السبت، 10 نوفمبر 2012

ماذا لو كانت هذه الصورة في غزة أو الضفة؟



ربما لم تمر صورة هذا الشاب (مالك محيسن – 17 عامًا) على الكثير من الناس بالرغم من أنها نشرت بوسائل الإعلام المختلفة قبل بضعة أيام، حيث أن الشاب تعرض للضرب المبرح على يد قوات المستعربين الصهيونية في مخيم شعفاط، حيث أن القوة انكشفت وتعرض اثنين من أفرادها للطعن بسكين فيما أصيب آخرون بالحجارة.
 
وانتقامًا مما حصل ألقي القبض على الشاب مالك بتهمة أنه طعن أحد الجنود، ولا أدري مصداقية الصهاينة ولا مزاعمهم، لكن كما نرى في الصورة أعلاه فقد قاموا بالواجب الإنساني (شهوة الانتقام الأعمى)، وحطموا وجهه ويمكن أن نرى صورته أدناه وهو مكبل اليدين وعيناه متورمتين إلى حد لا يستطيع فتحهما (هذا إن لم يصب بأضرار دائمة)، أثناء اقتياده إلى المحكمة وكأن تحطيم وجهه لا يكفي (أو كما يقول المثل العامي: فوق حقه دقه).


طبعًا لا يهم إن كان طفلًا (حسب العرف القانوني)، ولا يهم إن كان فعلًا هو الشخص الذي نفذ عملية الطعن (وللعلم فقط جراح الجندي المطعون طفيفة كما يقول الصهاينة)، وهي ليست أول حادثة ولن تكون الأخيرة، فهذه ممارسات الاحتلال التي تستبيح دم الأسير في لحظات اعتقاله الأولى بمعنى الكلمة، فقد يقتل من الضرب والتنكيل ويقال "قتل في اشتباك عسكري"، والصورة أدناه تظهر الشهيد صبحي أبو جامع من خانيونس وقد ألقي القبض عليه حيًا مع ابن عمه مجدي بعد اختطافهما (مع محمد بركة وجمال قبلان) حافلة صهيونية مستخدمين سكاكين وحقيبة فيها متفجرات مزيفة (عام 1984م).


كان الأربعة تتراوح أعمارهم بين 18 و20 عامًا ويريدون مبادلة الأسرى بركاب الحافلة، لكن لم يوفقوا واستشهد اثنين وألقي القبض على صبحي وابن عمه أحياء، وقال الصهاينة أنهما قتلا خلال العملية، لكن الصورة فضحت مزاعم الاحتلال فقد كانا حيين يرزقان وبصحة جيدة عند الاعتقال، وبعد سلسلة تحقيقات تبين أن محققي الشاباك ضربوهما حتى الموت باستخدام الحجارة وقضبان الحديد، ولم يعاقب أحد بل أن أحد أبرز القتلة والمدعو يهود ياتوم أصبح فيما بعد عضو كنيسيت وقال في مقابلة صحفية: "لقد هشمت جمجمتهما بيدي وأنا فخور بذلك".

وإن كانت هذه الجريمة فضحت بصورة فغيرها المئات قبلها وبعدها لم توثق بصور، ومرت أكاذيب الصهاينة بدون حسيب أو رقيب، وتظهر الصورة أدناه الشاب صلاح الزغير (18 عامًا) وقد طعنه جنود أحد الحواجز بين بيت لحم والقدس في بطنه قبل ستة أشهر، وزعموا يومها أنه حاول طعن جنود الحاجز ثم تعثر ووقع على السكين (من يصدق أن مثل هذه الجروح ناجمة عن وقوع فوق سكين ملقاة على الأرض فليقنعي!!).


وفي الفيديو التالي نرى رجال الشرطة الصهاينة وقد تكالبوا على الطفل حسن العفيفي (12 عامًا) في باحات المسجد الأقصى، ونرى كيف ضرب رأسه بوحشية في الأرض، وعند الثانية الثامنة نرى شرطية تطرد المصور (حتى ترتكب الجريمة بعيدًا عن أي توثيق) وتستنجد بشرطي آخر ليساعدها بطرد المصور (حصلت الحادثة قبل حوالي الشهر).


وإن كان في قضية استشهاد أبناء العم أبو جامع حصلت لجنة تحقيق وفضيحة إعلامية، فإنه ومنذ انتفاضة الأقصى فلم تشكل لجان تحقيق لأغلب عمليات التنكيل المماثلة والتي أفضى بعضها إلى القتل، حتى تلك الحوادث الموثقة بالصور مثل حادثة صلاح الزغير أو مالك محيسن أو حسن العفيفي، (وللعلم صلاح الزغير أطلق سراحه بعد شهر من طعنه ومحاكمة بتهمة محاولة الطعن بعد أن ثبتت براءته!!)

وإن كان تصرف الصهاينة متوقعًا فمن سرق بلدًا وهجر الملايين وقتل مئات الألوف، فبكل تأكيد لن يتوانى عن التستر على قتلة أو مجرمين هنا أو هناك، لكن المستهجن والمستغرب هو السكوت الإعلامي الفلسطيني والعربي وكأن هذه الأفاعيل هي ممارسات عادية ولا عيب فيها.

لقد رأينا صورًا لضرب وانتهاكات أقل منها في غزة ورام الله، ضرب لمتظاهرين ومتظاهرات، لكنها أخذت حيزًا إعلاميًا واسعًا ونقاشات واستهجان واستنكار (وهذا جميل ومطلوب)، لكن لماذا السكوت المريب عن انتهاكات الاحتلال؟

الإجابة دومًا جاهزة الاحتلال هو العدو ومتوقع منه مثل هذه الأمور، أما نحن فيفترض أننا إخوة ولا يجب أن نفعل ذلك، والبعض سيقول أن السبب هو الانقسام وأن كل حزب وجماعة أصبح همه محاربة الحزب المنافس فيما أصبحت مقاومة الاحتلال في المرتبة الأخيرة (هذا إن كانت موجودة أصلًا على سلم الأولويات).

وهذه أسباب مقبولة ووجيهة لكن هنالك سبب آخر اعتقده أكثر أهمية، وهو أننا اعتدنا على جرائم الاحتلال لدرجة أصبحت بنظرنا طبيعية، لقد تأقلمنا وتعايشنا معها، وأصبحت أمور عادية وطبيعية ومن روتين الحياة اليومية في فلسطين، فلم الاعتراض ولم المعارضة ولم الاحتجاج؟ ألا تتفقون معي بأن هذا اسمه تطبيعًا مع جرائم الاحتلال (فتعريف التطبيع هو جعل العلاقات بين طرفين طبيعية ومقبولة، ونحن نتعامل مع جرائم الاحتلال على أنها طبيعية ومقبولة!!)، وإن كان التطبيع مع الاحتلال جريمة فلماذا لا نعتبر التطبيع مع جرائم الاحتلال جريمة؟

ملاحظة: لمن لا يعرف قوات المستعربين، فهي قوت خاصة صهيونية تتنكر في لباس مدني فلسطيني لكي تندس بين المواطنين الفلسطينيين وتقوم باعتقال أشخاص مطلوبين لها، أو لمفاجأة الفتية الذين يرشقون الحجارة بعد الدخول بين صفوفهم والتظاهر بأنهم يرشقون معهم الحجارة.

يظهر الفيديو أدناه صورًا لقوات مستعربين وهي تقوم باعتقال عدد من الشباب داخل مطعم بمدينة رام الله، وكما يظهر بالفيديو يدخل اثنين منهما ليتأكدا من وجود المطلوبين، ثم يدخل ثالث بزي مدني ويقوم بإمساكه قبل أن يسارع جنود الاحتلال للدخول من أجل السيطرة على المطعم، طبعًا نلحظ المعاملة "الإنسانية" للشباب.



هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

مهما اختلقوا من أكاذيب ومزاعم فالشواهد أثبتت تورطهم في العديد من الجرائم التي مارسوها في حق الفلسطينيين ، اغتيال الناشطة راشيل أرادوا أن يقبروه لولا زملاء لها شاهدوا كيف أن آلة الحقد داستها دون رحمة ، إن لم يوثق العديد من الجرائم التي اقترفتها آياديهم الآثمة ، فالله وثق كل شيء عنده ويوم الوقوف أمام محكمة إلاهية يقتص المظلوم من الظالم ، رغم أن أكبر ظلم حين تغتصب الأرض والمقدسات والتنكيل بأصحاب الأرض من طرف حفنة من المرتزقة وشذاذالآفاق

ياسين عز الدين يقول...

كلام جميل والنعم بالله.
لكن نذكر بقوله تعالى واعدوا لهم ما استطعتم من قوة، وللأسف نحن لاهون في صراعات داخلية تعمينا عن هذه الانتهاكات، الكثير منها موثق لكن لا يهتم بها الإعلام إلا كان مرتكبها السلطة أو حماس، أما عندما يكون المجرم صهيونيًا فهي مجرد أحداث عابرة لا وزن لها.

غير معرف يقول...

والله لم أقصد ذلك ، لم أقصد أن نقتصر على التوثيق فقط ، بل ماذا يجدي التوثيق بلا نصرة وبلا فضح ممارسات الأحتلال
الواجب أن نكشف عنها النقاب حتى يعي العالم واجبه اتجاه فلسطين
فقط ذكرت من لم يوثق فهو موثق عند الله ، والمهم هو نبذ الخلافات والعمل على رأب الصدع والإهتمام بما يجمع الكل
مواضيعكم هادفة جزاكم الله خيرا

ياسين عز الدين يقول...

حياك الله أخي.
كلامك جميل وأتفق معك، وفكرتك في مكانها.
وشكرًا لك على المرور وإثراء الموضوع.