كما نعلم جميعًا فالكيان الصهيوني قائم على أرض
الشعب الفلسطيني المسروقة، وبالتالي فالإنتاج الصهيوني مبني على ممتلكات مسروقة من
أبناء الشعب الفلسطيني، وهو مغتصب ومعتدي، مما يجعل الشراء منه والتعامل الاقتصادي
معه من المحرمات مثلما هو محرم الشراء من اللصوص والمغتصبين لحقوق وأملاك الناس،
وفوق ذلك هو محرم لأن في ذلك عون للصهاينة على التنكيل بالشعب الفلسطيني ومخططاتهم
الآثمة لتهويد المساجد الإسلامية وأولها المسجد الأقصى، كما أنه من المحرم العمل
لديهم في بناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري ولنفس السبب.
إلا أنه وبحكم أن الشعب الفلسطيني واقع تحت
الاحتلال الصهيوني وأنه غير مسموح له التجارة مع الخارج والعالم الخارجي بالشكل
الطبيعي، وغير مسموح له بامتلاك وسائل الإنتاج التي تتيح له الاستقلال بشكل تام عن
الاقتصادي الصهيوني، فإنه مضطر للتعامل مع الاحتلال الصهيوني تجاريًا وماليًا، كما
أن انعدام فرص العمل قد تفرض عليهم العمل لدى الصهاينة في أعمال مختلفة، والإباحة هنا
هي بحكم الاضطرار، ويجب على المضطر مراعاة قدر الضرورة؛ لأن ما أبيح للضرورة يقدر
بقدرها وليس أكثر منها.
وما نراه في الواقع وتحت مسمى "الضرورات
تبيح المحظورات" أن هنالك توسعًا في استهلاك المنتجات الصهيونية عند الكثيرين
بدون أي ضوابط أو حواجز، كما أن هنالك توسعًا في تقبل العمل لدى الصهاينة إلى أن
وصل ببعضهم العمل في مشاريع بناء المستوطنات وجدار الفصل العنصري.
وبعيدًا عن ما يسوقه البعض من مبررات لهذا
الانفتاح غير المقبول على المنتجات الصهيونية والعمل لدى الصهاينة، نريد حكم الشرع
في الأمر، فالشريعة وجدت لتنظم حياتنا كلها وليست فقط للصلاة والصيام والقيام،
وليست فقط لإقامة الحدود وقطع أيدي اللصوص وجلد شاربي الخمور، أريد تلخيص المسألة
بعدة أسئلة تضع النقاط على الحروف:
1-
هل يجوز شرعًا شراء منتج صهيوني في حال وجود بديل عنه محلي أو مستورد؟ حتى
لو كان هذا البديل أقل جودة؟ وما هو رأي الشرع فيمن لا يقبل بديلًا عن المنتج
الصهيوني؟
2-
هل شراء المنتجات المستوردة من تركيا أو الصين أو حتى أوروبا وأمريكا أولى
من شراء المنتج الصهيوني؟ أم كلا الأمرين سواء في عين الشرع؟
3-
هل يجوز شراء الكماليات (مثل الكوكا كولا والشوكولاتة) من المنتج الصهيوني
في حال انعدم البديل؟ وما هو تعريف الشرع للمنتجات الكمالية؟
4-
البعض يقول أن أصحاب الصناعات الفلسطينيين جشعين ومنتجاتهم ليست ذات جودة،
فعند التخيير بين صاحب مصنع فلسطيني جشع وصاحب مصنع صهيوني أقل جشعًا، فمن نختار؟
أنختار الفلسطيني عملًا بأصل التحريم مع الصناعة الصهيونية؟ أم نختار الصهيوني
أخذًا بأقل الاضرار؟
5-
البعض يقول بما أن التاجر الفلسطيني يستورد (بحكم الاضطرار) من الصهاينة،
وأن المصانع الفلسطينية تستورد المواد الخام من الصهاينة (بحكم الاضطرار أيضًا)،
فلا فرق بين الشراء منهم أو الشراء من المصانع والمحلات التجارية الصهيونية. فهل
يستوي الأمرين في حكم الشرع؟
6-
فيما لو عرض على شاب فلسطيني فرصة عمل في أحد المستوطنات بأجر مرتفع
قليلًا، مقابل فرصة عمل بأجر عند غير الصهاينة (مثل أحد أصحاب العمل الفلسطينيين
أو أن يزرع أرض أسرته)، فهل يجوز له العمل في المستوطنة بحكم أنه مضطر لأخذ الأجر
المرتفع؟
البعض سيؤكد على ضرورة أن يلتزم المنتجون الفلسطينيون
بالانتاج وفق معايير الجودة، وأن يجد المسؤولون البدائل المناسبة والجيدة، وأن
تحرير فلسطين كفيل بزوال أصل المشكلة، وهذا كله كلام سليم لا نختلف حوله، لكن
السؤال هو عنا نحن كمستهلكين ومواطنين ماذا نفعل في هذه المواقف؟
وأخيرًا ارجو أن أجد لديكم الإجابات من منطلق
شرعي، وليس رأي المجتمع وما يتداوله الناس من أسباب مختلفة بعضها شرعية وبعضها ليس
كذلك، وارجو ممن يجيب أن يضع التأصيل الشرعي لرأيه وإجابته حتى تكتمل الفائدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق