الجمعة، 29 يونيو 2012

سقط القناع يا بوتين



بوتين في زيارته قبل يومين للقدس، يزور حائط البراق وهو يعتمر الكيبا (قبعة المتدينين اليهود)، ويقول "إن التاريخ اليهودي محفور في حجارة القدس"، قاصدًا الحجارة التي تؤلف الجدار الغربي للمسجد الأقصى والمعروف بحائط البراق.
 
روسيا التي تسوق نفسها على أنها صديقة العرب ووريثة الاتحاد السوفياتي، فشلت في دعم أي موقف فلسطيني أو عربي بأكثر من الكلمات الجوفاء، وحتى هذه ضنّوا بها علينا في السنوات الأخيرة.

روسيا سكتت أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة وتآمرت مع من تآمر، ولم تتكلم، ربما لأنه "شأن إسرائيلي داخلي"، وعندما حوصرت السلطة الفلسطينية بعد فوز حماس عام 2006م لم تتحرك من أجل فك الحصار، وتركت أمريكا تستفرد بالملف الفلسطيني، وكان دور روسيا في الرباعية الدولية دور شاهد الزور.


فروسيا لم تقف موقفًا جديًا في يوم من الأيام إلى جانب القضية الفلسطينية، وأتكلم هنا بالتحديد عن روسيا بوتين، وإن كان من سبقوه لم يكونوا أفضل حالًا بكثير، فالاتحاد السوفياتي كان ثاني دولة تعترف بالكيان الصهيوني عام 1948م (بعد الولايات المتحدة).

ولطالما تم تبرير مواقف روسيا الرخوة طوال السنوات الماضية سواء بما يتعلق بغزو العراق أو القضية الفلسطينية بأنّ روسيا لم تعد بقوة الاتحاد السوفياتي وأن مشاكلها الداخلية وحاجتها للعلاقات مع الغرب يمنعانها من اتخاذ مواقف قوية.

إلا أنّنا لم نرَ الضعف هذا عندما تعلق الأمر بسوريا، ورأينا روسيا تدافع وبشراسة عن نظام الأسد، وربما فسره البعض بأن روسيا تريد العودة لتكون ندًا لأمريكا في المنطقة، وسمعنا ونسمع المستعربين الروس وهم يدافعون عن النظام السوري مذكرينا بأن أمريكا هي العدو، وهي نفس الإسطوانة التي نسمعها من اليساريين العرب الذي كانوا (وما زالوا) آذان وأعين روسيا في العالم العربي.

لكن أن يأتي بوتين ويزور الكيان الصهيوني ويقف على الجدار الغربي للمسجد الأقصى ويؤكد على أن التاريخ اليهودي محفور فيه، فالأمور بحاجة لوقفة جادة مع النفس، لماذا تخلت روسيا بوتين عن حيادها المزعوم وأكد على حق الصهاينة بالمسجد الأقصى والقدس؟

ما هذه الصداقة الروسية التي لم نرها تتحرك لدعم أي عربي، إلا عندما أرادت الدفاع عن النظام السوري؟ قلتم روسيا ضعيفة ولا تستطيع، حسنًا اليوم هي قوية، وليتها بقيت على حيادها السلبي، فها هو بوتين ينحاز وبشكل فاضح إلى جانب الكيان الصهيوني، وبعد ذلك يريد منا المستعربون الروس واليساريون العرب أن لا ننسى عداءنا مع أمريكا!!

سبحان الله، وهل عداؤنا لأمريكا سوى لسببين: دعمها للكيان الصهيوني، ودعمها لأنظمة الاستبداد؟؟ يريدون منا أن نعترف بيهودية المسجد الأقصى، وأن نسامح أنظمة الاستبداد (على فكرة النظام الروسي يعارض الثورات العربية كلها، بما فيه الثورة المصرية والليبية وليس فقط الثورة السورية)، وبعد ذلك نستمر بمعاداة أمريكا؟؟

عذرًا هذا اسمه استحمار واستغباء، لماذا نحارب ونعادي أمريكا؟؟ إذا "إسرائيل" سنسامحها والأنظمة المستبدة سنقبل بها كما هي، هل نعاديها من أجل زرقة عيون بوتين؟؟

لقد كشف بوتين عن وجهه الحقيقي، كما كشف اليسار العربي عن موقع القضية الفلسطينية بالنسبة له، لأن التصورات الروسية عما يحصل في المنطقة يرسمها لها بدرجة كبيرة اليسار العربي، وهو من زين للنظام الروسي الاستماتة في الدفاع عن النظام السوري، ونتساءل أين دور اليسار العربي في الضغط على النظام الروسي من أجل اتخاذ مواقف قوية تجاه القضية الفلسطينية؟؟

لا عتب على اليسار العربي فقد نفضت يدي منه منذ زمن طويل، وكل سقطة جديدة له أسوأ من التي قبلها، لكن العتب على الفصائل والقوى الفلسطينية، فسلطة رام الله استقبلته استقبال الفاتحين، ولم تفكر بمجرد معاتبته، أما حركة حماس فاكتفت ببيان إدانة خجول لتصريحاته بالتزامن مع دعوات من حكومة غزة لزيارة القطاع!! أم أن القدس والأقصى أصبحت خارج حساباتنا؟؟

ليست هناك تعليقات: