كلام عدنان إبراهيم بخصوص الوضع في مصر لا يهمني كثيرًا، فهو قال عن نفسه
أنه لا يفهم بالسياسة، وحبذا لو ترك السياسة لأهلها بدلًا من التخبيص.
لكن كلامه عن الإخوان كشف ثلاث عورات في منهجه وفكره:
أولًا: ملخص كلامه أن الإخوان يجب أن يضحوا بمصلحتهم وبما سماه حقهم بالحكم،
من أجل المصلحة العامة.
وهو هنا يظهر أنه لا يفهم معنى الحكم في الإسلام، فالحكم ليس غنيمة تتنازعها
الأطراف المتصارعة، بل الحكم هو خدمة للشعب، والأقدر على خدمة شعبه هو الذي يجب أن
يحكم، وتنازل الإخوان عن الحكم لصالح العسكر وفلول الحزب الوطني معناه تسليم مصر إلى
الحكم الفاشي وإقرارًا بحق العسكر بالتدخل في السياسة وهذه آفة السياسة في عالمنا
الإسلامي المعاصر.
ثم إن المعركة ليست من أجل مرسي ولا حكم الإخوان، ولو كان الأمر يتعلق
بحقوق الإخوان الحزبية أو الشخصية فأنا أول من يطالبهم بالتنازل عنها وبدون مقابل،
لكن المعركة من أجل انتزاع حق الشعب المصري بحكم نفسه وفي أن ينصب من يرتضيه
لنفسه، لا أن يأتي متسلط على ظهر دبابة ليستعبد الأمة.
أين عدنان إبراهيم من "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم
أحرارًا"؟ أليس هو من استنكر تحويل معاوية بن سفيان الحكم إلى احتكار لبني
أمية؟ وذلك رغم الخدمات التي قدمها الأمويون للإسلام، فكيف يقر احتكار الحكم في
مصر لفئة كارهة للإسلام وفئة أورثت مصر التخلف والهزيمة طوال ستين عامًا؟ أحلال
للسيسي وعسكره والعلمانيين وحرام على بني أمية؟
ثانيًا: كما له سقطة علمية ومنهجية لا تغتفر، عندما قارن بين شرعية مرسي
وشرعية الحسن رضي الله عنه، فقال أن مرسي أخذ البيعة من 52% فقط من المصريين،
بينما الحسن أخذ البيعة من كل مصر ومن كل العراق وكل الحجاز وفقط الشام لم تبايعه،
وبالتالي إن كان الحسن وهو الأحق من مرسي قد تنازل، فمرسي ليس أفضل منه ويجب أن
يتنازل.
الكارثة هنا تكمن في عدم تمييزه بين التصويت من خلال صندوق الاقتراع،
وبين ما جاء في كتب التاريخ، وقد يكون ما جاء في التاريخ حول البيعة للحسن صحيحًا
وقد لا يكون، لكن هل حقًا كل من في مصر بايعه؟ وكيف حصل على تلك البيعة؟ هل مر على
بيوت مصر الواحد تلو الآخر وحصل على البيعة؟ أم كان هنالك اقتراع وحصل على نسبة
99.9%؟ أم أن أبرز قادة مصر بايعوه وفي معيار ذلك الزمان فالقادة ينوبون بالتفكير
والقرار عن أتباعهم سواء رضوا أم أبوا؟ أم هي مجرد بروباغندا (دعاية سياسية) من
مؤيدي الحسن دونوها في كتب التاريخ وتحتاج لتأكد وتمحيص؟
ثالثًا، أعجبني تعليق قرأته لأحدهم على فيديو عدنان إبراهيم، وهو تساؤله
مستهجنًا "وهل تنازُل الحسن رضي الله عنه لمعاوية أصلح النظام السياسي عند المسلمين
؟ إذن فلما كل هذا السخط على معاوية والأمويين وكل هذا البكاء على نقض عروة الحكم في
الإسلام اللذان هما صلب طرحك وعلامة خطابك الخاصة التي تملأ كل الفضاءات الإعلامية
؟"
بالنهاية يريد منا عدنان إبراهيم شرعنة الاستبداد بحجة حقن الدماء، ولا
أدري بماذا أفرق في ذلك عن فقهاء الحيض والنفاس!
هناك تعليقان (2):
أنا من المتابعين لعدنان إبراهيم وهناك تغير جذري بعد دخوله عالم المال والشهرة وعقود روتانا... أما انتقاده لمعاوية كان قبل عقود روتانا ، أما بعد الأموال قال ندمت على انتقاد الصحابة ، بل بعد عقود روتانا انحاز للسيسي ، ما أغربك أيها الدولار
لست متابعًا للرجل، شاهدته قبل أشهر على الجزيرة، وسمعت عنه، وشاهدت هذا الفيديو.
في منطقه هنالك خلل بين وواضح، وهذا بالنسبة لي يكفي، سواء تغير أم لم يتغير.
بوركت.
إرسال تعليق