سيفرج عن الأسير رامي سليمان يوم غد الإثنين من
سجون الاحتلال، وقد أمضى منذ عام 2001م ما يقارب العشرة أعوام في السجون (أغلبها
في سجون الاحتلال)، ونتساءل هل ستقوم سلطة التنسيق الأمني بواجب تكريمه كما كرمت
الأسير عمر أبو شلال أحد أبطال الإضراب عن الطعام في سجون الاحتلال، والذي اعتقلته
بعيد الإفراج عنه من سجون الاحتلال؟
أو مثلما كرمت الأسير سفيان جمجوم والذي أمضى ما
يزيد عن 15 عامًا في سجون الاحتلال، والذي تستضيفه الأجهزة الأمنية في زنازينها بين
الحين والآخر؟ أم مثل الصحفي والأديب وليد خالد الذي أمضى ما مجموعه 15 عامًا في
سجون الاحتلال، لتستضيفه أجهزة السلطة الأمنية بعد أسبوعين من الإفراج عنه في شهر
أيلول الماضي، وقدمته للمحاكمة بتهمة سُجِن وحوكم عليها في سجون الاحتلال.
ولا ننسى الأسير المحرر ضياء شحادة الذي حكمت
عليه محاكم السلطة بالسجن ثلاثة شهور بتهمة مساعدة مطلوبين للاحتلال قبل حوالي عشر
سنوات، وهي نفس التهمة التي سجن وحكم عليه بسببها عند الصهاينة عام 2004م، ونتساءل
إذا كانت محاكم الاحتلال الصهيوني تحتسب مدة السجن لدى السلطة وتخصمها من مدة الحكم
على الأسير (في حال كانت نفس التهمة)، فلماذا لا تقوم بذلك محاكم السلطة؟
وهذه ممارسات قديمة تعود إلى بدايات تأسيس
السلطة، فالشهيد محمود أبو هنود حكم عام 2000م بالسجن 12 عامًا بتهمة تعكير علاقات
السلطة مع الاحتلال الصهيوني، بسبب العمليات الاستشهادية التي خطط لها، ولا مجال
لإحصاء وذكر كافة الأمثلة.
وحسب إحصائية أجراها الأسرى الإداريين في سجون
الاحتلال نجد أن 85% منهم قد وجدوا ملفاتهم الأمنية عند أجهزة السلطة قد سبقتهم
إلى جهاز الشاباك، ويبدو أن الأجهزة الأمنية لا تكتفي بما تقدمه من خدمة للاحتلال
عندما تقدم المعلومات مجانًا للاحتلال، وتبيع أبناء شعبها ببلاش إلا ربع (حسب التعبير
الدارج) بل تقدم خدمة "ما بعد البيع"، وتكون مستعدة لاستقبال الأسرى
المفرج عنهم.
فإن كانوا معتقلين إداريين فتعيدهم للتحقيق محاولةً
إجبارهم على الاعتراف بما فشل الصهاينة بانتزاعه منهم (أغلب المعتقلين الإداريين
لم يستطع الصهاينة اتنزاع معلومات تدينهم فقاموا بتحويلهم للاعتقال الإداري)، وإن
كانوا حوكموا لدى الاحتلال بتهمة حيازة سلاح للمقاومة أو نقل الأموال لصالح
المقاومة أو حتى لصالح العمل الدعوي، فتعيد التحقيق معهم تمهيدًا لإعادة محاكمتهم
تأكيدًا على "السيادة الفلسطينية" التي لا تعترف بمحاكم الاحتلال!!
طبعًا من يرى مستوى التنسيق الأمني العالي بين
الأجهزة الأمنية الفلسطينية وأسيادهم الصهاينة يستحيل أن يقتنع بأن ما يحصل من
إعادة الاعتقال وإعادة التحقيق ناجم عن سوء تنسيق أو عن فوضى غير مقصودة، فما نراه
هو سياسة الباب الدوار والذي يهدف إلى استنزاف الأسير وأهله نفسيًا وإرهاقه، فمن
سجون الاحتلال إلى سجون السلطة فالعودة لسجون الاحتلال من جديد وهكذا، ومن عرف
تجربة الاعتقال يعلم أن أسوأ أيام الاعتقال هي الأيام الأولى، لذا يحرص الصهاينة
وحلفائهم في الأجهزة الأمنية على استنزاف الشباب نفسيًا من خلال معاودة كرة الاعتقال
من جديد.
ولعل ما حصل مع الأسير رامي سليمان ومن قبله حسن
الصفدي وأيمن الشراونة وغيرهم من مساومة داخل سجون الاحتلال: "سنفرج عنك لكن
مقابل إبعادك إلى الخارج"، يعطينا فكرة عن ما يراد من هذه السياسة، دفع
الأسير والمناضل إلى اليأس وبيع الوطن وقبول الهجرة إلى الخارج بأي طريقة كانت،
وبالتالي تفريغ الضفة الغربية من الكوادر المناضلة والقادرة على تحريك الشارع، وإن
لم تستطع إبعادهم وتطفيشهم فعلى الأقل تحطيمهم نفسيًا ومعنويًا.
ورفض رامي سليمان الخضوع للابتزاز بالرغم من
انتظار الأجهزة الأمنية له لتعتقله بعد الإفراج عنه من سجون الاحتلال، هو تحدي
وصمود من نوع آخر، فهل نتركه يواجه مصيره لوحده؟ هل نترك الأجهزة الأمنية تمارس
سياستها القذرة بدون رقيب ولا حسيب؟
السلطة أثبتت أن آخر همها هو الأسرى فمن قضية
يرفعها منظمو أكبر سدر مفتول على شقيقة الأسير سامر العيساوي، إلى مقاطعتها مؤتمر
نصرة الأسرى الدولي في تونس، إلى اعتقال الأسرى المحررين، لكن سؤالي لأهل الضفة:
السكوت علامة الرضا، فهل أنتم راضون!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق