الثلاثاء، 1 يناير 2013

فيديو وتعليق: فضيحة عكاشة والإصرار على ترويج الكذب



يظهر الفيديو أعلاه مقاطع لفيديو زعم المهرج الإعلامي المصري توفيق عكاشة أنها دليل على قيام أمير قطر بالمساعدة ببناء المستعمرات الصهيونية، وهو فيديو قديم نسبيًا (قبل إغلاق قناته سيئة الذكر الفراعين)، لكن فجأة مُلئت المنتديات واليوتيوب بطوفان لهذه الفيديو في الأيام الأخيرة، علمًا بأن المقاطع المنسوبة لأمير قطر مفبركة كما سأوضح.
 
أولًا، لست مع تقييد الصحافة بأي طريقة كانت حتى لا نكون سببًا بإعادة إنتاج الاستبداد، لكن أريد من المتباكين على عكاشة وأمثاله أن يقولوا لي رأيهم بالكذب والتزوير الصريح هل هو جائز؟ وما هو الحل له؟

ثانيًا، المشروع الذي يظهر فيه أمير قطر وهو يزوره، والذي فيه لافتة تظهر أنه تبرع من شعب قطر لجمعية اسمها Habitat for Humanity، هو مشروع أقيم في أمريكا عام 2009م، وبتبرع قطري لإعادة بناء منازل ضحايا إعصاري كاترينا وريتا، والمنطقة الظاهرة بالفيديو هي في خليج المسيسبي أحد أفقر الولايات الأمريكية وأقلها حظًا من اهتمام حكومتهم.

ثالثًا، الفيديو لم يكن مسربًا ولا سرًا، بل هو جزء من تقرير بثته فضائية الـCNN  في حينه، وتضمن لقاء مع الأمير القطري، ونشر خبر التبرع القطري في الصحافة وقتها، وهنا تقرأون خبر تبرعه ب3.2 مليون دولار للجمعية على موقعها:

رابعًا، بالتالي لا نتكلم عن سر أذاعه عكاشة ولا عن رأي قاله بأمير قطر، بل نتكلم عن خبر وتقرير عاديين قام بتلفيقه وإعادة مونتاجه وعرضه على أنه داخل فلسطين المحتلة وداخل مستوطنات صهيونية تحديدًا.

خامسًا، دليل على سوء نية عكاشة فقد قص شعار فضائية الـCNN  من المقاطع التي بثها، ولم يبث التقرير كاملًا بل قام بقص جميع المقاطع التي تحتوي على ذكر اسم المكان وحذف اللقاء مع عمدة البلدة الأمريكي، فقط صور عملية البناء وأشخاص ببشرة بيضاء مسرورين ببناء منازل لهم مع لافتة تدل على أنه تبرع من قطر وصورة أمير قطر وهو يزورهم.

سادسًا، عندما شاهدت الفيديو للمرة الأولى تأكدت من أنه ملفق للأسباب التالية:
أ‌-                           لا يمكن لتقرير تلفزيوني عن تبرع أمير قطر لبناء مستوطنات صهيونية أن لا ينتبه له أي إعلامي سوى عكاشة، خاصة وأنه تقرير علني وبث على الإعلام الأمريكي (كما هو واضح من لهجة المراسل الأمريكي).
ب‌-                       صورة الطبيعة والأرض في الفيديو ليست من فلسطين وتحديدًا ليست من الضفة الغربية حيث الطبيعة جبلية، فيما الفيديو يظهر منطقة سهلية وهي ليست حتى شبيهة بسهول فلسطين لا من ناحية التربة أو الأشجار.
ت‌-                      التقرير الأمريكي قال بأن السكان هم الذين كانوا يقومون بعملية البناء، وأظهر التقرير أشخاص ذوي بشرة بيضاء (غير عربية) يقومون بالبناء، فيما نعلم يقينًا أن المستوطنين الصهاينة لا يقومون بالبناء في المستوطنات وأغلب العمال هم من العرب وقلة من التايلندين.
ث‌-                       منازل المستوطنين الصهاينة إما منازل من الحجر أو منازل جاهزة (كرفانات) فيما يظهر التقرير منازل خشبية على الطراز الأمريكي.
ج‌-                       لم أر في المقاطع التي عرضها عكاشة أي ذكر للمكان الذي كان يتم به البناء، سوى عنوان مطموس أعلى الشاشة جهة اليمين، تبين لاحقًا أنه كان مكتوبًا فيه "خليج المسيسبي". فعدم ذكر المكان في تقرير إخباري يجب أن يشعل لدى أي منا تحذير بأن هنالك خطب ما.
ح‌-                       اللافتة التي يعرضها التقرير مكتوبة باللغة الإنجليزية فقط، فلو كانت في مستوطنة الأصل أن تكتب باللغة العبرية، خاصة وأن الصهاينة متعصبون للغتهم وليسوا مصابين بعقدة النقص التي أصابت أغلب العرب.

سابعًا، بناءً على الشكوك السابقة بدأت البحث إلى أن وجدت المعلومات الكافية عن أصل الفيلم الذي استدل به عكاشة، ولم يستغرقني الأمر كثيرًا، بل وجدت تعليقات على مقاطع فيديو مشابهة تشرح حقيقة الأمر وكذب وتدليس عكاشة.

ثامنًا، أسأل أولئك الذين يعيدون نشر هذا الفيديو وكأنه صيد ثمين، حتى عندما تظهر لهم الحقيقة "أين عقولكم"؟ ما الحكمة من إعادة نشر كذبة فجة واضحة صريحة؟

تاسعًا، وأعود للسؤال الأول الذي طرحته وأقول أن حرية الإعلام لا تعني حرية الكذب، وعندما نسمح لأنفسنا أن نردد أمورًا كاذبة ومفبركة (وما عرضته هنا هو مجرد عينة لما نراه يوميًا على الانترنت من كذب وتدليس)، فإننا نكون حولنا وعينا إلى مسرح للعبث والاستخفاف بعقولنا وبعقول السذج ممن يصدقونا.

عاشرًا، قد يقول البعض أن تبرع أمير قطر لأمريكا ليس في مكانه، وسيذكروني بالقاعدة الأمريكية بقطر، والمؤامرة الصهيوقطرية لاحتلال الشرق الأوسط وبث المندسين، وأجيبهم ببساطة لماذا تهربون إلى الأمام؟ أنا أتكلم هنا عن تزوير فاضح وفج، هل أنتم معه أم لا؟
كون أمير قطر عميل لأمريكا وجزء من مؤامرة مندسة عالمية أو محلية، هذا أمر آخر يمكن مناقشته في حيز آخر، لكن نريد أن نتفق هنا هل نقبل الكذب أم نرفضه؟

ليست هناك تعليقات: