الخميس، 24 يناير 2013

تعليق سريع على نتائج الانتخابات الصهيونية



طالعتنا وسائل الإعلام بأخبار عن تراجع اليمين الصهيوني وحزب الليكود لصالح اليسار والوسط الصهيوني والبعض اعتقد أن نتنياهو لن يتولى قيادة حكومة الاحتلال، وتناقلت وسائل الإعلام تلخيصًا للنتيجة بأنه تعادل بين معسكر اليمين ومعسكر اليسار والوسط بـ60 مقعدًا لكل منهما.
ويضم معسكر اليمين الأحزاب اليمينية الصهيونية والأحزاب الدينية اليهودية، فيما يضم المعسكر المقابل أحزاب اليسار والوسط الصهيوني والأحزاب العربية الفلسطينية.

وهذا تصنيف مضلل من عدة نواحي، ويفترض أن الحكومة الصهيونية القادمة ستكون أقل "تطرفًا" من سابقتها، يصاحبه اعتقاد مضلل آخر بأن المجتمع الصهيوني مال من جهة اليمين إلى جهة الوسط.
 
أولًا، الوسط الصهيوني هو أقرب لليمين الصهيوني منه لليسار، وخصوصًا في ما يخص الشأن الفلسطيني والعربي (وهو ما يهمنا)، وبأحزابه الثلاثة: كاديما وهتنوعا (القادمين من الليكود والمخلصين لأفكار جابتونسكي وشارون)، وحزب يوجد مستقبل الذي بين رئيسه يئير لبيد عن موقف يمين متشدد بما يخص القدس عندما قال أنه لا يوجد مجال لمجرد التفاوض حول القدس.

ثانيًا، ما يميز أحزاب الوسط هو عداؤها للأحزاب الدينية وتمسكها بالمبادئ العلمانية، وأحزاب الوسط لديها قضيتين هامتين تحارب من أجلهما: تقليص الأموال التي تتلقاها المعاهد التوراتية التابعة للأحزاب الدينية، وفرض التجنيد الإجباري على المتدينين اليهود (وأيضًا فرضها على الفلسطينيين).

وهذا قد يشكل صداعًا لنتنياهو الذي سيجد صعوبة بالتوفيق بالأمزجة بين هذين الجناحين المتشددين (الديني والعلماني)، لكنه يستطيع ابتزاز كل منهما بالتهديد بالتحالف مع الجانب الآخر وفرض توازن معين بنهاية المطاف.

ثالثًا، تحالف حزب الليكود وإسرائيل بيتنا خسر 11 مقعدًا، ونزل من 42 مقعد إلى 31مقعدًا، لكن ما لا يقوله الإعلام أن أغلب هذه المقاعد ذهب إلى الحزب اليميني الأكثر تطرفًا، أي البيت اليهودي والذي ارتفع عدد مقاعده من ثلاثة مقاعد إلى 11 مقعد، وفقط يمكن الحديث عن مقاعد خسرها اليمين مجتمعًا لصالح الوسط واليسار.

وأفسر هذه الخسارة لحزب الليكود لصالح اليمين الأكثر تطرفًا بما حصل في حرب حجارة السجيل، حيث بررت قبول حكومة الاحتلال بشروط المقاومة للتهدئة، وهو ما اعتبر مهينًا في عرف الصهاينة، وفسره الجمهور الصهيوني على أنه خضوع للضغوط الدولية (وليس لأن المقاومة قوية ولا لأن أداء جيش الاحتلال في تراجع)، وبالتالي فكان البديل بالنسبة لهم عن هذه الحكومة الرخوة التوجه نحو أحزاب أكثر تشددًا وتنطعًا.

رابعًا، مفاجأة الانتخابات حزب "هناك مستقبل" لم يفز على حساب الليكود، بل على حساب حزب كاديما الذي دمرته الانشقاقات (وكلها صراعات شخصية على الزعامة) وتوزع دمه على القبائل، فتراجع من 28 مقعد إلى مقعدين فقط، فيما حصل يوجد مستقبل على 19 مقعد، وحزب هتنوعاة بزعامة لفني على 6 مقاعد فقط.

خامسًا، أما اليسار الصهيوني (حبيب قلب البعض في الجانب الفلسطيني والعربي) فقد تحسنت نتائجه بعض الشيء، إلا أنه بقي منهارًا وضعيفًا، فتحسنت نتائجه من 16 مقعد (حزبي العمل وميرتس) إلى 21 مقعد في الانتخابات الأخيرة، وهي نتيجة تبقى هزيلة ولا تتيح له التأثير على التشكيلة المنتظرة.

سادسًا، لأسباب دعائية يروج الإعلام الصهيوني (ويقلده جهلًا الإعلام العربي) أن النواب العرب محسوبون على اليسار والوسط، وهذا كلام فقط في الإعلام حتى يقول الصهاينة أنظروا لنا كم نحن ديموقراطيون نتيح لأعدائنا ومن يدعون لتدميرنا دخول الكنيست والمشاركة بتشكيل الحكومات العربية.

أما من ناحية الحقيقة الأحزاب الصهيونية واليهودية كافة متفقة فيما بينها على استثناء الأحزاب العربية من أي مشاورات لتشكيل الحكومة، أو دخول أي ائتلاف حكومي، ولم يحصل قط أن شاركت هذه الأحزاب في أي حكومة للاحتلال مطلقًا، ولم يعين في أي يوم وزير عربي، فقط بوقت من الأوقات كان هنالك نائب وزير عربي لكنه كان منتميًا لأحد الأحزاب الصهيونية (العمل أو الليكود)، وهذه موضة كانت في التسعينات وانتهت بعدها.

وفي مرة وحيدة اعتمد رابين على الأصوات العربية لكي ينجو من حجب الثقة (بدون أن يشركهم في حكومته) واعتبرت ذلك الأحزاب الصهيونية خيانة وقالوا أن حكومته غير شرعية لأن الأغلبية اليهودية ضدها، وكلفه ذلك حياته!

سابعًا، ما هو موقف الأحزاب الصهيونية من القضايا التي تهمنا كفلسطينيين وعرب؟
أ‌-       حق العودة: يوجد إجماع صهيوني ويهودي على رفض حق العودة للفلسطينين، بكل وضوح وصراحة، ومن بين 120 عضو كنيست هنالك 108 يرفضون حق العودة (فقط 12 نائب عربي فلسطيني يؤيدونه).
ب‌- القدس: يوجد شبه إجماع صهيوني على بقاء القدس "عاصمة موحدة للشعب الإسرائيلي للأبد"، هنالك أحزاب اليمين زائد حزب هناك مستقبل يرفضون أي مفاوضات حول القدس (يمثلهم 79 عضو كنيست). بينما أحزاب كاديما وهتنوعاة (8 مقاعد) يقبلون مفاوضات حول القدس من أجل تضييع الوقت لا من أجل التوصل لاتفاق، أما حزب العمل (15 مقعد) فيقبل التنازل عن القدس باستثناء البلدة القديمة والمسجد الأقصى، وفقط حزب ميرتس (6 مقاعد) يقبل بوجهة نظر السلطة حول عودة كامل القدس الشرقية (وهو قبول شكلي مثلما ثبت بالماضي ويصاحبه الكثير من الشروط التي تفرغه من مضمونه).
ت‌- الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967م: أحزاب اليمين ترفض بشكل واضح قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية (60 مقعد)، أما أحزاب الوسط وحزب العمل (42 مقعد) فتقبل بشروط أهمها: ضم كبرى المستوطنات إلى الكيان، ودولة فلسطينية منزوعة السلاح، وتواجد قواعد عسكرية لجيش الاحتلال في الضفة الغربية لفترات طويلة، وفقط حزب ميرتس يزعم أنه مستعد للتخفيف من هذه الشروط (وليس إلغاؤها).
ث‌- الحياة اليومية للفلسطينيين: من حواجز وتصاريح للعمل وإغلاقات وأوضاع الأسرى، فهذه تقليديًا لا تتدخل بها عادةً الأحزاب الصهيونية وتترك القرار إلى جيش الاحتلال وجهاز الشاباك، وفي بعض الأحيان النادرة تتدخل الأحزاب من أجل التشديد على الفلسطينيين؛ مثل قانون شاليط الذي تم إقراره والذي نص على سحب حقوق الأسرى الفلسطينيين من حركتي حماس والجهاد انتقامًا لأسر شاليط.

ليست هناك تعليقات: