الجمعة، 27 يوليو 2012

الصهاينة لا ينوون هدم المسجد الأقصى


 
العنوان ليس كما تظنون خدعة أو مزحة بل هي الحقيقة كما سأثبت لاحقًا، فطوال سنوات مضت والناس يقال لها أن الصهاينة يحفرون تحت المسجد الأقصى وفي نيتهم هدمه من خلال زعزعة أساساته، والمسلمون طوال هذه السنوات يهددون ويتوعدون الصهاينة بعقاب شديد في حال هدم المسجد وردة فعل عنيفة. 

حسنًا لقد خدعكم الصهاينة وأشغلوكم في جبهة وهمية فيما هم ينفذون خططهم الخبيثة على جبهة أخرى، وبدون عقبات أو عوائق حقيقية، فالصهاينة لديهم هدف بعيد المدى قطعوا شوطًا طويلًا باتجاهه، ألا وهو الاستيلاء على المسجد الأقصى كما هو، وبدون هدم حجر واحد فيه، وتحويله إلى هيكلهم المزعوم، وذلك من خلال خطوات تدريجية نراها تتحقق أمامنا دون إدراك أكثر المسلمين لخطورتها العظيمة.


استيلاء الصهاينة على المساجد والمقامات الإسلامية وتحويلها إلى كنس يهودية، هي ممارسة ثابتة مثلما فعلوا مع مقام يوسف في نابلس أو يفعلون مع مسجد بلال (قبة راحيل) في بيت لحم أو مسجد النبي صموئيل شمال القدس، أو المسجد الإبراهيمي الذي يتقاسمونه بالقوة مع المسلمين.

يعتمد الصهاينة سياسة فرض الحقائق على الأرض وبشكل تدريجي، وكل مرة يتقدمون خطوة صغيرة فإن لم يحتج أحد يبدأون بالتفكير بالخطوة التالية، وإن حصلت ضجة وثورة تراجعوا وكرروا الخطوة بعد فترة، ثم يكررونها مرة ثالثة ورابعة وخامسة حتى يمل الناس من الاحتجاج ويتطبعوا على الأمر الواقع.

بدأت هذه الخطوات منذ احتلال القدس عام 1967م عندما رفع الصهاينة علمهم فوق قبة الصخرة وسط المسجد الأقصى (أي أنه أصبح تحت السيادة اليهودية) ثم أنزلوه بطلب من السفير التركي في تل أبيب، وبنفس الوقت أرسلوا الجرافات وهدمت بضع منازل في حي المغاربة الملاصق للجدار الغربي للمسجد الأقصى (الذي يسميه الصهاينة حائط المبكى)، وبعدما لم تصدر ردود فعل أكملوا في اليوم التالي هدم كامل الحي وحي الشرف المجاور وحولوا الحيين إلى ساحة حائط "المبكى" كما يسميه الصهاينة، وأصبح مكان عبادة لليهود ملاصقًا للمسجد الأقصى.

وتتابعت بعدها الخطوات المختلفة وأبرزها الحفريات أسفل المسجد الأقصى، وهنا يجب التأكيد على أن الحفريات لا تهدف إلى هدم الأقصى كما قد يظن البعض، لأنه أقيمت داخل هذه الأنفاق متاحف للتاريخ اليهودي وكنس يهودية، فإن وقع الأقصى فستهدم كل هذه المنشآت.

أما تصريحات المسؤولين الصهاينة حول خشيتهم من نسف الأقصى أو سقوطه أو تهاوي أجزاء منه فلها هدفين أساسيين: الأول تبرير تدخلهم في شؤون المسجد بحجة حمايته من الانهيار بفعل ما يزعمونه من إهمال الفلسطينيين أو هجمات "إرهابية" يهودية مفترضة، والهدف الثاني هو التغطية على الهدف الحقيقي لدولة الاحتلال وهو الاستيلاء على الأقصى، فبينما ينشغل الناس بالتفكير بماذا يفعلون لو هدم الأقصى تقوم دولة الاحتلال بتهويده تدريجيًا.

أواخر التسعينات وبعدما قامت الحركة الإسلامية ومؤسسة الأقصى بترميم المصلى المراوني أسفل المسجد الأقصى (عام 1996م) أصدرت سلطات الاحتلال قرارًا بمنع دخول مواد البناء والترميم إلى داخل الأقصى إلا بإذن مسبق (وهذا الإذن يحتاج لوساطات من الحكومة الأردنية لا تنجح في غالب الأحيان).

وعندما زار شارون المسجد الأقصى عام 2000م في ذكرى ما يسمى بخراب الهيكل، اندلعت انتفاضة الأقصى كما نعلم جميعًا، ولحد ذلك التاريخ كان حراس المسجد الأقصى التابعين لوزارة الأوقاف هم من يحددون معايير السماح للسياح بدخول المسجد الأقصى، وكان دخول المسجد الأقصى ممنوع على اليهود، ولا يدخلونه إلا كرجال أمن وشرطة أو متخفين على هيئة سياح أمريكان وأوروبيين.

بعد انتفاضة الأقصى اتخذت سلطات الاحتلال عدة خطوات:

أولًا: أصبحت شرطة الاحتلال هي المتحكمة بدخول السياح وليس حراس المسجد.

ثانيًا: منعت دخول أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة إلى القدس والصلاة بالأقصى إلا بتصاريح لتتحكم بالأعداد.

ثالثًا: توسعت في سياسة منع دخول أعمار معينة إلى المسجد الأقصى وفي أوقات مختلفة، من أجل التأكيد مرة 
أخرى على السيادة الصهيونية على المسجد الأقصى.

رابعًا: بدأ اليهود يدخلون علنًا إلى المسجد الأقصى، وفي البداية أثار ذلك احتجاج المواطنين، لكن مع تكرارها أصبحت أمرًا معتادًا، بل وأصبح المتدينون اليهود يدخلون الأقصى بملابسهم اليهودية الواضحة للعيان، وفي الشهور الأخيرة أصبح منظرهم يتجولون في الأقصى أمرًا عاديًا، بالإضافة إلى وفود جنود الاحتلال الذين يأتون من أجل "السياحة" ضمن عملية التعبئة العقائدية لهم، وليس ضمن مهمات قتالية أو أمنية.

خامسًا: توسعت سلطات الاحتلال بسياسة اصدار أوامر قضائية بمنع مواطنين فلسطينيين من دخول الأقصى، مع التركيز على النشطاء من رواد الأقصى وكل من يلعب دورًا في التصدي لجماعات المستوطنين الذين يدخلون المسجد والتحريض عليهم، وشملت الشيخ رائد صلاح والشيخ عكرمة صبري.

سادسًا: وفي مقابل ذلك تقبل سلطات الاحتلال بتنظيم زيارات استعراضية لشخصيات عربية وإسلامية، كمكافآت سياسية تقدمها إلى شركائها في "عملية السلام"، تأكيدًا على السيادة الصهيونية، وأنها تسمح للعربي "الطيب" بدخول الأقصى مقابل منع العربي "السيء" ، بمعنى آخر: "نحن (أي اليهود) أهل البيت نسمح بدخوله لمن نشاء ونمنعه عن من نشاء".

سابعًا: وفي خطوات منسقة مع سلطات الاحتلال يحاول بعض المتدينين اليهود إقامة الصلوات داخل المسجد الأقصى، يليه تصدي المصلين المسلمين لهم، ثم قيام شرطة الاحتلال بعد ذلك بإخراجهم من الأقصى بطريقة مسرحية ومفتعلة.



هذا الوضع الحالي في المسجد الأقصى، والخطوات التالية للاستيلاء على المسجد الأقصى هي: تثبيت حق اليهود في الصلاة داخله، وبعدها سيقولون لا يمكن الصلاة بدون منشآت وسيقوموا ببنائها، ثم ستكون هذه المنشآت سببًا للاحتكاك وسيقولوا وقتها لنقسم المسجد الأقصى بين المسلمين واليهود كما هو الواقع الآن في المسجد الإبراهيمي، وعلى المدى البعيد تخطط سلطات الاحتلال للاستيلاء بشكل كامل على الأقصى، والسماح بدخول المسلمين له فقط كسياح دون الصلاة فيه.

كل من يظن أن اليهود ينتظرون الفرصة لهدم الأقصى وبناء الهيكل مكانه فهو مخطئ، فالصهاينة لا ينتظرون الفرص بل يصنعونها، وما يقوم به وبشكل حثيث هو الزحف تدريجيًا لإيجاد موطئ قدم لهم داخل المسجد الأقصى، وكل تصرفاتهم وكل خطواتهم على الأرض تسير بهذا الاتجاه، وقد قطعوا شوطًا كبيرًا نحو هذا الهدف، فهل ندرك طبيعة مخططاتهم وأهدافهم؟

ليست هناك تعليقات: