواقعه التي يخسرها في الأطراف ففي منطقة حلب وبعد أن توعد أكثر من مرة أنه سيستعيد المدينة ويرد هجوم الثوار، لم يستطع سوى استعادة بعض الأحياء داخل المدينة، فيما توسع الثوار إلى محافظات جديدة مثل محافظة الرقة، بل وهاجموا الجيش السوري في الأحياء التي استعادها داخل حلب، واليوم  توجد مناطق ومحافظات بأكملها خارج سيطرة النظام السوري مثل محافظة إدلب وأجزاء واسعة من محافظات حلب وحماة ودرعا.

ثانيًا، نلمس وجود معوقات قتالية خطيرة أمام النظام فهو غير قادر على فتح أكثر من جبهة بنفس الوقت، ولا حتى على شن هجوم شامل لاستعادة محافظات من الثوار، بالرغم من التفوق الهائل (نظريًا لقواته على قوات الثوار)، ولعل في استخدامه للبراميل المتفجرة التي تلقى من الطائرات تعتبر مؤشرًا على وجود نقص بالذخيرة لدى النظام – فما يستدعي استبدال القنابل بأسلحة بدائية مثل البراميل المتفجرة سوى أن هنالك نقص في نوعيات معينة من القذائف؟

ثالثًا، سيطرة الثوار على مراكز حدودية دون أن يستطيع النظام استعادة أغلبها، وهذا يتيح للثوار تهريب السلاح وتقوية أنفسهم، ويدل أيضًا على ضعف إمكانيات النظام العسكرية، فعلى سبيل المثال استمات النظام الليبي للحفاظ على معبر راس جدير مع تونس وبقي بيده حتى سقوط طرابلس بيد الثوار، بينما أغلب المراكز الحدودية مع تركيا بيد الثوار، ومؤخرًا استولوا على مخافر حدودية مع الأردن.
التحكم بالحدود هو هدف استراتيجي للنظام إن أراد أن يخنق الثوار وقواتهم، لكنه لا يفعل ذلك، ولا يوجد تفسير لذلك سوى عجزه عن استعادة أغلب هذه المعابر.

رابعًا، ارتفاع سقف المعارضة المدجنة والتي تعمل ضمن ما يسمح به النظام وصولًا إلى المطالبة بإسقاط النظام في مؤتمر دمشق الأخير، وهذا يدل على استشعار هذه المعارضة بأنها قوية بما يكفي لتخرج من عباءة النظام، وأنه آن الأوان كي تزايد على المعارضة الحقيقية والثوار.

خامسًا، تآكل القاعدة الشعبية المؤيدة للنظام وخاصة ضمن الأطر الحزبية وحتى ضمن الأقليات مثل الدروز والمسيحيين، مما يجعل القواعد الصلبة المؤيدة للنظام محصورة بمناطق تواجد العلويين في حمص والساحل بالإضافة للعاصمة التي يستميت النظام بالدفاع عنها، بل إن التمرد في بلدة القرداحة معقل آل الأسد الحصين، يدل على أن الطائفية العلوية نفسها بدأت تخرج عن طوع النظام.

س دسًا، يبدو أن عدم استخدام النظام لكامل قوته العسكرية لأنه لا يثق بولاء أكثر الفرق العسكرية، فالانتصارات التي يحققها الثوار وفق قاعدة خطوتين إلى الأمام وخطوة إلى الوراء، أصبحت خطيرة ولا يمكن للنظام أن يسكت عنها طواعية، والنظام أصبح يركز في هجماته المضادة على دمشق (كونها العاصمة) وعلى أحياء محددة في حلب وحمص، فيما يبدو عاجزًا عن تحقيق أي انجازات خارج هذه المناطق.

بالتالي يمكن القول أن حسم المعركة وبالقوى الذاتية للثورة السورية أصبح أقرب من أي وقت مضى، وأنه يمكن تحديد عمر زمني متبقي للنظام لا يتعدى بضعة أشهر، ومن الممكن أن يكون عمره بضعة أسابيع وأقل لو حصلت طفرات في عمليات الانشقاق الداخلية، وعلى سبيل المثال عندما بدأ ثوار ليبيا معركة طرابلس انشق البراني إشكال قائد حماية القذافي والمسؤول عن حماية البوابة الجنوبية لطرابلس، وذلك بالتنسيق مع الثوار، مما ساهم بالسقوط السلس والسريع لطرابلس، فهل يتكرر السيناريو؟ نأمل ذلك.

والثوار يتبعون تكتيكًا ممتازًا وهو مهاجمة المناطق التي لا يحكم النظام السيطرة عليها مثل الرقة والحسكة ودير الزور ودرعا، تاركين المعاقل الحصينة للنظام في الساحل وفي دمشق، وذلك حتى يعمل الاستنزاف البشري والنفسي دوره، وعندها تنقل المعركة الفاصلة إلى دمشق والتي ستغير المعادلة بشكل كامل، أما حاليًا فلم يحن وقتها، وما نراه في دمشق هو أقرب للمقاومة الشعبية من الهجوم بنية الاستيلاء على المدينة وانتزاعها من يد النظام.

ستبقى مناطق التواجد العلوي تقاوم لما بعد دمشق وربما يراهن بقايا النظام وقتها على إقامة دولة مستقلة لهم في الساحل، وهذا غير ممكن إلا في حالة واحدة وهي انزلاق سوريا في دوامة الفوضى الأهلية بعد رحيل نظام الأسد، وربما حالة التململ والانشقاقات داخل الأقليات من دروز وعلوية ومسيحيين ستفقد النظام هذه الورقة أيضًا.

إلا أن تفكك سوريا وانهيار الدولة خطر وارد في حال لم ترتب المعارضة والثوار السوريين أمورهم من الآن، ويتفقوا على أسس سليمة لإدارة البلد في مرحلة ما بعد النظام، أسس تستوعب جميع أطياف الشعب السوري الدينية والطائفية والسياسية.

سقوط النظام السوري أصبح تحصيل حاصل وما يجب أن يهتم به الثوار من الآن هو توحيد صفوفهم والوصول إلى تفاهمات الحد الأدنى لكي يستطيعوا تجنيب سوريا خطر التفكك والتفتت.

ليست هناك تعليقات: