نتنياهو قادم بحكومة هي الأكثر فاشية وعنصرية وتطرفًا |
وإن كانت سلطة رام الله تبحث دومًا عن شركاء لها بين
الصهاينة في ما تسمى بالعملية السلمية، فإننا نجد هؤلاء الشركاء المزعومين قد
تبخروا ولم يعد لهم وجود، مع ذلك فما زالت السلطة تتمسك بأوهامها لتبرر التنسيق
الأمني والتبعية العمياء للاحتلال وأمريكا، كتأملها خيرًا من "معشوقة مراهقين
تجاوزت أعمارهم الخمسين" أي تسيبي ليفني، والتي أصبحت بقدرة قادر محسوبة على
اليسار، رغم أنها كانت وما زالت تعلن ولاءها لأفكار جابتونسكي (مؤسس حزب الليكود)،
ورغم أنها أثبتت عدوانيتها عندما وقفت بالقاهرة قبل أيام من حرب غزة الأولى وقالت
كلمتها المشهورة "كفى تعني كفى" معلنةً الحرب على الشعب الفلسطيني.
كما أتحفتنا وكالة معًا (الناطق غير الرسمي باسم
المقاطعة) بتسريب فبركة إعلامية عن وعود من أوباما بإقامة دولة فلسطينية قبل العام
2014م، رغم النغمة المملة لهذه الأسطوانة التي تتكرر كلما عطس رئيس أمريكي، ورغم
التأكيد الرسمي الأمريكي على أن زيارة أوباما لا علاقة لها من قريب أو بعيد
بالمفاوضات بين السلطة والكيان الصهيوني.
وإن كانت السلطة تأمل باستئناف المفاوضات مقابل إنجازات
بسيطة تحفظ ماء وجهها أمام جمهورها الفتحاوي؛ مثل الإفراج عن بعض الأسرى أو تجميد
مؤقت للاستيطان، إلا أن التركيبة العنصرية للحكومة الصهيونية يعني أنها لا تريد أي
مفاوضات حتى لو كانت شكلية، وتعني أن حكومة الاحتلال تعتبر أن الشيء الوحيد الممكن
تقديمه للسلطة هو عدم الانتقاص من الامتيازات المقدمة لها (أي بطاقات الشخصيات
المهمة وتحويلات الضرائب)، وذلك لأن غالبية وزراء الحكومة الصهيونية الجديدة
يؤمنون بأن ما تحصل عليه السلطة من الاحتلال هو أكثر مما تستحق، وأن الحكومات
السابقة كانت تدلل السلطة وتتنازل كثيرًا لها!!
وحتى نستوعب طبيعة الحكومة الصهيونية الجديدة لنتعرف على
ما يميزها عن الحكومات السابقة: تم إخراج المتدينين الحريديم من الحكومة (حركة شاش
وحزب يهودت هتوراة) وذلك بتآمر من حزب المستوطنين المسمى بالبيت اليهودي (صهيوني
ديني) وحزب هناك مستقبل (علماني متشدد)، وبالاتفاق مع تحالف الليكود-بيتنا.
ثلاثي "البيت اليهودي" و"هناك مستقبل"
و"الليكود-بيتنا" يتبنى الفكر الصهيوني اليميني، وينتقد إعفاء المتدينين
الصهاينة من الخدمة العسكرية، بينما حزبي شاس ويهودت هتوراة يرفضان الصهيونية
باعتبارها فكرًا علمانيًا لا يلتزم بالشريعة اليهودية، فكانت نتيجة الانتخابات
الأخيرة والتحالف الحكومي الجديد انقلابًا من العلمانيين بالتحالف مع "الصهيونية
– الدينية" على المتدينين الحريديم، ويهدف هذا التحالف إلى التقليل من
المخصصات المالية المقدمة للمدارس الدينية وإلى تجنيد المتدينين اليهود في الجيش.
وللتوضيح:
أولًا، لا يوجد أي خلاف بين الطرفين على السياسة تجاه
الشعب الفلسطيني، واعتراض المتدينين الحريديم على الصهيونية ينحصر فقط في المطالبة
بتطبيق أحكام التوراة على المجتمع الصهيونية.
ثانيًا، المطالبة لا تقتصر على تجنيد المتدينين اليهود
بل أيضًا فرض التجنيد الإجباري على الفلسطينيين الذين يعيشون داخل فلسطين المحتلة
عام 1948م، وبما أن الصهاينة ليسوا معنيين بتدريب الفلسطينيين على حمل السلاح
فالمطروح هو "الخدمة المدنية الإلزامية" بحيث يخدم الشاب الفلسطيني ما
تسمى "دولة إسرائيل" مجانًا وبدون مقابل لنفس مدة التجنيد الإلزامي أي
ثلاثة أعوام للشاب وعامين للفتاة، بكلام أخرى عبودية يقدمها الشعب المضطهد لصالح
جلاده.
موقف الحكومة الجديدة تجاه القضية الفلسطينية:
وعند الكلام عن البرنامج السياسي للحكومة الجديدة فكان
أول بند تم الاتفاق عليه أثناء مشاورات التشكيل، وهذا ليس بالأمر المستغرب فدرجة
الانسجام السياسي عالية جدًا بين أقطاب الحكومة، ولنتعرف قليلًا على هذه المواقف
وأبرز قادة الحكومة:
موشيه يعلون صاحب نظرية "كي الوعي" |
ويعلون هو أحد الداعمين بشدة للاستيطان في الضفة الغربية، وأكثر من ذلك كان معارضًا شديدًا للانسحاب من قطاع غزة عام 2005م لأنه رأى فيه مسًا بهيبة جيش الاحتلال، واختلف مع شارون بسبب ذلك وعاقبه شارون بأن لم يمدد خدمته كقائد لأركان جيش الاحتلال (أي طرده بكلام آخر).
2-
يائير لبيد (زعيم حزب هناك مستقبل ووزير المالية الجديد) أعلن موقفه من القدس
أثناء الحملة الانتخابية وطرح فكرة أظنها حازت إعجاب أغلب الصهاينة، فقال وبكل
بساطة ووقاحة أنه مثلما تم إجبار الفلسطينيين (ويقصد السلطة) على التنازل عن حق
العودة بتماسك الموقف الصهيوني الرافض لها، فيجب أن يكون بالمثل هنالك موقف صهيوني
متماسك يرفض مجرد الحوار على القدس، وستضطر السلطة للقبول بالأمر الواقع كما قبلت
بالتنازل عن حق العودة.
وتتقاطع نظريته هذه مع ممارسات حكومة الاحتلال السابقة (والحالية) في القدس المحتلة، وكما تفعل داخل المسجد الأقصى الذي تسعى لفرض شراكة إسلامية يهودية داخله.
وتتقاطع نظريته هذه مع ممارسات حكومة الاحتلال السابقة (والحالية) في القدس المحتلة، وكما تفعل داخل المسجد الأقصى الذي تسعى لفرض شراكة إسلامية يهودية داخله.
3-
وزير الإسكان الجديد هو أحد قادة المستوطنين أوري أرييل،
وهذا يبشر السلطة ليس فقط بالمزيد من الاستيطان، بل ستنبؤنا بأن الحكومة ستعمل على
إجبار السلطة للقبول علنًا بشرعية الاستيطان (ليس فقط المستوطنات القائمة حاليًا
بل تلك التي ستقوم بالمستقبل)، فالمستوطنين وحزب البيت اليهودي يعتبرون الضفة
الغربية ملكًا حصريًا لـ"شعب إسرائيل" بقرار رباني، وأنه لا فرق بين تل
أبيب وأصغر مستوطنة في الضفة.
4-
وزير الخارجية القديم الجديد أفيغدور ليبرمان يعتبر
زعيمًا لليهود القادمين من الاتحاد السوفياتي، إلا أنه بنفس الوقت يسكن في إحدى مستوطنات
الضفة ويحمل أفكارًا عنيفة وهمجية ضد الشعب الفلسطيني، وقد صرح أكثر من مرة أن
السلطة يجب أن تشكر الاحتلال على حمايته لها واستمرارها بالوجود، وقد صرح أيام
حسني مبارك أنه يجب قصف السد العالي وإغراق مصر.
أهداف حكومة الاحتلال خلال السنوات القادمة:
أولًا: إجبار السلطة على التخلي عن المطالبة بالقدس
الشرقية (مثلما تخلت سابقًا عن القدس الغربية).
الدخول المنتظم لليهود إلى الأقصى هو الخطوة الأولى على طريق تقسيمه |
ثالثًا: إجبار السلطة على القبول بالاستيطان كأمر واقع
والتسليم بالنشاط الاستيطاني ومعاقبتها على أي رفض لفظي لهذا الاستيطان، يعني مجرد
تصريح من عباس أو عريقات بأن الاستيطان غير شرعي لن يكون مقبولًا وستترتب عليه
عقوبات.
رابعًا: فرض الخدمة المدنية الإجبارية على المواطنين
الفلسطينيين داخل فلسطين المحتلة عام 1948م، ومن المتوقع أن يتسبب ذلك بانفجار
الوضع الداخلي، وخاصة أنه يتزامن مع حملة محمومة لطرد 50 ألف فلسطيني من صحراء
النقب وتهجيرهم من جديد.
الخلاصة:
إن كان البعض يظن أن المطلوب فقط نفض اليد من إمكانية
حصول أي تسوية سياسية بين السلطة وحكومة الاحتلال فهذا لا يحتاج لمقال أو تحليل
فهو تحصيل حاصل، بل المطلوب استغلال الطبيعة الفاشية لهذه الحكومة ولوزرائها من
أجل فضحها إعلاميًا وعزلها دوليًا، فهذه حكومة عنصرية وفاشية إلى أقصى الحدود، وللأسف
الإعلام العالمي يتجاهل هذه الحقيقة، وأوهام وغباء السلطة يساعد على التعمية عن
طبيعتها الفاشية.
هناك تعليقان (2):
ليس في القنافذ أملس كلهم ذوات شوك الفرق بينهم إن هناك من شوكه سام جدا :
السلطة وعقت في شراك نصبته لنفسها ، حين ابتعدت عن الصف واعتقدت أن المحتل سيهبها شيئ أخذه بالقوة ، لكن المتتبع للمشهد الفلسطيني يظهر له أن السلطة والحتل يعملان لهدف واحد والله أعلم :
ضياع فلسطين علمت السلطة أم لم تعلم ، برضاها أو بغير رضاها ، فهذا هو الواقع ، وإن كانت تريد التصحيح فما عليها إلا أن توقف مهازل المفاوضات ..
المحتل لن يتركها تهوي ولن يناولها أي شيئ مهما أرادت أن تضغط عليه بالسماح لانتفاضة ، لأنه يمسك زمام أمرها ، سيبقيها كالمعلقة ، لأنها هي من ارتضت أن تفاوض سارق الأرض ومزور التاريخ ، وساومت على حبات من ثرى فلسطين الغالي ..
الحكومة المتشدده هي نتيجة لما يشهده محيط فلسطين من تحولات ، وجاءت للمزيد من التضييق وفرض الأمر الواقع..
في يد السلطة الحل إن أرادت أن تؤوب للصف وتقبل على المصالحة فهي من ستوحد الخطاب وتقوي المواقف غير هذا فالسلطة تقامر بمصير فلسطين ، على الشعب أن يقول كلمته فيها ويعبر عن رفضه لمسارها فهي تبيع الأرض ولا تملك أوراق ضغط تفعلها أمام تعنت المحتل والله أعلم ما يطبخ في الكواليس ، السلطة لا تمثل الشعب بل تمثل مصالح المحتل حتى لا تمثل مصالحها فالمحتل يذلها متى شاء
ماذا لو سمحت للضفة أن تهتز ؟؟ قد يغير هذا من المشهد والله أعلم
المحتل يلعب بآخر أوراقه فعندما يزيد من شدته فهذا دليل على تخبطه وتخوفه من المستقبل ، والله أعلم
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
اللهم احسن خاتمتنا ، اللهم آمين
شكرًا على مرورك وأساهمك أختي الكريمة.
السلطة تمثل مصالح المحتل والمحتل لا يحفظ جميلها لأن هدفه بالنهاية هو تدمير كل الشعب الفلسطيني بما فيه السلطة.
إرسال تعليق