السبت، 16 فبراير 2013

لا تكن ورقيًا ولتكن إلكترونيًا




مثلت ثورة الاتصالات والثورة الإلكترونية قفزة في حياتنا اليومية والعملية، وعلى رأسها العمل الإعلامي الذي تغير وجهه بشكل كامل بفضل الإنترنت ووسائل التواصل الإلكتروني، وبالرغم من توفر هذه الأدوات واستخدام العديدين لها إلا أنه ما زال هنالك قصور بالاستفادة القصوى منها، وسنتكلم اليوم عن أولئك الأشخاص الذين انتقلوا لميدان الإعلام الإلكتروني إلا أنّ أساليبهم لم تتلاءم مع الواقع الجديد وتفكيرهم ما زال ورقيًا ولم يدخل الميدان الإلكتروني بعد.

والحقيقة أنّ الانتقال للميدان الإلكتروني لا يتم بكبسة زر، والمرء بحاجة لتدريب وتعويد لنفسه كما هو بحاجة للتعرف على الإمكانيات التي يتيحها الإعلام الإلكتروني والتعرف على قواعد اللعبة في المجال الإلكتروني والتدرب عليها.

سأحاول هنا أن أضع عددًا من النصائح اللازمة يحتاجها المشتغل بحقل الإعلام من العقل الورقي إلى العقل الإلكتروني:
التخلص من الأوراق والتخلص من العادات الورقية

أولًا، مزق الورقة والقلم: فالكثير بالرغم من استخدامه لأجهزة الحاسوب تجده ما زال يلجأ للورقة والقلم عند الملمات، وإن أراد كتابة مقال أو خطاب أو سيناريو كتبه على ورقة ثم نقله للحاسوب.

عود نفسك على أن تكتب أولًا بأول على الحاسوب، وحتى رؤوس الأقلام اكتبها مباشرة، هذا يوفر عليك جهدًا كبيرًا كما يسرع من عملك وهذا عنصر ضروري في الميدان الإلكتروي الذي لا يرحم البطيئين.

ثانيًا، اكتب المختصر المفيد: فعالم الإنترنت يحوي
كمية هائلة من المعارف والمقالات والكتب والتعليقات، وأهل الإنترنت لا وقت لديهم ليقرأوا مقالات مطولة لأنهم يريدون متابعة كل الكم الهائل من المادة المتوفرة أمامهم.

لذا احرص على كتابة أكبر عدد من الأفكار بأقل عدد ممكن من الكلمات، فبدلًا من أن تكتب "لقد استشهد الشيخ حسن البنا ذلك القائد الكبير والعظيم والأستاذ والمعلم والمؤسس الأول وصاحب الدعوة الفريد برصاص غادر وشرير على يد القتلة المجرمون من اتباع الملك العميل للغرب الملك فاروق"، يمكنك الاكتفاء بالكلمات التي تريد إيصال فكرتك من خلالها "استشهد الشيخ حسن البنا على يد عملاء النظام الملكي المصري بتاريخ 12/2/1949م".

لاحظوا الجملتين أوصلتا نفس الفكرة لكن عدد الكلمات اختلف، وهذا له دور حاسم في عالم الإنترنت، وعادةً فمقالات الرأي يفضل أن يتراوح عدد كلماتها بين 500 و700 كلمة وأن لا تتجاوز الألف كلمة على الإنترنت، فيما قد تتجاوز الألفين كلمة في الصحف المطبوعة.

أحيانًا تكون هنالك مادة كبيرة وبحاجة لشرح وإطالة وهذا لا بأس به، المهم التزم بالقاعدة الذهبية: إذا كان معنى الجملة يستقيم بدون إحدى الكلمات فهي زائدة ولا لزوم لها، واكتب أكبر عدد من الأفكار بأقل عدد من الكلمات.

ثالثًا، تعرف على الميدان الذي تنشر فيه: الفيسبوك ليس مثل المنتدى ولا مثل الموقع الإخباري، فمثلًا يمكنك كتابة مقال بألف كلمة على موقع إخباري أو حتى منتدى، لكن على الفيسبوك لن يقرأه أحد تقريبًا، إن كتبت مقالًا مطولًا وتريد من أهل الفيسبوك قراءته اكتب ملخصًا له على صفحتك بالفيسبوك بطريقة جذابة وتغري القارئ بالاطلاع على كامل المقال ثم ضع رابط الموضوع ليكمل من أراد الاستفادة وإكماله (يفضل أن يكون طول المقال على الفيسبوك بحدود الـ300 كلمة وأن لا يتجاوز الـ750 كلمة).

رابعًا، استخدم الرسائل البصرية: يقولون أن الصورة تكون أبلغ من ألف كلمة وهذا غالبًا صحيح، أدعم ما تكتبه بصور إما تشرح ما تكتبه وإما تلخص أهم أفكارك أو تعبر عنها، وفي عالم الفيسبوك استخدام التصاميم شيء أساسي، ويمكنك الدمج بين الكتابة واستخدام الصور، فتضع صورة معبرة ورسالتك التي تريد إيصالها للعالم.

عندما تكتب مقالًا وتذكر مصطلحًا تعتقد أنه غريب على القارئ أو معلومة تظن أنها لن تمر على القارئ بسهولة، فبدلًا من أن تكتب شرحًا وتطيل المقال وعلى الأغلب لن يقرأه الأكثرية، يمكنك تدعيم هذا المصطلح بصورة توضحه، مثل كلمة منطار لو وضعت صورتها لعرفها الناس بدون عناء، أما لو أردت شرحها بالكلمات فعلى الأغلب لن يفهموا عليك، وكما يمكنك أيضًا الاستعانة بروابط فيديو توضح الأفكار بشكل أكثر استفاضة.
مقال على استخدام الرسائل البصرية

عندما تريد افتتاح حملة إعلامية تجنب الرسائل الطويلة أو البيانات كثيرة الكلمات، فيكفي في عالم الفيسبوك تحديدًا أن تجهز عدة تصاميم جذابة ومعبرة عن فكرتك يحمل كل تصميم بحدود الـ 25 كلمة، وإن أردت أن تنشر بيانًا على الفيسبوك فيفضل أن لا تتجاوز كلماته الـ250 كلمة.


ومن أهم ما يميز الموقع الإخباري الإلكتروني الناجح هو الأخبار المصورة فلو تكلمت ألف مرة عن الخطر الذي يتهدد المسجد الأقصى فلن تجد تفاعلًا معه مقارنة بفيلم أو صورة تظهر مستوطنين يقيمون شعائرهم الدينية في ساحاته.


خامسًا، الإنترنت تفاعلي: اليوم جميع المواقع الاجتماعية والإخبارية تتيح الإمكانية للزوار التعليق على المادة المنشورة على الصفحات، والكثير من الكتاب أو أصحاب الحملات الإعلامية يرتكبون الخطيئة الكبرى في عالم الإنترنت ألا وهي تجاهل تعليقات الزوار.

الرد على الزوار سواء كان يمدحون المادة أو ينتقدونها هو ضرورة لكي يكون لك متابعين وبأن يهتموا بجديدك، وهي فرصة لتوضيح نقاط كانت غامضة بما طرحته وترك المجال للمنتقدين بدون الرد عليهم يضعف من رسالتك وربما يهزها.

سادسًا، انتبه للمكان والزمان: على عكس الصحيفة أو التلفاز حيث يصل نفس الكلام إلى نفس الناس وبنفس الوقت، فلا مراعاة للاختلافات العمرية للمشاهد أو القارئ، ولا مراعاة لأوقات فراغهم، فالإنترنت يراعي كل ذلك.

اختيار المكان والزمان المناسب للنشر من أهم عوامل النجاح
فعليه تستطيع اختيار جمهورك الذي تخاطبه وتتوجه إليه بمكان تواجده سواء على الفيسبوك حيث توجد الفئات العمرية الأقل سنًا أو المنتديات حيث يصلها عادة قراء عاديون أو طلاب جامعات يبحثون عن معلومة أو المواقع الإخبارية والبحثية المختصة حيث يصلها المختصون وأساتذة الجامعات والمفكرون (أتكلم هنا عن الصفة السائدة لكل من هذه الأماكن وإلا فأنت ستجد الكل عليها).

كما يجب عليك أن تنتبه لأوقات الذروة وخاصة في المواقع الاجتماعية والفيسبوك حتى تضمن أكبر عدد من القراء، تذكر على الإنترنت أنت الكاتب والمحرر والناشر والمعلن.

سادسًا، التنافسية عالية: عندما تكتب في صحيفة فالقارئ مضطر لأن يقرأ لك فعدد الصفحات محدود، أما على الإنترنت فلديه خيارات لا تنتهي، لذا تجنب تكرار الأفكار التي يكتب فيها الآخرون، وتجنب تكرار نفسك، باختصار أسأل نفسك قبل أن تكتب مقالًا أو تفتح صفحة على الفيسبوك أو تبدأ حملة إعلامية: ما هو الجديد الذي سأقدمه ولم يقدمه غيري من قبل؟

من الآفات الورقية المنتشرة اليوم في عالم الإنترنت أنك تجد نفس الخاطرة أو نفس القصة أو نفس الخربشة (شبه المقالة) تنتشر بكل مكان، فإن بحثت عن موضوع مثل معركة حطين سيحضر لك جوجل عشرات آلاف النتائج وكلها تقريبًا لنفس القصة وبنفس الكلمات ونفس الصياغة ونفس الأخطاء اللغوية والتاريخية، لماذا؟ لأن الكثير من رواد الإنترنت هم ماكنات تصوير يتقنون النسخ واللصق من مكان لآخر.

والنسخ واللصق ليس سيئًا دائمًا لكن عندما يلصق الشخص بدون تصحيح للأخطاء الموجودة، أو عندما ينسخ بلا انتقاء (اللي بلاقيه قدامه بطوله) فهذه كارثة.

 
سابعًا، تخلص من العادات الورقية: عند التنسيق لحملات إعلامية تجد الكثير يدعو لاجتماع إلكتروني على صفحة فيسبوك أو منتدى، ويحدد موعدًا للاجتماع وينتظر حضور الجميع ليفتتحوا النقاش، وغالبًا لن يأتي الأكثرية وسيفشل الاجتماع بتحقيق المراد منه.

الإيميل والشات ليسا مثل الهاتف
يا إخوان انتبهوا! فعندما تكتب على منتدى فالكلام لن يذهب سيبقى موجودًا افتح موضوع للنقاش والكل في وقت فراغه سيمر ويدلي برأيه، وبهذه الطريقة تستطيعون إنجاز كل شيء قبل موعد الاجتماع الذي حددتموه (الأسبوع القادم مثلًا).

تذكروا أن الإيميل والدردشة (التشات) ليسا مثل الهاتف، فلا يشترط أن يكون الشخص على الطرف الآخر موجودًا حتى تكلمه، أوصل له رسالتك وعندما يأتي يجيبك، هذه أدوات تفيدكم بالتنسيق وتسريع العمل، فلا تستمروا بالتفكير بالعقلية القديمة.

هذا باختصار أبرز ما يجب الانتباه له في عالم الإنترنت اليوم حتى نستفيد من الأدوات التي يوفره، الكثير منا لن يتمكن من التكيف معها بسرعة لكن يجب أن يبدأ حتى يصل بإذن الله.

هناك تعليقان (2):

أم كوثر يقول...

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم على هذه التوضيحات الهامة:
حتى مع رقي التكنلوجيا ودخول عالم النت قد لانستغي على الورق ، أحيانا تأتيك فكرة في أي وقت ما عليك إلا أن تأخذ ورقة وقلم وتدونها قبل أن تطير ، لتفادي الأخطاء عند الكتابة مبارشة ونضطر أحيانا للتعديل ، فالأفضل كتابة مسودة وتصحيح الأخطاء قبل نقلها للنت ، والله أعلم
- الإختصار مهم لكن أحيانا تحتاج لتفصيل حتى تبلغ مرادك من الفكرة
- الفيسبوك يعطيك عناوين عريضة ويطلعك على الفكرة لكن لا يفصل فيها
- المهم في المقال أن يكون مركز لتفادي الإطناب أو التكرار
-الصورة هي عنوان المقال فحين تراها تدرك مراد الكاتب ، هي جزء مهم من المقال
- التصاميم مهمة لكن للأسف الكثير لا يجيد القيام بها ، وقد أثبتت فعاليتها أكثر من المقال أبلغت الفكرة في وقت وجيز ،
- مكانة الكاتب لها دور مهم فإن كان الشخص الذي يكتب على الفيس معروف وله صيت الكل يتنافس للرد على البوست تبعه ، والعكس صحيح حتى ولو كان البوست : صباح الخير :)
في حين يتجاهلون كلمات معبرة أو أفكار هامة لأن صاحبها مغمور أو دخل بإسم مستعار
صحيح عند فتح صفحة على الفيس ضروري أن يرسم الهدف لكن كما ذكرت ُ سلفا اشهارها يعتمد على إسم صاحبها، وحتى ما يُعرض فيها ، مع التجديد والإبداع في الأفكار ...

ياسين عز الدين يقول...

حياك الله أختي الكريمة، ملاحظات جميلة واتفق مع أغلبها.
بالنسبة للاستغناء عن الورق ففي بداية كتابتي كنت اكتب رؤوس الأقلام على الأوراق ثم استغنيت عنها مع الوقت والتدريب.
هل التفصيل يخدم الفكرة؟؟ أحيانًا كثرة التفاصيل تضيع القارئ، ويمكن تأجيلها لموضوع أو مقال لاحق حتى لا يتشعب الكلام وخاصة التفاصيل التي لا تتعلق بجوهر الموضوع.
وأما البقية فاتفق معك.
واعتذر عن التأخر بالرد عليك.