روى لي
بعض المعارف ممن يعملون في السلطة قصتهم مع مقاومةٍ من نوع آخر!
فقد
ذهبوا إلى مؤتمر في فرنسا وخلال المؤتمر كان هنالك نشاط بحيث يعرف كل وفد الآخرين على
طبق من بلاده، وطبعًا كان هنالك وفد صهيوني مشارك معهم (والتطبيع مش مشكلة).
خلال
النشاط قدم الوفد الصهيوني الفلافل كطعام "إسرائيلي"، فتقدم أعضاء وفدنا
(السلطوي) وتصدو للصهاينة وأفهموا الحاضرين أن الفلافل طعام وطني فلسطيني وأن
الصهاينة سرقوه (عادي يا عمي سرقوا البلاد مع الطبيخ وين المشكلة؟!).
طبعًا
الجماعة كانوا يشرحون أمامي بكل حماسة وفخر كيف تصدوا للصهاينة وفضحوا كذبهم،
ومثلهم قصص كثيرة مما قد يمر علينا مثل من تصر على المشاركة في "فاشن
شو" (عرض أزياء) لكي ترفع من اسم فلسطين، أو يشارك في مهرجان غنائي ليرفع من
اسم فلسطين، أو يناضل من أجل شرح وجهة نظر الشعب الفلسطيني للأجانب.
كل هذه
الأمور مطلوبة بشكل أو بآخر لكنها تبقى أضعف الإيمان، يجب أن يتحلى بها كل فلسطيني
وعربي ومسلم كحد أدنى، وليس دون ذلك ذرة من إيمان أو وطنية.
المشكلة
تكمن في كثرة مجاهدي الفلافل ومجاهدات الفاشن، وذلك ليس إيمانًا منهم بأهمية هذه
الأشكال من المقاومة والجهاد، بل لأنه لا يترتب عليها ثمن كبير (بل لا يوجد ثمن
أصلًا).
وهذا
يذكرني بطفولتي عندما كان علينا نشاط تنظيف باحة المدرسة، كان طالبين يحملان سطل
القمامة والبقية يضعون القمامة في السطل، ولسبب ما كان الطلاب يعتبرون حمل السطل
مهمة أرقى، والكل يريد أن يكون حامل السطل، لكن من سيجمع القمامة؟
والكل
يريد السلامة ويريد أشكالًا من المقاومة والجهاد لا تكلف أثمانًا باهظة، فمن سيحمل
السلاح؟ ومن سيواجه الرصاص بصدره العاري؟ ومن سيقتحم الحدود؟ ومن سيحفر الأنفاق؟
ومن سيدفع ماله ووقته وحياته من أجل التحرير؟
كثرة
مجاهدي الفلافل والفاشن تعني وهنًا وضعفًا في جسد الأمة، ويجب على كل واحد منا أن
يعوّد نفسه على فكرة دفع الثمن، وإلا فإننا لن نغادر مربع الفلافل والفاشن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق