نجد في الصورة أعلاه الأسير أحمد أبو فخيذة من رام الله
أثناء حفل تخرجه من جامعة بيرزيت العام الماضي، وهو يرفع لافتة تطالب بتحقيق مطالب
المعتصمين ضد الاعتقال السياسي الذي تمارسه السلطة الفلسطينية.
ولعل الكثيرين استخفوا بعمله كونه لا يغير شيئًا على
الواقع، ولعل الكثيرين أيضًا يرفضون المشاركة أو حتى تشجيع أشكال المقاومة السلمية
المختلفة، سواء كانت اعتصامًا أو مسيرة أو رفع لافتة في حفل تخرج، وأكثر من ذلك
سنجد البعض يهاجم هذه الأساليب ويصفها بالإبر التخديرية التي تلهي الأمة عن واجب
الجهاد ومقاومة المحتل.
وفي نهاية المطاف نجدهم يرفضون المشاركة بأي نشاط سلمي
بحجة أنه لا يفل الحديد إلا الحديد، وفي المقابل لا يشاركون بمقاومة مسلحة ولا حتى
إلقاء حجر بحجة عدم القدرة وانعدام الإمكانيات، وبنهاية المطاف نراهم أشحة حتى عن
المشاركة بالمقاومة اللسانية، بل نجد ألسنتهم مسخرة ومسلطة على من يجتهد ويتقدم
بالميدان ولو كان من خلال لافتة يرفعها في ميدان عام أو حفل تخرج بحجة أنه يميع
الجهاد أو أنه يخدع نفسه ويسليها بدلًا من أن يخوض ميدان القتال ومعمعان الجهاد
والاستشهاد.
وهذا اللسان السليط على النشطاء السلميين لا يأتي عبثًا
أو اعتباطًا، بل هو تلبيس إبليس على الناس ليبث فيهم السلبية وحب الجلوس في
المنزل، فحتى يبرروا لأنفسهم عدم فعل شيء فهم يهاجمون المقاومة السلمية ويعتبرونها
رجسًا من عمل الشيطان، بحيث يقنعوا أنفسهم بأن جلوسهم في البيت هو أفضل حل ولذا
يتفنون باختراع العيوب للعمل المقاوم السلمي، بل ويدعون غيرهم لينضموا إليهم إلى
"حزب الكنبة."
واليوم يأتي الأسير أحمد أبو فخيذة ليكون حجة على كل
أصحاب النفس السلبي وفرسان الجلوس في المنزل وانتقاد العاملين، مثلما كان الشهيد
محمود الطيطي، فالأسير أحمد أبو فخيذة متهم اليوم بقيادة مجموعة عسكرية تابعة
للقسام كانت مهمتها اختطاف جنود صهاينة وتصنيع عبوات ناسفة وصواريخ وغير ذلك.
وإن كانت تفاصيل القضية التي تواجهه مجهولة لدينا، وبالرغم
من أنه ما زال متهمًا وليس "مدانًا" أمام محاكم الاحتلال، إلا أنه في
حال ثبت الأمر فلن تكون المرة الأولى التي نرى فيها ناشطًا يجمع بين الكفاح النقابي
والسياسي والمقاومة المسلحة، فمن أراد العمل يعمل بما هو متاح أمامه، أما من أراد
أن يأتي العمل إليه على طبق من ذهب وبالمواصفات التي يريدها فلن يعمل أبدًا.
ومثلما قال أنصار الإمام علي في الصيف أنهم لن يحاربوا
معه لأن الجو حار، وفي الشتاء قالوا له أن البرد قارص، وبالتالي لم يحاربوا معه
وتركوه وحده، فيأتي أشياعهم اليوم ليجدوا ألف مبرر ومبرر لكي لا يعملوا، فهم يريدون
أن يجاهدوا بدون أن يؤذوا ودون أن يمضوا السنوات في سجون الاحتلال، ويشترطون عدم
ملاحقة السلطة لهم إن تحركوا في نشاط سلمي أو عسكري، ويريدون أن تأتيهم دعوة رسمية
من كبار القادة ليعملوا ولا مانع من توسلهم والرجاء بأن يتكرموا ويشاركوا بالعمل
المقاوم، وفي نهاية المطاف لن يقوموا بمحاربة المحتل ولو بشطر كلمة.
من أراد المقاومة ومن أراد أن يقول كلمة في وجه ظالم ومن
أراد العمل لا يستقل عملًا ولو كان مجرد كلمة أو مجرد رفع كرتونة، ولبحث عن العمل
بحثًا ولاخترعه من تحت الأرض (كما اخترع الأسير أبو فخيذة فكرة رفع الكرتونة في
حفل التخرج)، ولن ينتظر غيره ليترجاه وليخطط له وليعمل عنه!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق